تعتبر مواقف سلطنة عمان تجاه قضايا الكويت مبدئية ومشرفة وتجلت بأعلى صورها ابان محنة الكويت ومراحل اعادة البناء ولن ينسى ابناء الكويت هذه المواقف الاصيلة وستظل في الذاكرة ابد الدهر حيث ساهمت سلطنة عمان في حرب تحرير دولة الكويت كما انها احتضنت عددا كبيرا من مواطني الكويت اثناء فترة الاحتلال العراقي الغاشم عام 1990 وقدمت لهم الكثير من التسهيلات.
والسلطان قابوس بن سعيد من مواليد الثامن عشر من نوفمبر عام 1940 في مدينة صلالة بمحافظة ظفار وهو السلطان الثامن لعمان في التسلسل المباشر لاسرة آل بن سعيد التي تأسست على يد الامام احمد بن سعيد عام 1744 الذي مازالت ذكراه موضع احترام في عمان كمحارب واداري نجح في توحيد البلاد بعد سنوات من الحرب الأهلية.
ولا شك ان النجاح والإنجازات التي حققتها النهضة العمانية, يعود الفضل فيها الى السلطان قابوس بن سعيد, حيث انتظرت عمان شعبا وارضا حاضرا ومستقبلا, انتظرت طويلا حتى بزغت شمس النهضة المباركة, بقوة وإرادة وبرؤية ثاقبة وفكر مستنير نحو غاياتها وأهدافها. وعندما أعلن السلطان قابوس انطلاق المسيرة المظفرة في الثالث والعشرين من يوليو 1970 حيث اشرق على عمان وشعبها عهد جديد عادت الحياة فيه وعاد الامل واستعاد المواطن العماني ثقته في ذاته وفي حاضره ومستقبله, وعلى مدى سنوات من العمل والجهد والعطاء في كل المجالات ارتفعت على هذه الارض الطيبة صروح دولة عصرية راسخة تستمد قدرتها وقوتها على الانطلاق ليس من عناصر قوة تقليدية ولكن من علاقة فريدة وشديدة الخصوصية بين السلطان قابوس وأبنائه على امتداد ارض عمان, حيث وضع رؤية واضحة دقيقة وذلك بتحقيق التقدم والازدهار في كل الجوانب لتحقيق الطموحات بسواعد الانسان العماني الذي تحمل ويتحمل مسؤوليات العمل والتنمية الوطنية في كل المجالات بكفاءة ومسؤولية عالية وذلك لأنه هو هدف التنمية وغايتها كما انه هو اداتها وصانعها.
فقد أسس السلطان قابوس نهضة شاملة في ربوع السلطنة: وطنية, وإقتصادية, وإجتماعية, وثقافية, ورفع اسم عمان عاليا على المستوى الإقليمي والعالمي واستعادت عمان دورها ونشاطها كأحد الأطراف المؤثرة في مجريات الأوضاع في الخليج والمنطقة من حولها, وأعاد لعمان أمجادها التاريخية وعظمتها الحضارية.
ولم تكن المرأة العمانية بعيدة عن موضع اهتمام السلطان قابوس بل كانت موضع اهتمام كبير ومتواصل فحظيت برعاية شاملة من جانب السلطان قابوس اذ انها تمثل نصف المجتمع وتقوم بدور مؤثر في التنمية الاجتماعية والاقتصادية, حيث شقت المرأة العمانية طريقها الى أعلى المناصب في الجهاز الإداري للدولة كما تم تعيينها في عدة مناصب وزارية في عضوية مجلس الوزراء وخارجه, الى جانب مناصب وكيلة الوزارة والسفيرة وفي عضوية مجلس الدولة والإدعاء العام.
وتمثل الجولات السلطانية السامية لقاءات متجددة بين القيادة والمواطن, حيث يلتقي فيها السلطان قابوس بن سعيد مباشرة مع المواطنين وتعبر عن عمق الاهتمام من جانب جلالته بالمواطن العماني وبالاستماع اليه بشكل مباشر والاطلاع على حياته حيث يقيم ومن ثم ينتقل السلطان قابوس وعدد من الوزراء والمستشارين في جولات تمتد لعدة اسابيع في بعض الأحيان يتفقد خلالها العديد من مناطق السلطنة حيث يلتقي بالمواطنين والشيوخ والوجهاء سواء في اللقاءات التي تعقد في المخيم السلطاني الذي يقام في السيوح التي يتوقف فيها, او في لقاءات اخرى خلال تحركه منفردا في تلك الجولات.
وتعتبر الجولات السنوية التي يقوم بها السلطان قابوس في المناطق والولايات قناة اخرى واسعة ومفعمة بكل ما تجسده اللقاءات المباشرة بينه وبين المواطنين من معان صادقة ومشاعر جياشة للمشاركة التي يشعر من خلالها المواطن بقدرته على الحديث مع القائد وعرض ما يراه دون عناء او حواجز.
جدير بالذكر أن السلطان قابوس يقوم كذلك بجولات أخرى من خ¯لال الزيارات الميدانية أو تفقد المشروعات ومواقع العمل أو الالتقاء ببعض المواطنين أو الشباب دون اعداد مسبق حيث يتبادل الحديث معهم ومع العاملين في هذا المشروع و يحرص على مشارك¯ة المواطنين احتف¯الاتهم بمختلف المناسبات.
وعبر هذه السياسات التى تضع المواطن في مقدمة الأولويات تنطلق مسيرة الخير والعطاء والوفاء نحو غاياتها المنشودة معززة بالأمل والعمل الجاد والهمة العالية والعزم الاكيد.
وتجني سلطنة عمان ثمار ذلك كله تطوراَ مشهوداً في كل الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وخبرة واسعة جاءت نتيجة العمل الدائب والممارسة المستمرة فأضفت على حركة التطور المتنامية بعداً واقعياً يعصمها من مزالق الاندفاع والتهور وينأى بها عن مشكلات الارتجال وعدم التدبر.
فعلى الصعيد الخارجي رسم السلطان قابوس بن سعيد سياسة عمان الخارجية وفق أسس ومبادئ راسخة تقوم على التعايش السلمي بين جميع الشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير والاحترام المتبادل لحقوق السيادة الوطنية و مد الجسور مع الآخرين وفتح افاق التعاون والعلاقات الطيبة مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة لسلطنة عمان على امتداد العالم وفق اسس واضحة ومحددة ومعروفة للجميع منذ أن انطلقت مسيرة النهضة المباركة عام 1970م.
ومما له دلالة عميقة ان السلطان قابوس اكد في خطابه في الانعقاد السنوي لمجلس عمان في 6/11/2007م \” إن معالم سياستنا الداخلية والخارجية واضحة فنحن مع البناء والتعمير والتنمية الشاملة المستدامة في الداخل, ومع الصداقة والسلام, والعدالة والوئام, والتعايش والتفاهم والحوار الايجابي البناء, في الخارج, هكذا بدأنا, وهكذا نحن الآن وسوف نظل ¯ بإذن الله ¯ كذلك, راجين للبشرية جمعاء الخير والازدهار, والأمن والاستقرار, والتعاون على إقامة ميزان الحق والعدل\”.
وأملت مواقف سلطان عمان في الساحة الدولية أخلاقية الموقف الثابت والمتوازن ومبادئ الوضوح والندية في التعامل في مختلف القضايا الاقليمية والدولية والمعاصرة.
وحبا الله سلطنة عمان بمقومات سياحية عدة ومتنوعة, ومتميزة بموقعها الوسيط كبوابة بين شرق العالم وغربه, وتاريخها وحضاراتها القديمة التي تواصلت منذ وقت مبكر مع مراكز حضارية اخرى, فضلا عن التنوع البيئي ما بين السهل والجبل والنجد والساحل, ذلك الذي يتيح تباينا مناخياً يوفر شمساً ساطعة دافئة في الشتاء بالبوادي والحضر, ونسائم عذبة خالية من الرطوبة مع حرارة معتدلة صيفاً في الجبل الاخضر, مع الرياح الموسمية ورذاذ المطر والغيوم والنسيم المنعش في موسم الخريف بمحافظة ظفار.
وتتمتع سلطنة عمان باستقرار امني ناتج عن الاستقرار السياسي واقتصادياً, استطاع الاقتصاد الوطني العماني وفي اطار ستراتيجية التنوع الاقتصادي ان يبني قاعدة اقتصادية متينة ومتنوعة تؤهله لمواجهة المتطلبات والتحديات وذلك من خلال اقامة الكثير من المشاريع الصناعية التي تعتمد على الغاز الطبيعي العماني والمشاريع السياحية, حيث تفتح السلطنة اسواقها للمستثمرين للاستفادة من المناخ الايجابي الذي تتمتع به في كل الجوانب الاقتصادية والسياحية والصناعية وغيرها من الجوانب ذات الصلة بالتفاعل العالمي.
واتخذت حكومة السلطنة الكثير من الاجراءات لتحسين مناخ الاستثمار في عمان من أجل جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية وذلك من خلال المشاركة في الكثير من مشروعات التنوع الاقتصادي التي يجرى تنفيذها حالياً والمتمثلة في تشجيع استثمارات القطاع الخاص المحلي والاجنبي وتنمية قطاعات السياحة والاسماك والصناعة وتشجيع عمليات التصدير الى جانب تحسين مستوى معيشة المواطنين والمحافظة على استقرار الاسعار التي تخدم جميع الاطراف.
———–
كتب:
شوقي محمود
جريدة السياسة الكويتية