يحق لعُمان من أقصاها إلى أقصاها، من مشرقها إلى مغربها، من شمالها إلى جنوبها، أن تسجد لله حمدًا وشكرًا وثناء، وإجلالًا وإكبارًا، على فيوض كرمه ونعمائه بأن أطفأ جمرة شوقها وروى حنينها، وأزجى شآبيب رحمته وحبه لعُمان ـ التي أحبها وأثنى عليها رسوله عليه الصلاة والسلام ودعا لها ولأهلها ـ بطمأنتها بعودة باني نهضتها الحديثة وتاج عزها ورافع شأنها، حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بعد رحلة علاج خارج الوطن دامت أكثر من ثمانية أشهر. وهي رحلة مثلما كان خلالها كل مرئي في السلطنة يلهج بالدعاء لجلالة عاهل البلاد المفدى ـ أبقاه الله ـ بالصحة والعمر المديد، وأن يعيده المولى جلَّت قدرته سالمًا معافى، أكد خلالها العمانيون أيضًا أنهم أهل الوفاء والانتماء والولاء، وأهل السماحة والتقدير والاحترام.
ويحق لعُمان اليوم أن لا تنام، وكيف ينام من كان في لهفة شوق وحنين، كحنين الأرض إلى غيث السماء؟ كيف تنام عُمان وحرارة شوق أرضها وقلوب أبنائها الأوفياء تَنِزُّ نَزًّا لرؤية باعث حركة تاريخها، وقد توحدت وتراصت من أجل هذا اليوم الأغر، ومن أجل غدها الذي لا ينام هو الآخر على مواعيد ما ينتظر من إنجازات هي الضمير الوطني الذي يجمع ويوحد ويصنع لعُمان التي تظل في عيون قائدها حكاية شعب لبَّى النداء لحظة التأسيس التي لا تزال صيحتها مزروعة في الوجدان الوطني.
عُمان هي كعادتها، والعمانيون هم كدَيْدَنِهم، يصنعون الحدث الوطني على طريقتهم الخاصة والمميزة، فغدت تلك المشاهد الوطنية الرائعة والمعبرة أيقونة عمانية خاصة ببُعدها الإنساني والحضاري، لم تحجز موقعها في وجدان المواطن وذاكرة الوطن الفردية والجمعية فحسب، بل في صفحات الحدث البشري على امتداد وجودها، وهي تحاكي في مفرداتها ما يرقى إلى الحدث الوطني الكبير لجهة ما أفرزته من صور مثيرة للإعجاب لدرجة أن الطموح لم يستطع مجاراتها في بعض تفاصيلها على الأقل من شدة قوة تدفق الدفء والمشاعر وأشكال التعبير تجاه رمز الوطن وبانيه، وسط دعوات صادقة للمولى جل جلاله بأن يحقق الآمال والطموحات بأن تتواصل مسيرة البناء والتنمية الشاملة تحت قيادة من أطلق طاقاتها، وبسواعد من رفعوا لبناتها.
عُمان كطبعها وطبيعتها تقدم شهادات تميزها وخصوصيتها، وتقدم المشاهد الوطنية الملهمة، وأمس كاليوم رسمت عُمان وسترسم غدًا لوحاتها الوطنية الرائعة الناصعة بنصاعة طهر أرضها وقلوب أبنائها، فالمسيرات التي نظمتها أمس وستنظمها المحافظات والولايات أصدق تعبير وطني عن طهر الأرض والنفس والقلب، ولهذا لا غرو أن يتسابق أبناء عُمان الأوفياء إلى حجز مواقع متقدمة لهم داخل تلك المشاهد واللوحات الوطنية مرددين: يا ربنا احفظ لنا جلالة السلطان.
الوطن – 25 مارس 2015