تحتفل سلطنة عمان غدا، الثامن عشر من نوفمبر، بعيدها الوطني التاسع والأربعين باعتزاز وإرادة صلبة، وبعزم وطموح كبيرين، وبامتنان مقرون بالحب والولاء والعرفان لباني نهضة عمان الحديثة جلالة السلطان قابوس بن سعيد.
وفي حين أكد جلالة السلطان قابوس بن سعيد أن ما تحقق من منجزات على امتداد أرض عمان الطيبة إنما هو ثمرة جهود وتعاون ومشاركة أبناء عمان الأوفياء في كل المواقع والميادين، رجالا ونساء، شيبة وشبابا، فإن أبناء الوطن على امتداد هذه الأرض الطيبة الذين يحيطون جلالته بعيونهم وقلوبهم وأفئدتهم، يدركون تماما أن حكمة وبعد نظر حضرة جلالته وحبه العميق لعمان، وطنا ومواطنا، وتكريس جلالته كل وقته من أجل ما يحقق صالح عمان وأبنائها في الحاضر والمستقبل، قاد عمان، دولة ومجتمعا، إلى بر الأمان، وحقق، ويحقق لها الأمن الاستقرار والازدهار برغم التحديات والتطورات التي تشهدها المنطقة على امتداد السنوات الماضية، وهو أمر بالغ المعنى والدلالة والوضوح على كافة المستويات.
وبالرغم من أن الأعوام التسعة والأربعين الماضية ليست فترة طويلة في عمر الشعوب، إلا أنها شهدت في الواقع نقلة نوعية وكمية، تنموية وحضارية في كل مجالات الحياة على امتداد أرض عمان الطيبة، وعلى نحو يحقق ما تمناه وخطط له جلالة السلطان قابوس، مرحلة بعد أخرى لبناء الدولة العمانية العصرية التي تقوم على مبادئ وقيم المساواة والمواطنة وحكم القانون وعلى تعاون وتكامل المؤسسات ومشاركة المواطنين في صياغة أهداف التنمية الوطنية وتنفيذ برامجها في كل المجالات.
وفي هذا الاطار، فإنه في حين يحرص الكثير من قادة العالم على الاستئناس برأي جلالة السلطان قابوس بن سعيد وتقييمه الحكيم والبعيد النظر لمختلف التطورات الإقليمية والدولية، فإن المؤتمر العالمي الأول للتراث البحري الذي عقد في سنغافورة في منتصف مارس الماضي قدم جائزة القيادة المتميزة لجلالته تقديرا للاهتمام السامي بتراث السلطنة البحري وتعزيز مكانتها البحرية على الخارطة الدولية، ولم تكن الجوائز الرفيعة والعديدة التي حققتها سفينة شباب عمان الثانية التابعة للبحرية السلطانية العمانية خلال مشاركتها في عدد من المهرجانات الدولية في رحلتها صواري المجد والسلام إلى القارة الأوروبية هذا العام سوى نموذج بالغ الدلالة في هذا المجال .
وعلى صعيد آخر، فإن ما تحتضنه السلطنة من اجتماعات ولقاءات خليجية وعربية واقليمية ودولية وما تقوم به من أنشطة دبلوماسية متعددة المستويات والاتجاهات يجسد في الواقع الوضوح والصراحة والتفاني العماني في العمل بإخلاص لصالح أمن واستقرار وازدهار المنطقة بكل دولها وشعوبها، وحل كل الخلافات بالحوار الأخوي وبالطرق السلمية حتى تتمكن شعوب المنطقة جميعا من التفرغ لبناء حياتها على النحو الذي تريده، وعلى أسس من الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، وحسن الجوار، والتعاون الايجابي لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة لكل الأطراف، ومن المأمول أن تثمر الجهود والتحركات العمانية خليجيا وإقليميا وعربيا بتحقيق آمال وتطلعات شعوب المنطقة نحو نمو أفضل.
ولعل مما له دلالة في هذا المجال أن السلطنة، وهي رئيسة الدورة الحالية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، فقد احتضنت عمان باعتزاز كل اجتماعات هيئات ولجان ومجالس مجلس التعاون الخليجي بحضور ممثلي كل الدول الأعضاء في المجلس تمهيدا وإعدادا لاجتماعات المجلس الأعلى لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس.
وبينما دعت سلطنة عمان وترحب دوما بأي جهود مخلصة وبناءه لإنهاء الحروب والمواجهات القائمة في عدد من دول المنطقة وفي مقدمتها الجمهورية اليمنية الشقيقة وتسعى للتوصل إلى حلول سلمية تفتح المجال أمام توافق أكبر بين شعوبها لبناء حاضرها ومستقبلها على النحو الذي تريد، فإنه في إطار العمل على تخفيف التوتر في منطقة الخليج وتأمين حرية الملاحة في الممرات المائية وخاصه مضيق هرمز الاستراتيجي الذي تقع ممراته ضمن نطاق المياه الإقليمية العمانية، قالت السلطنة في كلمتها أمام الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 28 سبتمبر الماضي ” إنه من منطلق سيادة السلطنة الوطنية ومسؤولياتها الدولية في الإشراف المستمر على هذا الممر للتأكد من سلامة الملاحة وضمان حركة المرور الآمن للسفن العابرة في هذا المضيق الحيوي، فإن السلطنة تدعو جميع الدول للتعاون البناء واحترام خطوط الفصل الملاحية وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، كما دعت كافة الأطراف إلى عدم التصعيد وحل الخلافات بالوسائل الدبلوماسية بما يجنب المنطقة أي عواقب قد تكون لها انعكاسات خطيرة على حرية الملاحة وحركة التجارة الدولية والاقتصاد العالمي”.
وتؤكد السلطنة دوما دعمها للشعب الفلسطيني والحقوق الوطنية بما في ذلك حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية في إطار حل الدولتين، كما قررت السلطنة في يونيو الماضي إنشاء بعثه دبلوماسية عمانية جديدة في رام الله على مستوى سفارة لدى دولة فلسطين الشقيقة.
واستنادا إلى الأسس والمرتكزات التي وضعها جلالة السلطان قابوس بن سعيد للسياسة الخارجية للسلطنة ولعلاقاتها مع مختلف الدول، وهي معروفة ومعلنة، شهد هذا العام العديد من الزيارات والاجتماعات على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها بين السلطنة والدول الشقيقة والصديقة بما يعزز المصالح المتبادلة ويدعم ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة، وفي هذا الإطار تم على سبيل المثال التوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك بين السلطنة والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية في 21 فبراير 2019، كما تم التوقيع على اتفاقية تعاون لتطوير الروابط المشتركة بين البلدين الصديقين في 22 مايو 2019، وكانت السلطنة قد أقامت شراكة استراتيجية بينها وبين جمهورية الصين الشعبية في مايو عام 2018 م وترتبط بعلاقات طيبة ووثيقة مع كل من الهند والولايات المتحدة وإيران وغيرها من الدول على امتداد العالم، وهو ما ينعكس إيجابا على علاقات السلطنة وجهودها السياسية والتنموية أيضا.
العرب القطرية
https://s.alarab.qa/1423924