تحتفل السلطنة اليوم الخميس بالذكري الأربعين لانطلاق مسيرة النهضة العمانية الحديثة التي يقودها السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان . وفي هذه المناسبة الوطنية المجيدة وهذا اليوم التاريخي في حياة الوطن والمواطن العماني يجدد أبناء الشعب العماني الوفي علي امتداد أرض عمان الطيبة العهد والولاء لباني نهضة عمان المباركة الذي تمكن بفضل إرادته وعزيمته ورؤيته الحكيمة وقدرته علي حشد كل طاقات الوطن البشرية والمادية من ترجمة الاهداف السامية وتحويلها إلي واقع عملي يعيشه أبناء الوطن أمنا وأمانا وتقدما وازدهارا .
وفي الوقت الذي تنطلق فيه مسيرة النهضة العمانية الحديثة نحو غاياتها محققة طموحات الوطن والمواطن في بناء دولة عصرية تحقق الامن والامان والتقدم والرقي للوطن والمواطن وتسهم في تحقيق السلام والاستقرار والطمأنينة من حولها فان مما له دلالة عميقة أن يشير السلطان قابوس في كلمته في افتتاح الانعقاد السنوي لمجلس عمان في قاعة الحصن بحي الشاطيء بصلالة يوم الرابع من أكتوبر الماضي الي ما تحقق علي أرض السلطنة من منجزات عظيمة في كافة ميادين الحياة .
وقد تحقق ما وعد به من تشييد دولة عصرية وبناء مستقبل مشرق .. ولم يكن ذلك مصادفة علي أي نحو لكنه كان ثمرة لتخطيط عملي متصل وفكر مستنير ورؤية شاملة تمكنت من تحقيق توازن دقيق بين المحافظة علي الجيد من موروثاتنا التي نعتز بها ومقتضيات الحاضر التي تتطلب الموائمة مع روح العصر والتجاوب مع حضارته وعلومه وتقنياته والاستفادة من مستجداته ومستحدثاته في شتي ميادين الحياة .
وكما أوضح السلطان قابوس فانه اذا كان بناء هذه الدولة العصرية التي تطلعنا اليها قد تحقق بعون من المولي عز وجل فان الطريق اليها لم يكن كما تعلمون جميعا سهيلا ميسورا وانما اكتنفته صعاب جمة وعقبات عديدة لكن بتوفيق من الله والعمل الدوؤب وباخلاص تام وإيمان مطلق بعون الله ورعايته من جميع فئات المجتمع ذكورا واناثا تم التغلب علي جميع الصعاب واقتحام كل العقبات والحمد لله // .
ان الدولة العصرية التي شيدها السلطان ورسخ أركانها وقواعدها انما ترتكز علي النجاح المشهود له في القدرة علي حشد كل طاقات الوطن التي تشمل الانسان والموارد كما تم تحقيق الوحدة الوطنية بكل ما تعنيه من قوة وتماسك وتعاضد وترابط بين أبناء هذه الارض الطيبة وتحقيق الشعور العميق بالامن والامان في كل ربوع الوطن لذلك انطلق المواطن العماني الي عمليات الاسهام في التنمية والبناء بكل طاقاته وقدراته مطمئنا علي حاضرة ومستقبل أبنائه .
ومما له دلالة عميقة ان السلطان قابوس بن سعيد أكد منذ انطلاق مسيرة النهضة العمانية المباركة علي المواطنة العمانية ليس فقط من خلال تأكيد الاعتزاز والفخر بها والمساواة في اطارها ولكن أيضا من خلال البعد الايجابي لها ذلك المتمثل في ضرورة الاقدام والمشاركة والاسهام في اعلاء صرح البناء الوطني في كل المجالات وعلي كافة المستويات ومن جانب كل أبناء الوطن .
ومن هنا فان النظام الاساسي للدولة شمل الاسس والمباديء الموجهة لسياسة الدولة في مختلف المجالات كما تضمن كل ما يتصل بالحقوق والواجبات وأكد علي المساواة وحكم وسيادة القانون الي جانب توفير كل الضمانات من أجل أن ينطلق القضاء العماني للقيام بدوره وتيسير حق التقاضي للمواطنين .
ومما له دلالة عميقة في هذا المجال ان القانون العماني أتاح الفرصة للجان التوفيق والمصالحة للقيام بدورها في تحقيق المصالحة بين المواطنين وفق التقاليد العمانية في هذا المجال وبتراضي الاطراف المختلفة تعزيزا للاواصر وعلاقات المودة بين أبناء المجتمع .
وفي هذا الاطار انضمت السلطنة الي مختلف الاتفاقيات الدولية المعنية بالحفاظ علي حقوق الانسان ومكافحة التفرقة والاتجار بالبشر .. كما تم تشكيل اللجنة الوطنية لحقوق الانسان في اطار مجلس الدولة لتقوم بدورها في هذا المجال .. كما أصدر جلالة السلطان المعظم المرسوم السلطاني رقم / 102 / 2010 / الصادر في 22 / 9 / 2010 بالغاء محكمة أمن الدولة تعزيزا لمناخ الامن والامان وسيادة القانون .
ويتمتع المواطن العماني بكافة حقوقه بما فيها حقوقه السياسية المتمثلة في الترشيح والانتخاب لعضوية مجلس الشوري والذي يشمل كل من ينطبق عليهم ذلك ممن بلغ سن الحادية والعشرين ذكورا واناثا .. كما ان مجلس عمان الذي يتكون من مجلس الدولة ومجلس الشوري يقوم بدوره من خلال المجلسين في تحقيق المشاركة الواسعة للمواطنين في صياغة وتوجيه التنمية الوطنية .. ومن المعروف ان مجلس الدولة هو مؤسسة برلمانية
تقوم بدور حيوي ليس فقط في اطار خصوصية التجربة العمانية في مجال العمل الديمقراطي ولكن أيضا علي صعيد التطور الذي يشهده المجتمع العماني اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا
ويتشكل مجلس الدولة بحكم تكوينه من خبرات عمانية مشهود لها بالكفاءة يقوم السلطان بتعيينها ويقوم هذا المجلس بالدراسة الموضوعية لما يطرح عليه من موضوعات مختلفة وهو يتكون من / 74 / عضوا منهم / 16 / امرأة تشكل نسبة تتجاوز 20 بالمائة من إجمالي أعضاء المجلس .
لقد شهدت الاعوام الاربعين الماضية انجازات كبيرة مشهود لها علي كافة المستويات الاقليمية والدولية فكانت السنوات الماضية بفضل عزيمة وتوجيهات القائد سنوات عمل دؤوب وجهد منظم ومتواصل من أجل انجاز الأهداف التي وضعها جلالته علي صعيد بناء الدولة العصرية .. وقد أثمرت هذه الجهود المخلصة واستطاعت أن تصنع لنفسها منارة يشار إليها عند الحديث عن التقدم الذي تحققه شعوب المنطقة والعالم أيضا .
وقد حققت السلطنة المرتبة الأولي عالميا من حيث سرعة معدلات التنمية البشرية ولم يكن ذلك مرتبطا بالعائدات النفطية انما بالتطور في مجال الرعاية الصحية والتعليم وفق تقرير التنمية البشرية لعام 2010 الصادر عن الأمم المتحدة .. كما حققت السلطنة مراكز متقدمة عربيا ودوليا علي صعيد الحرية الاقتصادية والشفافية ودرجة تنافسية الاقتصاد والكفاءة الحكومية والجدارة الائتمانية وغيرها وهو ما أشارت إليه تقارير العديد من المؤسسات المالية والاقتصادية علي مدي الأسابيع الأخيرة
ان حصول السلطنة علي المركز الأول عربيا والعشرين عالميا فيما يتصل بشفافية النظام القضائي واستقلاليته وفق تقرير مركز ” فرايزر ” الكندي لهذا العام يعد في الواقع إقرارا دوليا آخر بالنجاح الذي حققته السلطنة وبرشادة وفاعلية سياساتها ليس فقط الاقتصادية والمالية ولكن أيضا في مختلف المجالات الصحية والتعليمية والقضائية والثقافية والإعلامية وغيرها .
وفي نفس الاطار صنفت أكثر من مؤسسة دولية ومنها وحدة المعلومات في مجلة ” الايكونوميست ” البريطانية وصندوق السلام الأمريكي ومعهد الاقتصاد والسلام الأمريكي ومعهد ” فرايزر ” الكندي السلطنة علي رأس الدول العربية والافريقية الأكثر استقرارا
وعلي صعيد السياسة الخارجية فان السلطنة سعت منذ انطلاقة مسيرة النهضة العمانية الحديثة من أجل تحقيق الامن والسلام والاستقرار خليجيا وعربيا ودوليا عبر نهجها الهادئ والواضح والصريح في التعامل مع مختلف القضايا والتطورات حيث ظلت السلطنة حريصة دوما علي تطوير علاقات الود والصداقة مع مختلف الدول والشعوب الشقيقة والصديقة .
ولان السلطنة دولة سلام فانها تدرك ادراكا جيدا أهمية السلام وحيويته لكافة الدول والشعوب في المنطقة وعلي امتداد العالم حيث أرسي القائد سياسة السلطنة الخارجية علي ثوابت لا تتغير قوامها العمل علي استتباب الامن والسلام والسعادة للبشرية كافة وعلي أساس التعاون وتبادل المنافع والمصالح .
وقد أشار الي ذلك من خلال التأكيد علي ان ” لعمان تاريخيا عريقا ومبادئ راسخة منذ عصور مضت وما قمنا به هو تأكيد تلكم المبادئ والتعبير عنها بلغة العصر . ومن المبادئ الراسخة لعمان التعاون مع سائر الدول والشعوب علي أساس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعدم التدخل في شؤون الغير وكذلك عدم القبول بتدخل ذلك الغير في شؤوننا ” .
وفي هذا الاطار تقوم السلطنة بدورها الايجابي النشط من أجل تعزيز التعاون والتكامل بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتطوير التعاون والمصالح المشتركة والمتبادلة مع الدول الشقيقة والصديقة عربيا واقليميا ودوليا سواء علي الصعيد الثنائي أو من خلال التجمعات والمنظمات والهيئات العربية والاقليمية والدولية .
وليس مصادفة أن يحظي السلطان قابوس بن سعيد بالتقدير الرفيع من جانب قادة العالم وشعوبه وأن تحظي السلطنة وسياساتها بالثقة والمصداقية من قبل شعوب ودول العالم وفي مختلف المحافل الاقليمية والدولية حيث ان النشاط السياسي والدبلوماسي الملموس والمتواصل الذي تقوم السلطنة به يؤكد ذلك علي نحو واضح وجلي علي كافة المستويات