عمان هذا البلد المتسامي في أخلاقه واحترامه لكل من يعيش على ترابه، ولكل من يأتي باحثاً عن الرزق في جنباته، لا يمكن أن يسمح بالظلم على أي إنسان يختاره مقرا سكنيا أو مقر استثمار.
بين البيان التاريخي الأول لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي ألقاه يوم توليه مقاليد الحكم في البلاد في الثالث والعشرين من يوليو لعام 1970،حين قال جلالته:”إني أعدكم أول ما أفرضه على نفسي أن أبدأ بأسرع ما يمكن أن أجعل الحكومة عصرية” وبين الكلمة السامية لحضرة صاحب الجلالة في الانعقاد السنوي لمجلس عمان في اكتوبر الماضي حين قال جلالته:”مما لا ريب فيه أن نتاج التنمية التي شهدتها الحياة العمانية وكذلك المتغيرات المفيدة التي طرأت على المجتمع قد اقتضت تطوير النظامين القانوني والقضائي وتحديثهما لمواكبة مستجدات العصر فصدرت النظم والقوانين اللازمة لذلك والتي توجت بالنظام الأساسي للدولة”.
بين هذين الخطابين الساميين سنوات من العطاء والبناء في مختلف جوانب الحياة، وليس السلك القضائي بمبعدة عن كل هذا التطور، والسعي الحثيث لجعله مواكباً لمختلف المستجدات والمتغيرات التي تطرأ على المجتمع.
هذا الحرص الكبير الذي يوليه جلالته لهذا السلك الهام إنما هو نابع من حرصه السامي على أن يعيش الجميع تحت مظلة وارفة وعميمة من العدل والمساواة. ففي عمان لا مجال للظلم،ولا للإجحاف،الكل في كنف العدالة، هانئاً قرير العين، مطمئناً على حقوقه، فعين العدالة لا تنام،لأنها تستمد قوتها وهمتها من قائد البلاد المفدى.
تواردت في ذهني الأفكار وأنا أتابع قضية المرأة الألمانية التي تناولتها الصحف العمانية أمس،والتي تناقلتها مختلف المنتديات الالكترونية سابقاً،والتي نالت نصيباً واسعاً من النقاش والتفاعل..الكل كان يصر على أن تأخذ هذه المرأة حقها الذي سولت لمن كان شريكاها أن يأخذاه منها كما تقول، وأن يحرماها من نصيبها في المركز الطبي الذي افتتحته بالشراكة معهما.
فتهاطلت الرسائل الالكترونية على بريدها تحضها وتحثها على العودة من بلدها ألمانيا الى السلطنة والتوجه للقضاء، ففي عمان لا مجال للظلم، وللوافد ما للمواطن من حقوق يكفلها له القانون مدعوماً بالاهتمام السامي بنشر العدل والمساواة.
عمان هذا البلد المتسامي في أخلاقه واحترامه لكل من يعيش على ترابه، ولكل من يأتي باحثاً عن الرزق في جنباته،لا يمكن أن يسمح بالظلم على أي انسان يختاره مقر سكنى او مقر استثمار.
فكان أن توجهت هذه المرأة الى الادعاء وقدمت شكواها حيال ما جرى لها من شريكيها، فلم يكن من الادعاء العام بعد أن بحث في تقاصيل القضية إلا أن هب مؤدياً واجبه الموكل اليه، فأصدر قراراً وقتياً بتمكين المشتكية من حيازة المال محل النزاع، وإمعاناً في النزاهة أوضح الادعاء للمدعى عليه بأنه له الحق في التظلم من القرار أمام القاضي المختص بالأمور المستجعلة، وبالفعل حدث التظلم من القرار،إلا ان المحكمة أصدرت حكمها العادل في جلسة يوم 20 ديسمبر الجاري بقبول التظلم شكلاً، وفي الموضوع بتأييد قرار الادعاء العام.
تأييد المحكمة لقرار الإدعاء، فضلاً عن الوقفة الجادة من الادعاء نفسه، اضافة الى ما ذكرته الصحف من رسائل الكترونية هطلت على بريد المرأة الألمانية من المواطنين العمانيين تطالبها بضرورة العودة الى السلطنة للتوجه الى الجهات المختصة وتقديم شكوى لاستعادة حقوقها، كل هذه الاشياء تجعلك تشعر بفخر الانتماء الى هذا البلد الوارف بظلال العدالة والتي يستمدها من حرص القائد على إرساء قواعد العدل ونشر مظلته.
وفي الأخير يبقى القول أن عمان مظلة للعدل وواحة للأمان، لكل من تطئ أقدامه ثراها، ولكل من يعيش في كنفها، ترعاه وترعى حقوقه.. فيها يطيب العيش وفيها يجد الانسان احترامه وتقديره أياً كان جنسه أو عرقه.