في الـ23 من يوليو 1970م، خاطب حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ شعبه من مدينة صلالة، بعد تسلمه زمام الحكم في البلاد، قائلًا: سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل.
وقال جلالته في بيانه الأول: “كان وطننا في الماضي ذا شهرة وقوة، وإن عملنا باتحاد وتعاون فسنعيد ماضينا مرة أخرى، وسيكون لنا المحل المرموق في العالم العربي”.
واليوم وبعد أربعين عامًا من مسيرة البناء والعمل المضني، وفي مدينة صلالة بمحافظة ظفار، يأتي النطق السامي ليؤكد أن عُمان بتوفيق من الله العلي القدير تمكنت خلال المرحلة المنصرمة من إنجاز الكثير مما تطلع إليه ورسمه قائدها.
لقد مثلت الكلمة السامية لجلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ أمس، مرحلة فاصلة بين الوعد والوفاء، وبين الطموح والإنجاز، وكانت مدينة صلالة هي القاسم المشترك بين هاتين الفاصلتين المهمتين في تاريخ عُمان الحديث، فهذه المدينة التي انطلقت منها مسيرة النهضة المباركة، وبزغ منها فجر جديد على عُمان، تحتضن في ربوعها الطيبة احتفاء الذكرى الأربعين للمسيرة المباركة التي تحققت خلالها منجزات لا تخفى في مجالات كثيرة غيَّرت وجه الحياة في عُمان وجعلتها تتبوأ مكانة بارزة على المستويين الإقليمي والدولي.
إن السياسة الحكيمة التي انتهجها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ في بناء الدولة العصرية ما هي إلا تأكيد للمبادئ الراسخة في عُمان عبر تاريخها العريق.
إن جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ بفكره المتوقد ورؤيته السديدة، وعبر سنوات من العمل الدؤوب المخلص واقتحام العقبات، استطاع أن يجعل تلك المبادئ ناطقة بلغة العصر، مواكبة لروحه ومتغيراته، متجاوبة مع علومه وتقنياته، مستفيدة من مستجداته ومستحدثاته في شتى ميادين الحياة دون إهمال الجيد من موروثنا الذي نعتز به.
وما فتئت عُمان منذ انطلاقة نهضتها المباركة تؤكد على تلك الثوابت في علاقاتها الدولية القائمة على التعاون مع سائر الدول والشعوب على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وعدم التدخل في شؤون الغير، وكذلك عدم القبول بتدخل ذلك الغير في شؤوننا.
إن السلام الاجتماعي الذي ينشر جناحيه على الأرض العمانية من أقصاها إلى أقصاها ما هو إلا ثمرة لاهتمام جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ بالخطط التنموية لبناء مجتمع الرخاء والازدهار والعلم والمعرفة وتطوير الأنظمة القانونية والقضائية وتحديثها وتتويجها بوضع النظام الأساسي للدولة، وهي خطوات مدروسة متدرجة تبني الحاضر وتمهد للمستقبل المشرق.
وجلالة السلطان المعظم ـ أيده الله وسدد خطاه ـ عندما يعبر عن ارتياحه عن نسبة ما أنجز من بناء الدولة الحديثة ويشير إلى ما تحقق من منجزات كبيرة على أرض عُمان لا يقصد من ذلك سوى التأكيد لأجيال الحاضر الزاهر على أهمية المحافظة عليها وصونها وحمايتها، لكي تتمكن الأجيال اللاحقة من أبناء وبنات عُمان من مواصلة المسيرة الخيرة على ذات الوتيرة من العمل والجد والعطاء والإخلاص.
وعدتم
“إني أعدكم أول ما أفرضه على نفسي أن أبدأ بأسرع ما يمكن أن أجعل الحكومة عصرية.. وأول هدفي أن أزيل الأوامر غير الضرورية التي ترزحون تحت وطأتها”.
أيها الشعب..
سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل، وعلى كل واحد منكم المساعدة في هذا الواجب.. كان وطننا في الماضي ذا شهرة وقوة، وإن عملنا باتحاد وتعاون فسنعيد ماضينا مرة أخرى، وسيكون لنا المحل المرموق في العالم العربي, وإني متخذ الخطوات القانونية لتلقي الاعتراف من الدول الخارجية الصديقة, وإني أتطلع إلى التأييد العاجل والتعاون الودي من جميع الشعوب، وخصيصًا مع جيراننا، وأن يكون مفعوله لزمن طويل والتشاور فيما بيينا لمستقبل منطقتنا”.
من البيان التاريخي الأول الذي ألقاه جلالة السلطان المعظم إبان تسلمه زمام الحكم في الـ23 من يوليو 1970 .. من مدينة صلالة
فأوفيتم
“فمن هنا ألقينا أول كلمة لنا، عبَّرْنا من خلالها عن عزمنا على العمل من أجل بناء الدولة الحديثة، والنهوض بالبلاد في شتى المجالات قدر المستطاع، ومن ذلك الحين فقد أخذنا بالأسباب لتحقيق ما وعدنا به، وإنه لمن موجبات الحمد والشكر لله العلي القدير أن تمكنت عُمان خلال المرحلة المنصرمة من إنجاز الكثير مما تطلعنا إليه، وكان كل ذلك ضمن توازن دقيق بين المحافظة على الجيد من موروثنا الذي نعتز به ومقتضيات الحاضر التي تتطلب التلاؤم مع روح العصر، والتجاوب مع حضارته وعلومه وتقنياته، والاستفادة من مستجداته ومستحدثاته في شتى ميادين الحياة العامة والخاصة.
من النطق السامي خلال الانعقاد السنوي لمجلس عُمان أمس الاثنين الـ4 من أكتوبر 2010 بقاعة الحصن بحي الشاطئ بصلالة