يختتم سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى اليوم جولة الخير التى يقوم بها، بزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، لتكون مسك ختام الجولة الخليجية، التى بدأها سموه بزيارة كل من دولة الكويت الشقيقة ” لؤلؤة الخليج ” تلاها مملكة البحرين الشقيقة ” دانة الخليج “، ثم سلطنة عمان ” عبق التاريخ والحضارة “، ليحل اليوم ضيفا في دار زايد الخير على أخيه سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، ويلتقى اخوانه فى هذه الدولة الشقيقة للتباحث فى مختلف القضايا الثنائية والاقليمية والدولية.
فى عمان التاريخ والحضارة والمجد كان لقاء سمو الامير المفدى حفظه الله بالامس مع اخيه الحكيم جلالة السلطان قابوس بن سعيد بانى عمان الحديثة، نهضة وتطورا ومواكبة..
لقاء بالتأكيد يعزز العلاقات القوية التى تربط دولة قطر بسلطنة عمان الشقيقة، فى مختلف المجالات، والتى تترسخ يوما بعد آخر، لتأتى هذه الزيارة لتضيف لبنة جديدة فى صرح هذه العلاقات الاخوية المتينة عبر التاريخ، ولتفتح آفاقا جديدة من التعاون المستقبلى بين البلدين والشعبين الشقيقين، اللذين يتطلعان الى مزيد من التكامل فى اطار منظومة مجلس التعاون الخليجي، الذى يمثل مظلة لا تستغنى عنها دول الخليج، حكومات وشعوبا، وتمثل درعا واقيا امام كل التحديات التى قد تتعرض لها هذه الدول فى قادم الايام لا قدر الله، بعد ان كانت كذلك خلال الفترة الماضية.
المباحثات التى اجراها سمو الأمير المفدى مع اخيه السلطان بعد مباحثات سمو الشيخ صباح الاحمد الصباح وجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة تصب بالدرجة الاولى فى صميم العلاقات الاخوية والسبل الكفيلة بتطويرها والاتقاء بها بما يخدم البلدين والشعبين الشقيقين فى مختلف المجالات، والبناء على ما هو قائم من خصوصية فى هذه العلاقات الممتدة عبر التاريخ، والمشاركة بين البلدين فى المشاريع المختلفة فى الطرفين، وهو ما يعزز هذه العلاقات القائمة، والتى تتطور يوما بعد آخر.
إضافة الى ذلك هناك بالتأكيد قضايا وملفات اقليمية وعربية ودولية هى محل بحث وتشاور بين القيادتين فى البلدين الشقيقين، وهى فرصة فى هذه الزيارة الميمونة ان تعزز البلدان مواقفها بمزيد من التنسيق والتكامل فى المحافل القارية والدولية، وهو ما يدعم بالتأكيد مسيرة مجلس التعاون الخليجي، كون اى تكامل فى الادوار والسياسات والرؤى بين دولتين فى هذه المنظومة الخليجية، ينعكس بالتالى ايجابيا على المجموع، ويصب فى خانة العمل الخليجى المشترك، الذى هو اليوم محط اهتمام العالم، خاصة ان هذه الدول عبر هذا الكيان الخليجى باتت تلعب ادوارا مهمة فى السياسات الاقليمية والدولية، مما يتطلب تماسكا اكبر، وتوحيدا لمواقفها حيال مختلف القضايا الخارجية، حتى يكون لها موقف مؤثر فى السياسات الدولية، ويحسب لها الف حساب عند اتخاذ القرارات، اضافة الى ضرورة ان يتم التعامل مع الدول الخليجية ككيان واحد، وليس دولا متفرقة، كل على حدة، وهو ما يفقدها القوة والقدرة على مواجهة الطرف الآخر، الذى يتعامل معنا ككتلة واحدة، كما هو الحال مع الاتحاد الاوروبى او الاسيان، او المنظومات والتكتلات الاخرى، ان كانت سياسية او اقتصادية.
دول مجلس التعاون لديها المقومات التى يمكن ان تكون افضل بكثير مما هى عليه الآن، وهى تستحق دولا وشعوبا ان تكون افضل، وباستطاعتها بمزيد من توحيد المواقف، والتكامل الاقتصادي، والتسريع بخطوات التعاون المثمر والفعال.. ان تكون ذا ثقل كبير على الساحة الدولية، اضافة الى موقعها وامكاناتها الاقتصادية، وثرواتها ما فى باطن الارض وما فوقها.
هناك نوايا طيبة وحرص من قادة دول مجلس التعاون الخليجى على دعم مسيرة العمل المشترك، ودعم هذا الكيان الخليجي، الذى استطاع ان يصمد امام كل العواصف التى ضربت المنطقة طوال العقود الثلاثة الماضية من عمر المجلس، وهو امر يحسب له، إلا اننا اليوم فى عالم متغير، بحاجة الى مواكبة اكبر من دولنا لهذه المتغيرات والظروف التى تواجه المنطقة، والتحديات التى تتعاظم، ان كانت تحديات تواجه كل دولة منفردة او على صعيد الكيان الخليجى بكامله، مما يعنى ضرورة البحث عن آليات لنواجه بها هذه التحديات فى هذه المرحلة.
قد تكون السنوات الماضية يتناسب معها جهد معين، او سياسة محددة، وكانت مناسبة للتعامل معها مع تحديات تلك المرحلة، لكن اليوم فى ظل عالم مفتوح، وتكالب واستقطاب متصاعد، وتدافع على المنطقة، نحن بحاجة الى ان نمعن اكثر بالبحث عن اطر واساليب جديدة لمواجهة الاخطار والتحديات، وان تكون هذه الاطر والسياسات مجتمعة وليست متفرقة، مع اشراك المواطن الخليجى بصورة اكبر فى الحياة العامة، وفى القرارات والسياسات التى ترسم، وان ندفع به لتحمل مسؤولياته بدرجة اكبر فى مختلف المجالات، فهذا المواطن هو الضمانة للحفاظ على المكتسبات التى تحققت فى دولنا الخليجية بفضل من الله اولا، ثم بفضل حكمة قادة دول مجلس التعاون، وعلاقتهم الاسرية والاخوية مع شعوبهم، فى مناخ صحي، وهو امر غير متوافر فى الدول الاخرى.
وحقيقة ان الشعوب الخليجية تتطلع دائما الى مزيد من التكامل فيما بين دولها، وتنظر بتقدير عال لكل خطوة تقاربية وتكاملية تحدث سواء على المستوى الثنائى او الجماعي، وتنظر باهتمام للزيارات المتبادلة بين القادة، والتى تعطى هذه الزيارات دفعة قوية لتعزيز العلاقات، وتشيع جوا من الثقة والفرحة والسعادة، وربما ردود الافعال المرحبة عاليا للجولة التى يقوم بها حاليا سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني امير البلاد المفدى حفظه الله ورعاه خير دليل على هذا الامر، فلا تكاد تفتح وسيلة اعلام او تتواصل مع زملاء فى الداخل والخارج، او تلتقى بشخصيات، إلا ولابد ان يأتى الحديث على هذه الجولة الخليجية جولة الخير التى يقوم بها سمو الامير المفدى، والآمال الكبيرة المعلقة على تدعيم العلاقات الخليجية الخليجية، خاصة انها تأتى قبل قمة خليجية مرتقبة فى دولة الكويت الشقيقة، لتهيئ الاجواء والظروف لعقد قمة تتعاطى مع المستجدات الاقليمية والدولية بصوة اكبر، وتحسم الملفات العالقة فى عدد من القطاعات، لكى تتسارع عجلة مسيرة العمل الخليجى بصورة افضل، خاصة ان الملفات السياسية التى ربما كانت فى السابق تشكل ” بؤرا ” قد تم حل الغالبية العظمى منها، ان لم يكن جميعها تقريبا.
ان الروح الجديدة التى خلقتها جولة سمو الأمير تؤكد من جديد مدى التلاحم بين ابناء مجلس التعاون، الذى لا يكاد يخلو بيت فى اى دولة خليجية من علاقات اسرية واجتماعية من علاقات فى الدول الاخرى، فوشائج القربى متصلة وتسرى بين ابناء الخليج.
هذه العلاقة الاخوية الحميمية قطر قيادة وشعبا اكثر حرصا على بقائها بيضاء نقية دون تلويث او اساءة، وهو حرص يشاركنا به كل الاشقاء فى خليجنا الغالي.
يغادر سمو الأمير حفظه الله ورعاه اليوم عمان وكل دعائه بأن يحفظ الله هذا البلد العزيز قيادة وشعبا، وينعم عليه بالامن والامان، كما كان ذلك فى محطات سموه السابقة، الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، والكويت والبحرين، ليحط اليوم فى دار زايد الخير رحمه الله واسكنه فسيح جناته، ليلتقى اخوانه فى امارات الكرم والجود، خاتما بذلك جولة الخير فى خليجنا المعطاء، لتعزز هذه الجولة من العمل الخليجي، وتؤكد على اللحمة الخليجية والجسد الواحد، لتوحد الارواح قبل الاجساد.
—-
كاتب صحفي قطري – رئيس تحرير جريدة الشرق
30 أكتوبر 2013