جريدة عمان
11 ديسمبر 1985
تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان قلبوس بن سعيد المعظم فأدلى بحديث هام للأستاذ أحمد الجار الله رئيس تحرير جريدة السياسة الكويتية ونشرتها في عددها الصادر أمس وقد جاء في مقدمة اللقاء الهام أن [ اللقاء دام قرابة الساعة مع جلالته أحسستُ أنه إنسان يطل بالفعل على مجمل القضايا العالمية. وإطلالته جاءت خلال حسابات صادقة مجردة بعيدة عن أي دهاء سياسي، أو حرفة دبلوماسية مصطنعة. لقد أحسستُ أن جلالته – حفظه الله – يضع حديثه في قالب مدروس العبارات وليس هناك في نظره أسعد من أن يعيش الإنسان الحقيقة بعيداً عن المبالغة والاستعراضات اللفظية]… وفيما يلي نص الحديث الهام والشامل مع جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم.
الهدف من الاحتفالات المميزة
س: جلالة السلطان.. ما الذي أردته من هذه الاحتفالات التي لفتت الأنظار كثيراً؟
ج: بعد خمسة عشر عاماً من الإرهاق المتواصل من حق هذا الشعب العُماني أن يعبر عن أفراحه وأن يظهرها، ولعلها مناسبة طيبة أن يعيش معه هذه الأفراح إخوانه زعماء مجلس التعاون.. لقد أردنا كذلك إظهار الفرحة بمقدمهم مثلما نحن فرحون بما تحقق لعُمان.
س: سيدي جلالة السلطان.. لكن مظاهر وأشكال التعبير عن هذه الأفراح استطاعت أن تطرح لكم بلدكم أما شعوب هذه المنطقة ليروها بالصورة الجديدة فهل كان فلسفة هذه الأفراح جانب دعائي لعُمان؟
ج: هذا لم يرد في الذهن، لكنه جاء كمحصلة لأفراح شعب عُمان واحتفالاته، حيث شدت هذه الأفراح النظر إلى عُمان كدولة تغيرت معالمها. ذلك الشيئ جيد لكننا لم نخطط له وأنا على يقين أن أشقاءنا في المنطقة شاركونا الأفراح بل إنهم كانوا سعداء لهذا التطور الذي أخذ بأسبابه بلدهم الثاني.. ذلك ما لمسته.
س: جلالة السلطان.. ما هو الانطباع الذي خرج به زوار مسقط بما فيهم بالطبع وعماء دول مجلس التعاون؟
ج: الذي عرفته هو ما قالوه لي وهو أنهم كانوا سعداء بزيارة عُمان وإنهم كانوا مسرورين لنهضتها.. بل إنني تلقيت ما يفيد أن الكثيرين من أبناء منطقة الخليج وشبه الجزيرة قد سرهم التطور العُماني. هذا بالطبع يدفعنا إلى المزيد من العمل ويجعلنا ملزمين برؤية أفضل للمستقبل.
أعمال القمة الخليجية بمسقط
س: جلالة السلطان.. كيف كانت أعمال القمة لدول مجلس التعاون الذي انعقد في بلدكم والذي ترأستم أعماله؟
ج: بعد خمس سنوات من العمل واللقاءات شعرتُ هذه المرة أن جو عمل القمة الخليجية كانت له سمات تختلف عن سمات اللقاءات السابقة ربما لأننا اكتسبنا مزيداً من النضج في العمل: أقول هذا ليس لأنني ترأستُ الجلسات وليس لأن القمة عُقِدَت في مسقط؛ بل لأن النضج ساد عملنا. هذه حقيقة.. في لقاء مسقط شعرتُ أننل نختلف أحيانا وأننا قد لا نتفق على رأي.. لكن هذا الإختلاف لا يؤدي إلى عداوة ولا إلى جفاء يعتري المواقف؛ بل غنه اختلاف في وجهات النظر يحترمها الموافق عليها وغير الموافق. الآراء في السابق عندما كنا نختلف كنا نعتقد أننا أمام نهاية العالم، الآن نحن نختلف ونعطي فرصة للذي لديه رأي آخر ريثما نقتنع بصوابية رأيه وهو بصوابية رأينا. لقد شعرتُ أن لقاء قمة مجلس التعاون في مسقط فيه الكثير من السمات التي هي عليها تعاونات دولية أخرى.
س: جلالة السلطان.. هل معنى ذلك أن دول مجلس التعاون ستمضي بتعاونها بمن يوافق حتى يجد من لم يوافق بعد الوقت المناسب للموافقة؟
ج: هو ذلك معناه أن الاتفاقات التي توافق عليها أكثر من دولة تسير بها حتى تجد الدول الأخرى أن الوقت قد أصبح مناسباً لها للالتحاق بهذه الاتفاقات.
مشاركة الكوادر العُمانية
س: في جو الاحتفالات بعيد عن السلطنة.. هل هناك شيء شعرتَ أنكَ تريد أن تحتفل به ولم يتحقق؟
ج: نعم ثمة شيء كنت أتمنى مشاهدته، كنتُ أتمنى أن الكوادر العُمانية البشرية تتصدر مهام العمل في المراكز الفنية التي لازلنا نستعين بالخبرة الأجنبية للقيام بمهامها. هذا المشوار كنتُ أتمنى اختصاره، لكنه مرتبط بالقدرات الإنسانية، ولا شك أنه هدف نسعى إليه سنحققه. بالطبع أنا مسرور لتصدير العنصر العُماني مهام العمل في قطاعات كثيرة ونحن بالطبع لا نستعين بالأيدي الأجنبية سوى الجانب الذي تركز عليه خطط التنمية.
لماذا الاقتراض من الخارج؟
س: جلالة السلطان.. عُمان دولة نفطية وتعتبر الآن في وضع مالي جيد فلماذا – إذن – تقترضون من الخارج؟
ج:لقد احتاجت خطط التنمية السريعة إلى بعض المال لأن تكاليف الإعمار مرتفعة في عُمان وهذا عائد لطبيعة أرضها خصوصاً فيما يتعلق بعملية بناء الجسور ومنشآت الطرق من المرافق التي تم اعمارها بسرعة. الآن تكاليف البناء أصبحت أقل، كما إن خطط التنمية تسير الآن ضمن سياسة الأولويات – أي الأهم قبل المهم وقد لا نحتاج مستقبلا إلى ما احتجنا إليه سابقاً علاوةً على أن الدخل القومي يتحسن ولذا فإن الاقتراض قد لا نحتاج إليه في الزمن المقبل.
توجهات المستثمرين
س: جلالة السلطان.. جو الاحتفالات الذي نقل صورة حية عن بلدكم إلى دول المنطقة فتح عيون المستثمرين في الإقليم الخليجي.. فهل أنتم على استعداد لتوجهات المستثمرين إن أرادوا؟
ج: ذلك يعتمد على بعض أسس مهمة وهي القناعة بجدوى هذا الاستثمار. في عُمان لا نسمح بإقامة منشأة صناعية أو منشأة اقتصادية ما لم تكن الجدوى منها مضمونة والعائد مفيد. في قناعتنا أنه بدون هذه الجدوى فإن التعثر هو الذي سنلاقيه ونحن لا نريد تحمل عتبات هذا التعثر لأن يؤدي إلى حالة إحباط لدى الطرفين؛ الطرف المستثمر والطرف العُماني؛ ثم إنه لابد أن نشعر بأهمية هذا الاستثمار ومدى استفادة الطرف العُماني منه. نحن لا ننكر ضرورة استفادة الطرفين لكن لابد أن يشعر المواطن العُماني أن هذا الاستثمار مفيد له ولدخله القومي. ضمن هذه الأسس كنا حذرين من الانفتاح؛ لكننا الآن نغلق الأبواب طالما أنه انفتاح حذر ومدروس.
التوجه إلى المستقبل
س: جلالة السلطان.. هناك من يعتقد أنكم خلال الخمسة عشر عاماً الماضية قد صنعتم معجزةً سياسية واقتصادية.. فهل أنتم في موقع مرتاح يسمح لكم بالانصراف إلى تحقيق المزيد من الانفتاح على الدول المجاورة والعالم؟
ج: لقد عشنا فترة الانغلاق في الماضي وذلك لأسباب ثبتت جدواها أن التنطح للسياسة الخارجية والتعامل معها بشكل موسع بدون سياسة داخلية قوية هو قفزة عن الأهم إلى المهم وهذا ما ابتعدنا عنه. لقد كان الرأي هنا هو أنه إذا ما أردنا التعامل مع سياسات العالم الخارجية فيجب أن تكون الجهود الداخلية العُمانية جبهة قوية. إن لجهة الأمن أو الاقتصاد أو التقدم الاجتماعي؛ لذا فقد شهدت السنوات الماضية انصرافاً تاماً للبناء الداخلي العُماني حتى صار كما يشهده العالم الآن.. المهم نحن الآن لسنا مع الانغلاق؛ لكننا مع الانفتاح الحَذِر،فكما إن الانغلاق بلا حدود غير مقبول كذلك الانفتاح بلا محاذير مرفوض، خصوصاً هذه الفترة التي يزداد فيها الإرهاب وعمليات الإخلال بالأمن.. إنني أعتقد أننا نسير ضمن موازنات مقبولة زدزاعي الانغلاق السابقة انتهت فالجبهة الداخلية العُمانية جبهة قوية ومبنية بشكل جيد ولنا سياستنا الخارجية التي تحظى بالتقدير والاحترام وبانتهاء دواعي الانغلاق فإن ما وصلنا إليه من انفتاح جيد وبالطبع سيزداد ضمن أُطُر تلك المحاذير.
التبادل الدبلوماسي مع الاتحاد السوفييتي
س: هناك من أدهشه الإعلان عن تبادل التمثيل الدبلوماسي مع الاتحاد السوفييتي.. هل هذا القرار – فعلاً – مفاجئ ويدعو إلى الدهشة؟
ج: تبادل التمثيل الدبلوماسي مع الاتحاد السوقييتي جاء نتيجة اتصالات بداها الاتحاد السوفييتي منذ سنتين تقريباً، وقد اقتربت وجهات النظر فيما بيننا في الشهرين اللذين سبقا الإعلان عن تبادل التمثيل. لقد بدأت الاتصالات على مستوى دبلوماسي، ثم استقبلت هنا بعض المبعوثين من الاتحاد السوفييتي حاملين رسالة من الرئيس الراحل اندربوف. لقد تفهم السوفييت أنهم يتعاملون مع دولة ذات أسس حقيقية في شكل تعاملها مع العالم.. والاتحاد السوفييت في نظرنا دولة كبرى في الأسرة الدولية؛ لكننا تكره أن يتدخل أحد في شؤوننا الداخلية، وقد تفهم الاتحاد السوفييتي هذه النقطة، ولذا لم يعد هناك مايبرر عدم تبادل السفراء طالما أن هذه الدولة قد تفهمت مطالبنا.
الحدود مع اليمن الجنوبي
س: جلالة السلطان.. ما الذي يعيق ترسيم الحدود مع اليمن الجنوبي في إطار العلاقات الودية القائمة الآن بين البلدين؟
ج: العلاقة مع اليمن الجنوبي جيدة وليس هناك ما يعيق ترسيم الحدود والتأخير الحاصل الآن هو لمجرد أن مثل هذه المهمة تدخل في تفاصيل قد تأخذ بعض الوقت. لكن ذلك طبيعي والاتصالات مع عدن حول هذا الموضوع مستمرة وليس هناك ما هو غير طبيعي.
زيارة العلوي للعراق
س: جلالة السلطان.. لماذا لم يزر وزير خارجيتكم إيران بعد زيارته للعراق؟
ج: زيارة وزير الخارجية العُماني إلى إيران. الدعوة حولها قائمة، بل إنها مفتوحة، هذا ما قاله المسؤولون في طهران. قد رحبوا بالزيارة وفي أي وقت؛ لكن وجدنا وبناءً على رغبة إيرانية أن يسبق هذه الزيارة نوع من الاتصالات على مستويات أقل حتى نجد أرضية مشتركة لكنها زيارة قائمة، وقد تتم في أي وقت، أما ما يتعلق بزيارة الوزير بغداد والهدف الذي سعينا إليه بعد اجتماع مسقط هو أننا أردنا نقل الصورة إلى بغداد ليكون واقع ما هدفنا إليه بشكل مفصل أمامهم كما هو لا أكثر ولا أقل. وقد تفهم الإخوة في بغداد وجهة نظر الخليجية.
الحرب العراقية – الإيرانية
س: جلالة السلطان.. هل من نهاية لهذه الحرب – أقصد حرب الخليج؟
ج: لِأكُن صادقاً معك إن شيئاً ملموساً لنهاية هذه الحرب لم يتوفر حتى الآن فهذه الحرب مرت بمنعطفات كثيرة؛ ففي لقائي الأخير مع المعبوث الأمريكي [ مورفي] سألته: ما إذا كان لقاء القمة بين القوتين الأعظم قد تناول حرب الخليج؟ وقد رد مورفي: [بأن عدم الاهتمام من جانب الدول الكبرى بهذه الحرب هو الذي سيساعد على إنهائها]، وفي رأيه [لو أن هذه الحرب حظيت باهتمام معين فإن أطرافا كثيرة ستهتم بها مما سيوسع دائرتها ويزيد من مخاطرها].. هكذا كان رأي مورفي.
وفي معلوماتنا فإن هناك خطراً تصدير السلاح إلى إيران بما في ذلك عائد محاولات حثيثة لمنع حصولها عليه من السوق السوداء.بالطبع ذلك عائد إلى أن الموقف العراقي قد أبدى استعداده للسلام وذلك منذ سنتين تقريبا. هذا الموقف العراقي قد أبدى استعداده للسلام وذلك منذ سنتين تقريباً. هذا الموقف العراقي يحظى بالتقدير العالمي في وقت تلام فيه إيران لأنها مستمرة في الحرب وفق حسابات داخلية لعل أهمها أن النظام السياسي هناك قام بثورته ضمن إطار حسابات معينة منها تصدير الثروة، ومنها أن الحرب استمرت دون إحراز نصر وقد يؤدي التجاوب مع مبادرات السلام إلى مضاعقات داخلية لا تريدها إيران.
ومن جانبنا نحن دول خليجية نريد لهذا الحرب أن تنتهي لأنها بقدر ماهي حرب مرهقة للعراق وإيران معاً فهي أيضاً حرب مرهقة للمنطقة، ورغبتنا أن يعود السلام؛ فإيران في النهاية دولة جارة.. ونريد علاقات جيدة معها وهذا في صالحها وصالحنا؛ لذا أردنا كدول خليجية أن نبادر بإيجاد أرضية قد تنهي هذه الحرب. ولقد قلتُ لبعض وزراء الخارجية في دول السوق الأوروبية المشتركة وكذلك مع اليابانيين ب[ أن استمرار هذه الحرب لن يكون مفيداً وأن الاستفادة الحقيقية هي في أن تتوقف هذه الحرب وإذا كان تجار السلاح مستفيدين منها فإن ما ستنفقه المنطقة في حال السلم سيكون أكثر مما يُنفق الآن على الحرب]. دول السوق الأوروبية المشتركة لها مصالح مع أطراف الحرب ومصالحها ستزداد بتوقف هذه الحرب وقد تفهم هؤلاء زجهة نظرنا. اليابان ستبعث بوزير خارجيتها إلى طهران مع مطلع العام المقبل هذا ما علمته. نحن نعتقد أننا كدول مجلس تعاون مع دول السوق الأوروبية المشتركة قد نستطيع عمل شيء. لكن شيئاً ملموساً الآن ليس واضحاً. بالطبع نحن في جو هذه الحرب التي دامت سنوات لا نتوقع أن يجلس الطرفان على مائدة المفاوضات في الوقت الحاضر. لكن ما نحلم به هو توقف العمليات العسكرية ثم إطفاء سعير هذه الحرب رويداً رويداً بحيث تتلاشى وتصبح كأنها لم تكن حتى تتوفر الظروف المناسبة لمباشرة حقيقة مهمة وهي أن إيران مثلها دول الخليج والعراق موجودة في هذا الإقليم وأن من أصول هذا التواجد أن يكون مبعثاً لعلاقات جيدة ومتساوية.
قضية الشرق الأوسط
س: جلالة السلطان.. لقد تحدثتَ مع المبعوث الأمريكي عن قضية حرب الخليج.. لكن هل تحدثتَ معه عن قضية الشرق الأوسط؟
ج: نعم لقد تحدثنا ووجهة نظري كانت إنه على أمريكا أن تكون مرنة تجاه الحقوق العربية؛ فإذا كانت إسرائيل تعتمد بتحالفها وصداقتها مع أمريكا فإن أطرافاً عربية كثيرة لها علاقات صداقة مع القوة العظمى الأخرى. الذي أُريد قوله هنا هو أنه يجب أن ينال الفلسطينيون الحقيقيون رعايةً أكبر وأقصد هنا أولئك الذين يعانون متعاب الاحتلال الإسرائيلي. لقد قلتُ لـ[ مورفي] – المبعوث الأمريكي –: (إن جو الوفاق الدولي قد يشجع على إنهاء هذه المشكلة).. لقد طرح مورفي وجهة نظر وتوجه إلى دول المواجهة لاستكمال استطلاعه وقد سمعتُ مؤخراً أن المبعوث الأمريكي قد نوصل إلى ما يُعتبر أمراً مشجعاً. هذا ما نقلته وكالات الأنباء. ونحن نعتقد أن الفترة الحالية بالنسبة للعالم العربي هي فترة علينا أن نشجع من خلالها مساعي السلام.
س: جلالة السلطان.. أنتَ تتحدث عن مساعي السلام. ماهي في نظرك نهايات الصراع العربي الإسرائيلي؟
ج: رداً على سؤالك فقد قلتُ إنه يجب رعاية العنصر الفلسطيني المتضرر من الاحتلال فهو في نظري الأكثر أحقيةً بالرعاية. والملاحظ هنا أن قضية فلسطين ورقة تتصارع عليها الأنظمة العربية المختلفة بينما الفلسطيني يعاني الاحتلال بعيداً عن المساهمة في حل مأساته – مع الاحترام لمنظمة التحرير الفلسطينية – أنا أعتقد أن هناك أطرافاً عديدة تتناول هذه المأساة وكل طرف يتناولها من زاوية قد تكون بعيدة عن لزوم تخفيف ألم الاحتلال. الاتفاق الأردني الفلسطيني الأخير أعتقد أنه صيغة جيدة لإنهاء هذا الصراع. هذا إذا كان القصد استرجاع الأراضي المحتلة سنة 1967 ولتنفيذ صيغ السلام المتفق عليها عالميا. إن مثل هذا الاتفاق قد يؤدي إلى – أكل العنب – إلا إذا كان المراد قتل الناطور. ما يهمني – أنا شخصيا حتى ينتهي هذا الصراع – هو شخصية الفلسطيني في الأراضي المحتلة، والبعيد عن جو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي. مع إن هذا الفلسطيني قد يكون أحرى من غيره لما يجب أن يكون.
العلاقات العربية – المصرية
س: صاحب الجلالة.. ماذا عن عودة العلاقات مع مصر. عناك من يعتقد أنه لابد من إجماع عربي حتى تعود العلاقات الدبلوماسية؟
ج: مقاطعة مصر لم تأتِ بإجماع إنما هي توصيات وليست قراراً لذا فنحن هناك مع دول عربية أخرى لم تقاطع مصر لرؤية سياسية عائدة لنا.. تبين فيما بعد أنها رؤية صحيحة؛ فالذين يرون إجماعاً عربياً لعودة مصر ربما قصدوا من ذلك خلق الأعذار أما الحقيقة فهي أنهم لموازنات سياسية لا يريدون إغضاب بعض دول عربية أخرى ترى عدم ضرورة إعادة العلاقات الدبلوماسية مع مصر أو ربما ترى مقاطعتها. الأردن قاطع مصر لكنه عاد ووجد أن عليه إعادة العلاقات الدبلوماسية معها فأعاد هذه العلاقات دون أن يحتاج إلى إجماع عربي.
س: جلالة السلطان.. هل تعتقد أنه بات من الضرورة أن تعود العلاقات الدبلوماسية مع مصر؟
ج: العلاقة مع مصر لم تتوقف.. بل إنها زادت، حتى مع جو قطع العلاقات الدبلوماسية، الشعوب العربية لم تقاطع مصر خصوصاً هنا في دول الخليج لكن (شكلا) هناك من يقاطعها دبلوماسياً. هذه المقاطعة تشكل بعذ العبء النفسي على الإدارة السياسية المصرية. ففي الوقت الذي تعمل فيه مصر الكثير للعالم العربي بما في ذلك استعداد عمقها البشري لخدمة قضايا السلم والحرب. في هذا الوقت تُقاطَع مصر دبلوماسيا.. إن واقع الحال هذا يطرح السؤال الشعبي المصري أما الإدارة السياسية؛ فشعب مصر تزعجه هذه المقاطعة مع إدارته السياسية قد لا اتكون مهتمة بعودة العلاقات الدبلوماسية فتعاونها مع شعوب العالم العربي ألغى تلك المقاطعة عليها من وجهة نظري. إن العلاقاتيجب أن تعود لأن شعب مصر متألم من استمرار انقطاعها.
س:جلالة السلطان.. هناك سؤال يطرحه الكثيرون ولا أطرحه أنا لوحدي.. وهو لماذا لا يُعلَن ولي عهد السلطنة؟
ج:ضمن إطار تقاليد الأسرة العُمانية الحاكمة فإن منصب ولي العهد تقليد لا يؤخذ به فالوضع يُترك لحين الحاجة حيث تفرز الكفاءة نفسها عندما يكون منصب ولي العهد ضروريا. نعم.. أعرف أن هناك تساؤلات لكنها تساؤلات غير عُمانية خصوصاً من قِبَل الذين لا يعرفون العُرف الذي سارت عليه الأسرة الحاكمة هنا..
س: جلالة السلطان.. هناك من يعتقد أن مخاطر الملاحة عبر مضيق هرمز قد فتح العيون على مياه العُمانية.. فهل جرى بحث استخدام المياه العُمانية من قِبَل مصالح دول مجلس التعاون بحيث تستغني هذه المصالح عن استخدام مضيق هرمز في المرور؟
ج: أثناء اجتماعات قمة مسقط لم نتناول هذا الموضوع لكن ربما جرى الحديث عنه ثنائيا بين الزعماء، وهذا الأمر لا اعرف عنه شيئاً.
إيران ومضيق هرمز
س: وعبر حديث صحافي معك أكدتَ أن إيران لن تعتمد إلى إغلاق مضيق المضيق نظراً لصعوبات معينة وقد صدق تقديرك.. الآن.. كيف ترون الصورة المقبلة للوضع في هذا الممر الحيوي الاستراتيجي؟
ج: إيران يصعب عليها إغلاق المضيق لأن ذلك يحتاج إلى إمكانات عسكرية بحرية معينة، ثم إن الدول المستفيدة من هذا المضيق لها أساطيل موجودة في مياه الخليج الدولية وهي لن تسمح بالإضرار بتجارتها. نعم إيران تستطيع خلق بعض التوتر عبر المضيق لكن ذلك ممكن معالجته إنني لا زلتُ أُؤكد أنه يصعب على إيران إغلاق مضيق هرمز ولا زلتُ على موقفي السابق ونحن قريبون من المضيق ونعرف ما يحدث حوله.
الموقف من عمليات الإرهاب
س: جلالة السلطان.. كثرت في الآونة الأخيرة عمليات الإرهاب وبعضها استهدفت مصر نفسها فما هو هدف ذلك؟
ج: لا شك أن الدور الذي قام به الرئيس المصري ودور مصر الذي اتسم بالاحترام والتقدير هذا الدور مراد إقلاقه وخلق التوتر حوله وحتى يُحاط بالتوتر لابد من افتعال الاضطرابات في الجبهة الداخلية المصرية. هناك عناصر وُجِدَت لإيذاء المواقف العربية داخليا وعالميا. لقد كان الموقف المصري حاسما في محاربة الإرهاب ودون هذا الحسم نعطي فرصة للفاعل كي يكرر فعلته.