مقال لـ علي العلياني حمل هذا العنوان العبقري ” سلطنة عمان .. أي شقيقة أنت؟ “، وسأبدأ من حيث انتهى الكاتب المحب لعمان وأهلها وتاريخها وقابوسها كما قال، أما عبقرية العنوان سأعود لها لاحقا.
في البدء شكرا لحبِّ أربعة أبعاد كفيلة برسم خارطة الحب وفتح أبواب كل القلوب العاقلة، أما سؤالاتك المستغربة والتي تظن أنها تدور في أذهان الخليجيين والعمانيين أيضا فهذا أمر قضي في المساحة الأكثر وضوحا فأهل عُمان يدركون عبقرية سياسة عدم التدخل في شؤون الآخرين وبطبيعة الحال عدم تدخل الآخرين بشؤون عماننا وهو النهج الذي سارت عليه عُمان بحكمة قائدها حفظه الله، وهو النهج الذي يؤتي ثماره دائما سواء على الصعيد الدولي أو الإقليمي أو المحلي وليس نأيا بالنفس بل هي قراءة قلب ذكي لمعطيات الراهن السياسي واستبصار لما سوف يأتي، أما ملفات المتغيرات السياسية التي لا تقود سوى إلى منسوب دماء مرتفع، وجثث أكثر، وفشل فادح في إدارة الأزمات فعمان تنأى عنها بكل تأكيد كي لا يسجل التاريخ أن عمان اشتركت في نهر دماء الأبرياء الذي سال في اليمن أو أي سنتمتر يقف عليه أيإنسان له حقّ الحياة.
وأما المليارات التي تتشدق بها بعض الدول فقد قيل من قبل ” أفلح إن صدق ” فدعك من الترهات السياسية والتزويق الإعلامي فعمان رفضت أن تستلم سنتا واحدا وهي في أشد حالاتها حين ابتلاها الله بالأنواء المناخية، وأي سياسي يملك الجرأة فليظهر علانية ويدعي ذلك، وأستغرب أي احتجاجات مناهضة للحكومة تلك التي تتحدث عنها، وأهلها هم أكثر خلق الله حبا لأرضهم وولاء لقائدهم وتقديرا لإنسانهم، وأي قطاع سكاني أو بنية تحتية تلك التي ساهمت دول الخليج بها، أهي تلك السفن المحملة بالمساعدات والتي عادت إلى مرافئها كما خرجت لأن الحكومة العمانية رفضت دخول أي مساعدات, أما تللك المليارات التي سمعتَ أنت بها كما سمع الجميع في حين أنها لم تتجاوز شفاه المتحدث بذلك، وأي بنية تحتية تلك التي ساهموا بها، عُمان بُنيت بسواعد وأموال أبنائها وهم ذاتهم من عمَّروها، أما المليارات الخليجية فقد ادخرت للعسكريين العرب لقتل المدنيين العرب وإثارة الرعب في قلوب الآمنين.
ولنعرج قليلا على الملفات التي أثارت استفاهم الكاتب علي العلياني وعدم فهمه لها، نعم عُمان لا تتدخل في شؤون الآخرين ولا تسمح بتدخل الآخرين ولكن إن لزم الأمر واستغاث بها الإنسان فله منها حق النصيحة والسعي لحل الأزمة التي توشك أن تجرَّ المنطقة إلى حاضر دموي جديدمستثمرة مساحة التحرك السياسي العمانيالمبني على الثقة الكبرى المعلقة بحكمة وقدرة جلالة السلطان المعظم حفظه الله في نفوس الآخرين ورجالاته الذين أحسنوا التعلم وآمنوا برؤيته.
وقد تجاوز الكاتب الملفات المفصلية في تاريخ المنطقة السياسي ضاربا بمبادرات عمان وحل الكثير من الأزمات. فهل جهل أو تجاهل ربما دور عُمان بعد انتهاء الحرب بين العراق وإيران وكيف توسطت عُمان لإعادة العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية ،وإيران والمملكة المتحدة، وكيف لعبت السلطنة دورًا مهمًا في استمرار الحوار بين إيران ومصر أثناء فترة انقطاع العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد الثورة الإيرانية وحتى 1991، وكيف ساعدت في تحرير الأسرى، والبحارة والصيادين المصريين المحتجزين لدى إيران أثناء سنوات الحرب مع العراق. أما تراه غفل عن الدور الذي لعبته عُمان مؤخرًا كوسيط بين إيران والولايات المتحدة الأميركية والذي أسفر عن اتفاق جنيف التاريخي بين طهران ودول 5+1 في عام 2013، فأي تباين وتناقض ذلك الذي أثار عدم فهم الكاتب، ماسكا بخيوط الاتحاد الخليجي الذي رفضت عُمان أن تكون جزءا منه والذي لو كان في ذلك الحين لكانت الأيدي العمانية مغسولة بآثار دماء اليمنيين اليوم، وغيرها من التصرفات غير السوية التي قادت البعض بالاشتراك مع المنظمات الإرهابية التي لم تسجل انضمام أي عماني، وإن كانت دول الخليج قادرة على الاتحاد وتملك من القوة الاقتصادية والسياسية ما يمكنها من الاتحاد وبأن عُمان ليست مؤثرة بشكل كبير جدا فلماذا لم يقم الاتحاد الخليجي دون أن تكون عُمان طرفا فيه؟ ولماذا لم نرَ العملة الموحدة بينهم دون اشتراك عمان؟
إنه العقل والتروي والحكمة الذي جعل قرار انضمام عُمان للاتحاد مبنيا على لملمة الأوراق والبدء بالأولويات، فلا بد من تأسيس حقيقي مبني على وعي كامل بالمجريات والمتغيرات السياسية، وليس مجرد قرارات اعتباطية مرهونة بمصلحة أناس بعينهم.
عُمان تفعل ما تريد في الوقت الذي تريد أما التبعية والاستسلام فتلك صفات قد ألغيت من قاموس عُمان حكومة وشعبا.
أخيرا نعود للعنوان الذي أشار إلى عبقرية عُمان دون قصد كاتبه، فكل المعطيات والأحداث تدل على أن عُمان أرض آمنة مستقرة بفضل الحكمة الكبرى للوالد القائد حفظه الله وبأن جلالته رجل يسعى إلى خير هذه الأمة محاولا قدر الإمكان أن يتجاوز بها حقل الألغام والهاوية المظلمة التي تجر الأرض والإنسان بسبب ( ولدنة ) بعضهم وعدم القدرة على الرؤية الواضحة وذلك بسبب تكدس الأطماع في عيون البعض الآخر.
نعم سلطنة عُمان .. أي شقيقة أنت؟ وأي عظمة زرعها الله في ترابك؟ وأي إنسان كبير يقود زمام الأمور بضوء مطلق في زمن الظلام وسمو مطلق في وقت الانحدار
عُمان نعم الأرض أنت.. وبئس الناس هم حتى يؤمنوا.
موسى الفرعي – أثير
http://atheer.om/Article/Index/11596