جريدة عُمان
21 يناير 1985
أدلى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم بحديث هام وشامل لصحيفة الأهرام القاهرية نشرته في عددها أمس تناول فيه جلالته مختلف القضايا الداخلية العربية والدولية. وفيما يلي نص الحديث.
خلال لقائي في قصر السيب الذي يبعد 40 كيلو مترا عن العاصمة مسقط دخل علينا رئيس الديوان السلطاني مرتين يذكره بموعد وصول طائرة الملك حسين إلى مسقط قد حان وأن الموكب الرسمي الذي سيستقله إلى المطار ليكون في استقبال الملك الحسين مازال ينتظره أمام الدرج المرمري في القصر الصغير الجميل وبالرغم من ذلك فقد كانت سخونة القضايا التي فجرها السلطان قابوس بن سعيد بشجاعته المعهودة خلال حديثي معه تنسيه ضيق الوقت والموكب الرسمي الذي ينتظره على أحر من الجمر ، وحين استأذنت للانصراف مقدرا ظروفه طلب مني أن نبقى للحظات نشرب القهوة ضاحكا ببساطة تأسر القلب هذا إذا كان قد بقي غيرنا في القصر ولم ينطلقوا جميعا للذهاب إلى المطار.
والانطباع الجوهري الذي يعطيه اللقاء والحديث مع جلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان لأول مرة هو أنه رجل شجاع شجاعة فطرة غير متكفلة يتكلم بهدوء الواثق من نفسه وبجراءة من يؤمن بأنه على حق ومادام كذلك فلماذا يقول ما لا يؤمن ولماذا يؤمن يما لا يعلنه ولا يستطيع إعلانه وبهذه المعادلة البسيطة حل هذا السلطان الشاب معضلة انفصام الشخصية التي يعاني منها الكثيرون من الحكام والمسؤولين العرب فآراؤه المعلنة تنسجم تماما مع آرائه غير المعلنة ومواقفه العلنية تنسجم مع ما يؤمن به ويدعو إليه فليس لديه حديث الغرف المقفلة وحديث آخر عن نفس المشكلة للتصريحات الرسمية والأحاديث المعلنة.
ظاهرة عربية تستحق التسجيل
أليست هذه ظاهرة عربية تستحق التسجيل في عالمنا العربي الذي ترجع مآسية إلى أن عديدا من حكامه يعلنون غالبا ما يؤمنون به ويؤمنون غالبا بما لا يعلنونه وعلى عكس الصورة الظالمة التي تنقلها عنه كاميرات التليفزيون والكاميرات الصحيفة الرجل الذي يقود عُمان الآن تولى الحكم فيها منذ أربعة عشر عاما كان آنذاك عمره ثلاثون عاما عقب انتهاء دراسته في كلية سانت هيرست العسكرية البريطانية وبعد أن عمل لفترة ضابطا للمدفعية بالجيش البريطاني أخرج بلاده منذ توليه الحكم من سجن العزلة التي فُرِضَت عليها وقاد حركة تغيير شاملة فيها. نقل بلاده خلالها من التخلف والظلام والعزلة إلى التنمية والتقدم والمشاركة في المجتمع الدولي وهو ينتمي إلى أقدم أسرة عربية حاكمة في المنطقة العربية كلها الآن وهي الآسرة البوسعيدية التي تحكم عُمان بلا انقطاع منذ عام 1747. وسلطان عُمان الشاب عمره الآن أربعة و أربعون عاماً .. وقد زار مصر منذ توليه الحكم حتى الآن أربع مرات وكان طبيعيا أن يكون سؤالي الأول أيضا عن موعد زيارته القادمة لمصر فقلت له: متى نرى جلالتكم في مصر ومتى تلتقون بالرئيس مبارك والشعب المصري في القاهرة؟
جلالة السلطان قابوس : سأزور مصر إن شاء الله في إبريل القادم ولا أعرف حتى الآن ما إذا كانت زيارتي لمصر ستكون زيارة رسمية أم زيارة خاصة فالمهم أنني سأزور في إبريل القادم إن شاء الله.
إبراهيم نافع: لا تنسى لكم مصر ولا ينسى لكم المصريون موقفكم القوي الثابت منذ البداية إلى جانب مصر وضد محاولات عزلها أو الابتعاد عنها وقد ثبت صدق رؤيتكم وبعد نظركم خاصةً فيما يتعلق بعدم وجود بدائل ممكنة لاختيار السلام الذي اختارته مصر هي العوامل التي حكمت موقفكم تجاه مصر وهل هذه العوامل مازالت في رأيكم قائمة الآن؟
جلالة السلطان قابوس: نعم هذه العوامل مازالت قائمة حتى الآن وهي أننا نعتقد أن مصر الشقيقة قد اتخذت المواقف التي اتخذتها عن اقتناع وفهم و دراسة وبلا شك فإن هذه المواقف كانت في صالح الشعب المصري وفي صالح الأمة العربية ونحن لا نشك في أن مصر لا تنسى مصلحة الأمة العربية ولم تدع مصلحتها تطغى على مصلحة الأمة العربية وقد ثبت بالدليل أنه يمكن بالمفاوضات وبالطرق السليمة أن تتوصل الأطراف المختلفة إلى الحلول أفضل من الحلول التي يمكن التوصل إليها بالنار وبالبارود وهي الحلول التي تزهق الأرواح وتنفق وتضيع الأموال. من هنا كان منطلقنا بأن نؤيد مصر في كل المواقف ومازال موقفنا قائما ويستمر إن شاء الله.
حجة الإجماع
إبراهيم نافع.. جلالة السلطان لا ينقطع الحديث عن أهمية عودة العلاقات الطبيعية بين الشعوب العربية لكن الجميع وللأسف لا يتجاوزون في ذلك حد الكلام .. ألا ترون أنه قد آن الأوان ومن منطلق الواقعية السياسية أن تتحرك الدول العربية إيجابيا لتحقيق هذه الهدف؟
جلالة السلطان قابوس: أعتقد أن كل الدول العربية اللهم إلا عصفورين أو ثلاثة تعرف في قرارة أنفسها أن الموقف الذي اتخذته مع مصر موقفا خاطئا، وهي لذلك تتعامل مع مصر ومع الشعب المصري بأكثر من طريقة. وبلا مجاملة فإني أقول إننا في هذه الأمة العربية لا نستغني عن مصر وأن مصر لا تستغني أبدا عن أشقائها. وما يقوله البعض الآن من أن القرار بشأن مصر هو قرار جماعي ولا ينقصه إلا قرار جماعي أو ما يقولونه عن الإجماع هو في رأينا نوع من المراوغة واتخاذ الذرائع أو الأقنعة التي يتخفى الإنسان وراءها وليست هي حقيقة المسألة وأعتقد أن الحقيقة هي أن هناك تخوفا من أن أطرافا معينة قد تتسبب لهم في متاعب ومصاعب ..هذه هي الحقيقة .. الحقيقة هي عدم الجرأة في اتخاذ القرار لكن بعد أن اتخذ الأردن هذا القرار الجريء الذي كنت أتوقعه منذ فترة وصدر والحمد لله فإن هذه الحلقة قد انكسرت الآن ولم يعد لها أي معنى.
أين المخرج؟
إبراهيم نافع.. لا تزال الخلافات هي السمة الغالبة على الساحة العربية وهي الخلافات التي تدفع الدول العربية ثمنها غالبا وتستنزف طاقاتها فيما لا يفيد مما أدى إلى تراجع الأمة العربية أمام العالم.. فهل من مخرج من هذا الوضع الدرامي المخزي في نظركم؟
جلالة السلطان قابوس: المخرج في يد الأمة العربية . في الحقيقة إنني أقول دائما إننا أو بعضنا في العالم العربي يرجع دائما مآسيه إلى أنها فُرِضَتْ عليه من الخارج وأن مشاكله يصنعها الآخرون وقد يكون صحيحا أن هناك جهات خارج الوطن العربي هي التي تدبر هذه المآسي له أو تنصب له هذه الشراك. لكن لماذا نقع دائما في هذه الشراك التي تنصب لنا ولماذا لا نتجنب الوقوع فيها.. إن الحل في يد الأمة العربية كما قلت .. في أن تتخذ كلمتها وأن تتجنب الوقوع في الشراك التي تنصب لها. لكن للأسف فإن البعض يرى في هذه المآسي مصلحة له على طريق مصائب قوم عند قوم فوائد. ولا أريد أن أذكر أسماء محددة لكنني أقولها بصراحة أن العيب فينا نحن .
استثمار التقارب الأردني الفلسطيني
إبراهيم نافع.. جلالة السلطان.. كيف ترون السبيل لاستثمار التقارب الأردني الفلسطيني لمحاولة الخروج من الطريق المسدود الذي انتهت إليه جهود السلام .. ألا ترى أنه الضروري أن تشترك كل الأمة العربية في تحقيق هذا الهدف وأنه لا يكفي أن تتحرك مصر وحدها مع الأردن والفلسطينيين لتحقيقه؟
جلالة السلطان قابوس: لي في هذا الشأن موقف معلن من زمن وأقوله دائما وهو إنني أعتقد أنه حتى من الناحية القانونية فإن الأراضي التي كانت تحت الإشراف الأردني يجب أن تعود أولا إلى الأردن وبعد ذلك يتفق الأردن والفلسطينيون على كيفية العيش معا سواء أكان ذلك باتحاد كونفيدرالي أو غير كونفيدرالي أو في دولة مستقلة. الطرفان أعلم بمصلحتها. أما فيما يتعلق بالأمة العربية فإننا إذا كنا سننتظر هذا الإجماع العربي فإننا لن نفعل شيئا ونكون بذلك نخدع أنفسنا..فانتظار هذا الإجماع هو الذي ضيع علينا الأراض والفرص وكل شيء وهو من المستحيلات في الوقت الحاضر لذلك ينبغي على الفلسطينيين والأردنيين أن يعرفوا مصلحتهم وأن يتفقوا على ما يريدون ،وأن يقولوا للأمة العربية هذه خطتنا . وبعد ذلك تؤازرهم الأمة العربية أو لا تؤزارهم . وأعتقد أنها سوف تؤازرهم أما إذا انتظرنا تحقق الإجماع العربي فإني أعتقد أن ما بقي من أرض وما بقي من فرص متاحة أمامنا سوف يضيع إلى الأبد.
كيف مقنع أمريكا؟
إبراهيم نافع .. بعد أن بدا الرئيس ريجان فترة رئاسته الثانية.. ما هو رأيكم في الصيغة التي يستطيع العرب أن يتحركوا من خلالها بحيث تساهم في دفع واشنطن للمشاركة بقد أكبر في جهود التوصل إلى تسوية شاملة للحل؟ وكيف يمكن التنسيق لاستثمار الموقف الأوروبي خاصة وأن إيطاليا تحاول خلال رئاستها للمجموعة الأوربية التحرك لوضع أسس جديدة للتسوية؟
جلالة السلطان قابوس: بالنسبة للولايات المتحدة فإن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يقنع الأمريكيين باتخاذ موقف جدي من القضية هو اتفاق الأردن والفلسطينيين في موقف واضح وموحد فإذا لم تكن هناك خطة أو موقف موحد بينهما فليس من حقنا أن نطالب أمريكا بأن تقدم لنا حلولا سحرية غير ممكنة إذا ما اتخذت مصر والأردن و الفلسطينيين موقفا واضحا ينطلق مطلق موحد فإن ذلك سوف يعطي الرئيس ريجان وحكومته الدوافع لاتخاذ مواقف أكثر إيجابية لصالح القضية ومن الصعب أن يتحقق ذلك ونحن متفرقون ولا تجمعنا كلمة واحدة أو خطة موحدة وأعتقد أن هذا هو الوقت المناسب لذلك لأن الرئيس ريجان لن يدخل انتخابات الرئاسة مرة أخرى ويمكن أن تكون له وحكومته الجرائة والاقتناع في مساندة القضية إذا توحدت كلمتنا. أما أن ننتظر الآخرين بأن يحلو لنا هذه المشاكل. أليس هذا نوعا من العجز، أو نوعا من الذرائع ؟ وفي هذا المجال أشيد من جديد وبدون مجاملة بالموقف المصري. منذ البداية فمصر عندما تحركت لحل قضيتها بيدها استعادت أرضها وحلت مشاكلها. ولا يمكن أن يقف ضد هذا العمل إلا من عميت قلوبهم وليست أبصارهم.. هذا عن الموقف الأمريكي أما الموقف الأوروبي فإني أعتقد أن الدول الأوروبية لن تشذ في ذلك عن الخط الأمريكي وهذه هي الحقيقة التي يجب أن نفهمها وأن نعيها. فالدول الغربية تتحدث عن القضية حديثا عاما، لكن ليس هناك تحرك أوروبي حقيقي بل مجرد كلام ومجاملات ليس أكثر.
معوقات العمل العربي المشترك
إبراهيم نافع.. جلالة السلطان.. نريد من جلالتكم تصورا واضحا وصريحا. وإذا أذنت وأيضا بلا دبلوماسية عن أهم المعوقات التي تعترض مسيرة العمل العربي المشترك والتي أفقدت العالم العربي الكثير من أسباب القوة و التأثير الذي كانت له منذ فترة والتي تكاد تظهره أمام العالم الخارجي الآن في صورة شبه أزلية .
جلالة السلطان قابوس: أهم هذه المعوقات كما قلتُ من قبل هي أنه بين العرب من لا يحبذ العمل العربي المشترك. وإذا نظرنا حولنا سوف نفهم من هم هؤلاء الذين لا يحبذون العمل العربي المشترك. ثم كيف يمكن أن يتحقق العمل العربي المشترك وهناك العديد من الأسباب والشعارات والمزايدات من (تقديمة) إلى (جبهة الرفض) إلى (جبهة الصمود) إلى (رفض الرفض) و(صمود الصمود) إلى آخره .. هذه الفرقة وهذه العوامل هي التي تجعل العمل العربي المشترك غير مجدٍ وهي الشوكة المؤلمة في الجسم العربي.. أما الشيء الآخر فهو أن قسما منا في العالم العربي يريد أن يجاري الكل في وقت واحد لا يريدون أن يتخذوا موقفا صريحا. وهذا في اعتقادي عمل هدام لأنك بذلك تجاري من هو حق ومن هو على غير حق ومن هو على صواب ومن هو على خطأ. وهذا بكل صراحة هو الهدم لا البناء.
الصيغة العربية لإنهاء الحرب العراقية – الإيرانية
إبراهيم نافع..سؤال آخر يطرح نفسه الآن.. لقد دخلت حرب الخليج عامها الخامس دون أية بادرة لتسوية قريبة فكيف ترون الصيغة العربية الملائمة للسعي لإنهاء هذه الحرب؟ وماهو الدور المتصور لدول الخليج للوقوف إلى جانب العراق ولا أقصد هنا مجرد اجتماعات مجلس التعاون التي تجتمع وتنفض خاصةً وأن هذه الحرب تمس مصالح دول شعوب الخليج كلها وليس العراق وحده؟
جلالة السلطان قابوس: نحن هنا في هذه المنطقة ينبغي أن نكون واقعيين وألا نفعل شيئا تكون له آثار سلبية علينا في المستقبل. لذلك فإنه يجب علينا أن نسعى لإيقاف هذه الحرب والصلح بين طرفين، كما يجب ألا نميل كل الميل لأي طرف بالنسبة للحرب ذاتها لكن يجب أن نساعد الشعب العراقي وفي نفس الوقت فإنه ينبغي أن نسعى بإقناع جيراننا في إيران بأن مالهم حق فيه يمكن أن يتحقق بالطرق المشروعة وبالطرق السليمة ويجب أن نساعد الطرفين على إنهائها . لكن السؤال هو : هل في استطاعتنا أن نفعل شيئا حقيقا في هذا المجال؟ لا نستطيع أن نجيب علة هذا السؤال!! اللهم إلا أن نبذل المساعي من خلال الحوار المباشر مع الطرفين والهيئات التي يمكن أن تساعد على إنهاء هذه الازمة وعلى رأسها المؤتمر الإسلامي ثم الدول الخارجية التي قد تكون لها مصلحة في إنهاء هذه الحرب. وفي النهاية فإن الأمر في يد إخواننا في العراق وجيراننا في إيران. لكن أخوتنا في العراق أعلنوا مرارا وتكرارا استعدادهم فنهاء القتال ويبقى أن يقتنع أخوتنا في إيران بذلك.(وما ذلك على الله ببعيد).
الأخطار التي تهدد مضيق هرمز
إبراهيم نافع..ماهو في تقدير جلالتكم مدى الخطر الذي يهدد مضيق هرمز الآن وخاصةً بعد اشتعال حرب الناقلات بين إيران والعراق؟ وما هو موقف عُمان في حالة إغلاق المضيق؟ وماهي الدول التي يمكن أن تتعاون مع عُمان لتجنب هذا الخطر؟
جلالة السلطان قابوس:أي ممر مائي دولي حيوي مثل مضيق هرمز هو في خطر دائما سواء أكان هذا الخطر خطرا مباشرا أو غير مباشر. والخطر المباشر كأن تقع حرب في المنطقة التي تضم هذا الممر وتتسبب في إغلاقه. والخطر غير المباشر، وهو أن يعترض لأعمال تخريب من جهات تخريبية غير معروفة وبعضها للأسف منتشر الآن في أماكن كثيرة من العالم. أما الخطر المباشر وهو إغلاق المضيق بسبب الحرب فليس هناك خطة لذلك مالم تصل الأمور إلى حالة اليأس كعجزهم عن تصدير النفط أو اتخاذهم لقرار يائس بذلك ويبقى كما حدث بالقرب منكم في البحر الأحمر. وهذا مثال حي . لذلك وفي مثل هذه الحالة فإننا ينبغي من خلال مجلس التعاون الخليجي أن نجتمع ونبحث كيف يمكن مواجهة هذا الموقف. لذلك فإنه لن يكون لعُمان موقف فردي إزاء هذه الحالة وإنما لابد ان يكون هناك موقف جماعي وأن نرى هل في استطاعتنا وحدنا مواجهة هذا الموقف فإذا لم يكن يمكننا أن نصنع شيئا من خلال مجلس التعاون الخليجي فينبغي أن نرى كيف يمكن الاستعانة بالأصدقاء لمواجهة هذه الحرب لكن ذلك يتوقف بالطبع على الحالة النفسية التي سوف نواجهها.
موقف حازم ضد الإرهاب الدولي
إبراهيم نافع.. كان الإرهاب العالمي أبرو سكات الأحداث في عديد من الدول خلال العام الماضي كما حدث في الكويت والهند وبريطانيا.. فكيف تستطيع الدول العربية أن تقف موقفا حازما ضد هذا الإرهاب؟
جلالة السلطان قابوس: لقد فكرنا كثيرا في هذا الموضوع ونحن في هذه المنطقة قد تحدثنا بإسهاب في ذلك ووجدنا أن الأفضل في هذا المجال هو الاتصال الثنائي بين كثير من الدول العربية والعالمية والتفاهم معها في هذا الشأن لأنه من اصعب أن نطلب رسميا من هذه الدول أن تتخذ شيئا في هذا المجال. والأفضل بصيغة عامة أن نعالج هذه الحالات بالطرق الثنائية وبهدوء وبطرق غير معلنة.
حقيقة المخاطر في منطقة الخليج
إبراهيم نافع .. ماهي حقيقة المخاطر التي تهدد منطقة الخليج الآن؟ هل هي الحرب العراقية – الإيرانية وحدها؟ هل هي محاولات الاستقطاب من جانب الدول الكبرى؟ أم هناك مخاطر أخرى في تقديركم؟
جلالة السلطان قابوس: الحرب العراقية الإيرانية كما ظهر للعيان هي خطر حقيقي على شعوب المنطقة إذا استمرت وتوسعت ونامل عدم توسعها واستمرارها في المنظور القريب. لكن هذه المنطقة يجب أن تكون على حذر دائم من التخريب لأن التخريب يأتي على رأس المخاطر التي تهددها والحاقدون والمخربون الذين يقدمون على التخريب كثرة أو كثيرون ويجب أن نكون منتبهين لذلك دائما أما خطر الاستقطاب فإننا يجب أن نعمل بقدر مانستطيع على أن نتجنب وقوع صراع بين الدول الكبرى في هذه المنطقة. يؤدي إلى صدام يهدد سلام العالم. وأعتقد أنه بالرغم من أنه كانت هناك فترات شعرنا فيها بالتوترمن الدولتين العظميين فإنني أعتقد أن هناك انفراجا الآن ونرجو ألا يكون هذا الانفراج لصالحهما فقط وغنما أيضا لصالح العالم كله.
نجاح مسيرة التنمية العمانية
إبراهيم نافع.. من الملاحظ أن عُمان استمرت في مسيرة التنمية والبناء بنفس المعدلات التي جرت بها التنمية خلال السنوات الماضية بالرغم من الظروف الاقتصادية المحبطة بدول المنطقة وبالرغم من الركود العالمي.. فما هي في رأي جلالتكم العوامل التي ساعدت على هذا الثبات والاستقرار في سياسة تنمية في عُمان؟
جلالة السلطان قابوس: إننا نحاول دائما في سياسة التنمية أن تكون لنا أولويات ثابتة عندما نضع تصورا لخطة أو لميزانية ونحاول أن تكون هذه الأولويات خالية من الأمور التي ليست بذات الأهمية بالنسبة لمصلحة الشعب والبلاد لذلك ركزنا على تلبية احتياجات معينة في القطاع الحكومي وتشجيع القطاع الخاص وتشجيع الزراعة و الصناعة والاستثمارات في مجالات الأسماك والمعادن وغيرها ورأينا نجاح هذا الاتجاه. كما أن الله – سبحانه وتعالى – قد يسر لنا أمورا فزاد عندنا الإنتاج النفطي قليلا بما يغطي الجزء الأكبر من عجز الميزانية. وليس هناك دولة تخلو ميزانيتها منه. فقد تمت – والحمد لله – تغطية العجز بحيث نستطيع أن نواصل خططنا التنمية بلا تأخر وبدأت سياسة الاتجاه للابتعاد عن الاعتماد كلية على الدخل النفطي يعطي ثمارها ولو كبداية وهي بداية طيبة والحمدلله.اما الشيء الآخر فهو قوة الدولار إذ أن الريال العماني مرتبط بالدولار ويستمد قوته منه والريال العُماني الآن قوي وقد قدم لنا ذلك تيسيرات كثيرة في مجال الاستيراد السلعي وفي مواصلي التنمية والحمدلله.
العلاقات المصرية – العُمانية
إبراهيم نافع .. جلالة السلطان سؤال أخير لكم .. هل أنت راضٍ عن العلاقات المصرية – العُمانية الآن؟ أم أنتم ترون أنها في حاجة إلى المزيد من الخطوات على طريق دعم العلاقات بين البلدين؟
جلالة السلطان قابوس: إني راضٍ والحمد لله عن العلاقات الطيبة الوطيدة بي عُمان ومصر . ولكن أطمح دائما في المزيد.. والعلاقات القائمة الآن بين حكومتينا أكثر من ممتازة. لكننا نتطلع إلى زيادة التفاعل بين شعبي عُمان ومصر إلى دعم الروابط بينهما وعلى هذا الطريق سوف نسير بإذن الله.