أكتبُ إليكَ وحدكَ أيها الفارسُ العربيُّ الوحيدُ، ها أنتَ تتجلى بزيِّكَ العسكريِّ، وما أشوقنا إليكَ وإلى هذه الإطلالةِ المُهابةِ وبهذا الزيَّ الذي يَحملُ شرفَ الأرضِ. طالما راهنتُ على ذكاءِ حضوركَ وظهوركَ وفي كلِّ مرةٍ لم يَخبْ ظني ولم أخسرْ رهاني، فها أنتَ تَظهرُ اليوم وتُظهِرُ دلالاتِ شكرٍ لرجالاتِ القواتِ المسلحة التي طالما أَثنيتَ عليها لكلِّ ما تبذله للحفاظ على أمنِ البلادِ ومنجزاتِها وسدِّ ثغورها، ودلالاتٍ إنسانيةً أخرى لتنفخَ الطمأنينةَ والبشارةَ في قلوبِ أحبابِكَ في هذا الوطنِ الأكرمِ من أقصاهُ إلى أقصاه.
ها أنتَ تُطلُّ على أبنائِكَ الغُرِّ الطيبينَ لتطمئنَّ عليهم، أعلمُ أنها وسيلتُك في الاطمئنانِ علينا، فاطمئن يا سيدي نحنُ بخيرٍ وكيف لا واللهُ معنا وأنتَ تحتوينا بقلبِكَ الكبيرِ الذي تَسقي بمحبتِهِ الأرضَ قبلَ الإِنسانِ، كيف لا ونَحنُ نَعيشُ هنا على هذه الأرضِ التي يُضيءُ كلُّ شبرٍ فيها بضوءِ خطوتِكَ أو لمستِكَ أو أمنيةٍ من أمانيك العِذاب.
نعم يا أبي وقائدي إنكَ رجلُ الحضورِ الأشدِّ ذكاءً وانتصاراً، فاليوم فيهِ ما فيهِ من دلالاتٍ لتوثيقِ التاريخِ العمانيِّ من عبثِ الآخرينَ وإيماناً بدورِ التاريخِ في صناعةِ المستقبلِ، فالاستفادةُ من التجاربِ في تاريخِنا العريقِ والعميقِ ديدنكَ دائماً لأنكَ آمنتَ مُنذُ البدءِ بأنَّ الحاضرَ وفهمهِ مرهونٌ بقراءةٍ حقيقيةٍ للتاريخِ ووعيٍ كامل ٍبه كما أنه لا يُمكنُ أن نتجاوزَ تحدياتِ الحاضرِ في شتّى المجالاتِ دون ذلك الوعي، ولا يمكن التنبؤُ بالمستقبلِ وأحداثهِ ووضعِ احتمالاتِ ما يُمكنُ وما لا يُمكنُ دون فهمِ الحاضر.
” متحفُ عُمان عبر الزمان ” ليس أكثرَ من تجسيدٍ حيِّ لإيمانكَ المطلقِ بتاريخِنا العريقِ ومراحلهِ التي شهدتها هذه الأرضُ وإنسانُها وما صارتْ عليه، إنك يا سيدي لم تَضع حجرَ أساسٍ للمشروع بل هي أيقوناتٌ تاريخيةٌ تجاوزتْ كلَّ الأيقوناتِ البيزنطيةِ وما استخدمتْها الأديانُ الأخرى كوسائلِ تعليمٍ وتفقيهٍ لدينِ تلك الأقوام، أما فعلكَ اليوم هو أهمُّ انتصارٍ للإنسانِ، فما قيمةُ الإنسانِ دونَ أرضيةٍ تاريخيةٍ ثابتةٍ يَقفُ عليها ويُطلُّ على العالمِ لتتسعَ رقعةُ الضوءِ التي يَقفُ عليها أكثرَ وأكثرَ وذلك باتساعِ مَعرفتهِ.
ظهورك اليوم بالزيِّ العسكريِّ لوضعِ حجرِ أساسِ هذا المشروعِ التاريخيِّ هو مصباحُ كونيٌّ يُضيءُ في ظلماءِ العيونِ التي لا تُبصرُ، ونجمةٌ برَّاقةٌ في سماءٍ ما عادتْ تَنحازُ للنورِ، وقلبٌ نابضٌ في صدورِ من آمن معك وبما تسعى إليه.
ظهورك اليومَ وخطواتك يا سيدي كانتْ موسيقى تَسبحُ في الكون لُتعيدَ له اتزانه، وأنتَ كما أنت وكما عرفناكَ دائماً شامخاً ومضاءً بما أَنعمَ اللهُ عليكَ من حكمةٍ وإنسانيةٍ عُليا.
وابتسامتك كما هي، ابتسامةُ أبٍ يحنو على أبنائهِ، نعم ابتسامتُك اليومَ هي كما هي علبةُ حلوىً تُقدَّمُ للأطفالِ، ومدينةُ أمانٍ تَسكُنها النساءُ الشامخاتُ بعمانيتِهن، وعربةٌ مُذَّهبةٌ تَتقدمُ الرجالَ العظماءَ لتقودهم نحو الأفضلِ والأجملِ والأكمل.
أبي وقائدي أنتَ، نُحبُّكَ بقدرِ ما نحنُ نُحبُّكَ فلا مقاييسَ ابتكرها الإنسانُ يُمكنُ أن تُحدِّدَ كمْ نحنُ نُحبُّكَ.
حفظكَ اللهُ أيها الفارسُ العربيُّ الوحيدُ، وأبقى عُمانَ شامخةً ولؤلؤة كريمةً وملاذا للضوء والمحبة والسلام.
هنا يُولدُ ويكبرُ الضوءُ .. وهنا نَعيشُ عصراً ماسيَّ التكوينِ نسمِّيهِ أنت.
أثير – موسى الفرعي
١٤ يوليو المجيد ٢٠١٥
http://atheer.om/Article/Index/11975