جريدة عمان
8 مايو 1989
كيف يمكن لزائر بلد لم يره على الإطلاق أن يكتب عنه في رحلة لا تزيد على الثماني والأربعين ساعة؟ أزحتُ هذا السؤال جانبا وكأنه راكب لزج يحتل المقعد المجاور لي، وتطلعتُ إلى النافذة، هذه هي عُمان تدنو إليك أو تدنو إليها، تلتصق بها جغرافيا وتاريخيا وناساً وملامح وتبعدها عنك قلة المعرفة. تمثل لك جزءا من السحر والغموض وتاريخا يحيط بها بسياجه،هي تحاول الفكاك منه انطلاقا إلى المستقبل. تلوح مسقط أو أنوارها من النافذة وبين طبقات السحب كما يلوح الوشم، وشم خولة طرفة بن العبد على ظاهر اليد؛ لكن الوشم يتسع حتى يصبح بقعة يتخللها الأضواء والماء والجبال تحيط بمعصمها. وعجلة الطائرة تلامس الأرض تمثلت مسقط الماضي مرةً أخرى في العاشرة ليلا. يضرب الدوم دوم فيغلق الباب في السور وتضاء القناديل. والدوم دوم صاج ضخم على قمة جبل بالقرب من قلعة الجلالي يُضْرَب بمطرقة، ثم يطلق المدفع ثلاث طلقات في قلعة الميراني ولا يدخل أحد إلى المدينة أو يخرج منها طوال الليل. لكن هذه الحكايات كلها ذهبت مع ريح سريع ولم يبق إلا ( مسقط ) التي أمامنا مدينة تستلقي على شاطئ ما يزال بكرا رغم الأساطيل وعابرات النفط الملوثة للشواطئ وتلتحف بالجبال التي لا تلخو منها عُمان التي تزوع أكثر من 41 ألف هكتار من المساحة القابلة للزراعة والتي تصل إلى 240 ألف هكتار.. وقصة التغيير في عُمان التي ستبلغ عامها العشرين العام المقبل. جلالة السلطان قابوس تولى السلطة في يوليو عام 1970.. لها مذاق خاصلدى العُماني الذي لا يمل من المقارنة بين وضعه قبل ذلك الوقت والوقت الحاضر؛ فالبلد الذي لا يملك إلا ستة كيلو مترات من الطرق وعددا محدودا جدا من المدارس وأقل من ألف تلميذ في عهد والده السلطان سعيد بن تيمور صارت لديه جامعة تبلغ مساحتها 12 ألف متر مربع وعشرات الألوف من الطلبة والطالبات. بينما بدأت المرأة العُمانية تنفض عن نفسها غبار القرون الوسطى (وتشارك بصمت)، كما قال لي مسؤول عُماني (وبلا فوضة) في مسيرة التنمية. لأول مرة تحتل امرأة عُمانية منصب وكيل وزارة.
الموازنة بين ما كان وما هو كائن هو ديدن العُماني كما هو ديدن كثير من مواطني المنطقة الذي أسعدهم الحظ بأن يشهدوا الفارق ويعيشوه ويلمسوه بأيديهم وإن كان العُماني يشعر أنه بنى أشياءه بكثير من الصبر والمعاناة بعد قرون سحيقة من التخلف ولذلك فهو شديد الحساسية تجاه (تعمين) الأيدي العاملة العُمانية؛فالشباب الذين هم دون الخامسة والعشرين أحد أبرز المظاهر في السلطنة وهم يحلون محل الخبرة العربية التي كانت وما تزال موجودة في عُمان وهذا الأمور يجري على قدم وساق ومن خلال ندوات تُقام لمناقشة السبل الكفيلة بتحقيق الاكتفاء الذاتي من المواطنة العُمانية وملء المناصب فيها ولذا ستجد أمامك كثيرا من نغمة (التعمين) في الصحافة والإذاعة وكذلك في الوقت الحاضر؛ بل إن عملية المراجعة والتقويم من قِبَل الأجهزة المختصة – كما يقول معالي عبد العزيز الرواس وزير الإعلام العُماني – كثير ومن خلال اللجان والأجهزة المختصة. إذ تجري مراجعة العديد من القوانين التي تحس الدولة أنها انتقلت من مرحلة إلى مرحلة وهذا يتوافق مع النمو الذي قطعته عُمان في السنوات الماضية وذلك أمر طبيعي ومستمر، كما إن مجلس الوزراء يكثف اجتماعاته ومراجعاته لكثير من الأمور لتتوافق مع التطلعات في القطاع الخاص أو القطاع العام.
وهموم عُمان السياسية كثيرة كما همومها المحلية من العلاقة مع إيران التي لا تخفيها وهي علاقة استفادت منها مسقط في القيام ببعض الجهود من أجل تسوية ناجحة للمشاكل في الخليج مع ملاحظة أنه لا يجود سفير لعُمان في إيران؛ بل قائم بأعمال. إلى العلاقة مع اليمن الديمقراطية التي تشهد تطورا ملموسا جيدا تتوجت بزيارة السيد أبو بكر حيدر العطاس إلى هناك تلاها عدة اتصالات هدفت إلى تعزيز العلاقة بين البلدين بعد أن شهدت فترة من التطبيع وقبلها التوتر والمسؤولون في البلدين يطمحون إلى القيام بخطوة أكثر تقدما في هذا الإطار.. حيث تتجه الدراسات لإنشاء خط بري مسفلت يربط البلدين إضافةً إلى ما من شأنه تعزيز التعاون بينهما. صحيح أنه كان ممكنا أن يكون الطريق طويلا أمام التفاهم بين العاصمتين عدن ومسقط لكن الملاحظ أن القيادتين سارعتا إلى قطع هذا الطريق بسرعة معقولة فعلاقات الجيران كما يقول دبلوماسي مقين في عُمان ( لا تحتمل التأجيل؛ بل لابد من حلها للانصراف إلى مواضع أهم).. وعُمان تنتظر دورها لتنظيم مؤتمر قمة مجلس التعاون الخليجي العاشرة وهي قمة ليست من القمم العادية لأنها تأتي وقد تأكدت عملية التعاون الخليجي وترسخت في الأذهان فصارت حقيقة غير قابلة للجدل ولعل المثال على تعمقها وتجذرها هو الحماس العُماني لها وهي الدولة التي لها خصوصية معينة في التعامل لديها كما إنها صارت في موقع المطبق لقرارات كثيرة تمهلت في التعامل معها مثل إلغاء التأشيرات بين دول مجلس التعاون وعداها من الاتفاقات..إن لدى مسقط الكثير الذي تريد قوله سواء في علاقاتها الخليجية أو العربية. وزرائها حتى ولو كان الوقت قصيرا لديه ما يمكن قوله وكتابته وربما كتمانه إلى حين.
في الضاحية الغربية لمسقط كان موعدي مع جلالة السلطان قابوس في مدينة السيب على بعد أربعين كيلو مترا من مسقط العاصمة.. وعلى مسافة الأربعين كيلو مترا في الطريق إلى قصر السلطان كنتُ أتجاذب الحديث مع عبدالعزيز الرواس وزير الإعلام في عُمان وأحد أشهر وزراء الإعلام العربي، نقترب من خصوصية الشأن العُماني، تذاكرنا أن السلطان عاد للتو من رحلة عاشها بين مناطق عُمان وأقاليمها. قال عنه الوزير الذي رافقه في تلك الزيارات: (يأتي جلالة السلطان إلى القرية والمدينةالتي يمر بها ثم يشترك في حوارات مع المواطنين في مختلف الشؤون. وهذا يطلب مساعدة، وذلك يعرض مشكلة، والآخر يقدم شكوى.. إنها جولات تنبع من الشخصية العُمانية القائمة على الفطرية والبساطة وهو يرصد نمو السكان ونمو القرية والمدينة من خلال الموازنة بين الذي رأه في العام الماضي والعام الذي لحقه)، ثم يضيف الوزير النشيط ونحن في طريقنا إلى السلطان قابوس في قصر السيب ( إن ثمة جولات غير معلنة يقوم بها ينتقل قي سيارته بين البوادي والمدن. هذه الجولات تعطيه متعة شخصية لأنه يشعر أنه يؤدي واجبا يقوم به)..
وصلنا إلى القصر الذي أشبه باستراحة أكثر من قصر ومسقط تستعد لأن تختتم شهر رمضان المبارك ومن النادر أن يستقبل جلالته صحفيا في شهر رمضان.. والسلطان الذي تمتع بحيوية الشباب يتكلم بحماسة مع اختيار ذكي لعباراته ولجمله.. حياني السلطان وقد فرغ للتو من استقبال السفير البريطاني الذي دخل عليه والمعتقد أنه يحمل رسالة خاصة فرحب بي وصار يسأل عن رأيي قي مسقط وكيف شاهدتها خاصةً أنها الزيارة الأولى بالنسبة لي..
ثم بدأتُ أسأل عن أهم منطلقات المرحلة المقبلة من خلال الزيارات التي سيقوم بها لعدد من البلدان. فكانت إجابة جلالته:
في الحقيقة الزيارات بين الأشقاء والأصدقاء أمر نحرص عليه لما سيترتب عليها من نتائج تسهم في توطيد التعاون وتتيح فرصا لتبادل الآراء ووجهات النظر إزاء المستجدات على الساحة العربية والدولية. وسوف أستهل الجولة بزيارة أخوية إلى دولة الكويت الشقيقة وذلك بعد العيد – إن شاء الله – وهي زيارة كنتُ أود أن أقوم بها قبل هذا الوقت إلا أنني أرى أنها ماتزال تتم في موعدها والطابع الأخوي الذي يحكم هذه الزيارة قد لا يثير أي استغراب فهي زيارة أخ لأخيه يربطها بجانب عوامل كثيرة روح الأسرة الخليجية الواحدة وسوف أتبادل مع أخي سمو الشيخ جابر الأحمد الصباح الآراء ووجهات النظر في كثير من الأمور التي تهم بلدينا إضافةً إلى التطورات على الأصعدة الخليجية والعربية والدولية. كذلك وكما تعلمون فإن سلطنة عُمان ستحتضن أواخر هذا العام الدورة العشرة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وهي دورة ستعقد في ظروف مهمة جدا إضافةً إلى كونها عاشر قمة للقادة وسوف تكون الزيارة فرصة لأن نتبادل الآراء والأفكار في كل ما من شأنه نجاح هذه القمة.
أما المحطة الثانية للجولة فستكون بإذن الله في الأردن للاجتماع بأخينا جلالة الملك حسين حيث سنتدارس معه الأوضاع العربية والدولية وعلى رأس هذه الأوضاع قضية الشرق الأوسط والمدى الذي قطعته القضية الفلسطينية وما حققته الانتفاضة المباركة في الأراضي المحتلة. وهي كلها أمور تمثل همومنا العربية المشتركة ولعل الانفراج الدولي الراهن ونقاط الالتقاء بين المعسكرين الكبيرين تمثل واقعا جيدا يجب استثماره لصالح قضايانا العربية.
أما المحطة الثالثة في الجولة فستكون – بإذن الله – في القاهرة حيث سنلتقي مع أخينا فخامة الرئيس حسني مبارك لنتبادل معه الآراء ووجهات النظر في العديدمن المسائل العربية والدولية وسنتطرق – بإذن الله –إلى كل الأمور التي تهمنا كعرب.
أما المحطة الرابعة فستكون فرسنا وهي أول زيارة رسمية لها حيث سبق وأن زرتها في السبعينات في زيارة عمل ليوم واحد فقط. إلا أن توالي الدعوات وتواصلها من فرنسا فقد أتى الوقت لتلبيتها، وسوف تكون فرصة للتطرق للكثير من الأمور التي تهمنا وعلى رأسها – بدون شك – قضية الشرق الأوسط حيث سنقف على الرؤية الفرنسية لها.. ونستشف آراءهم وبالمقابل سنعطيهم التصور لما نراه يخدم صالح قضيتنا العربية. كذلك فإن اللبنانية تمثل إهتماما فرنسا وسوف نتبادل الحديث في هذا الجانب ونعطيهم رؤيتنا للقضية اللبنانية وما نتوخاه من إسهام يخدم هذه القضية ليتجاوز الشعب العربي اللبناني محنته.. فضلا عن إن الزيارة سوف تتطرق لآفاق التعاون العُماني – الفرنسي وكل ما من شأنه أن يعود بالنفع لبلدينا، إضافةً إلى المستجدات الدولية التي تستأثر باهتمامنا المشترك.. ومن فرنسا سأرد زيارة قام بها جلالة ملك إسبانيا لسلطنة عُمان قبل سنوات حيث سنتحدث مع الإسبان في ذات الأمور ونتبادل الأراء والأفكار في القضايا التي تسترعي اهتمام بلدينا بما فيها العلاقات الثنائية بين سلطنة عُمان وإسبانيا.
كذلك قد تتخلل الجولة زيلرة عمل للملكة المتحدة حيث سنلتقي برئيسة الوزراء زنتبادل معها وجهات النظر في مختلف المستجدات العربية والدولية، وسنمر على القاهرة مرةً أخرى في طريق العودة في زيارة خاصة فمنها نستكمل حديثا مع الأخوة هناك ومنها نختصر المسافة بين أوروبا وسلطنة عُمان وبعدها – إن شاء الله – سنكون في عُمان لنهنئ أنفسنا للقمة العاشرة.. هذا باختصار برنامجنا في الوقت الحاضر.
استثمار العرب لحالة الانفراج الدولي
المحرر: ما إن أنهى السلطان حديثه حول زيارته المقبلة حتى تذكرت إشارة جلالته إلى مسألة الانفراج الدولي. قلتُ له: صاحب الجلالة كلامكم يفتح آفاقا من التساؤلات لما فيه من إشارات مهمة خاصة فيما يتعلق بحالة الانفراج الدولي فكيف تتصور جلالتكم إمكانية الاستفادة من هذه الحالة؟
قال جلالته: لا شك أن حالة الانفراج الدولي تتيح فرصا ثمينة لصالح الالتفات إلى القضايا الإقليمية وما يهمنا كعرب هي قضية الشرق الأوسط ضمن هذه القضايا الإقليمية. وقد ثبت أنه كلما تأزمت الأمور بين القوتين العظيميين كلما خلقت عقبات كثيرة في طريق حل هذه المشكلات. ونحن نمر الآن عربيا بحالة من الانفراج الدولي تفرض علينا حسن استثمارها لصالح قضايانا… فالالتقاء الحاصل الآن بين واشنطن وموسكو يمكن أن يخدم قضيتنا الرئيسية. ولكي أضرب مثلا بالمؤتمر الدولي ففي حالة التأزم كان الحديث عنه غير مقبول.. والآن باتت فكرة انعقاده شبة مقبولة من كلا المعسكرين وإلى جانب أن المواقف المتصلة بين المعسكرين اختفت الآن بات هناك شبه إجماع عالمي على أهمية انعقاده ونجد الآن مرونة كانت غائبة في الماضي في ظل التوتر بين الجانبين.. وكل هذه الأمور تخدمنا كعرب وتخدم قضيتنا.. ونحن نرى كما قلتُ لك هناك شبة إجماع من الشرق والغرب في المساعدة على حل هذه القضية، بعد أن كانت تشهد صراعا سياسيا دوليا على حسابنا كعرب. مثل آخر يمكن أن يطرح نفسه هو مسألة سباق التسلح، حيث شهد عالمنا في ظل التوتر بين المعسكرين سباقا محموما للتسلح بين الشرق والغرب في حين أن هناك الآن نزعة نحو وضع حدود لهذا السباق.. وتوصل الجانبين إلى هذه القناعة من شأنه أن يخدم الاقتصاد العربي.. حيث يتأثر الاقتصاد العالمي وبالنزعة نفسها بين المعسكرين.. ويتيح فرصة لوقف التهافت على شراء الأسلحة.. ويوفر فرصة لتب الجهود في مجالات التنمية والإعمار والبناء ويوقف الصراع القائم بين أصدقاء المعسكرين وهو صراع في ظل حالة الانفراج الدولي هذه في طريقه إلى زوال.. كذلك على الصعيد العربي فإن الصراع بين أصدقاء المعسكرين في منطقتنا العربية يساعد على انتهاء المبررات الإيديولوجية والسياسية لمثل هذه الصراعات وهي كلها تخدم الشأن العربي.. وإذا ما أحسنا استخدامها واستثمارها فإنها بدون شك ستفيد أهدافنا العربية وتفيد التضامن العربي المنشود. بدلا من الانشقاق الذي كان موجوجا فكلما التقت الأسرة الدولية على قناعات الخير والسلم كلما عمت فوائدها الكثيرة وتعددت.
القمة الخليجية واستعدادات عُمان
المحرر: مرة واحدة استضات عُمان القمة الخليجية التي ستستضيفها عُمان هي من أهم القمم لأنها القمة العاشرة. السلطان قابوس مهنم شخصيا بالاستعدادات سواء في حجم الإعداد السياسي أو الإعداد البسيط المتعلق بالسكن والإقامة وتقديم صورة عن عُمان. ومن هنا حين تطرق الحديث إلى الإعداد لقمة الخليج.
قال جلالته: في الحقيقة نحن نعتز أن تكون السلطنة مكان انعقاد هذه الدورة العاشرة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون.. وقد شاء الله أن تحتضن مسقط هذا اللقاء المهم الذي يتوج حصاد تسعة لقاءات في مسرتنا الخليجية.. ولأنها دورة عاشرة وتنعقد في ظروف مهمة فإن جو الاحتفال بأشقائنا يجب أن ينسجم وهذه المعطيات.. والإعداد لهذا اللقاء المهم الذي تحتضنه السلطنة للمرة الثانية يتطلب إعداد وتهيئة يتناسبان وأهميته، ونحن بدأنا التنسيق مع إخواننا وبإنتظار الآراء والأفكار التي تثري الجهود التي نقوم بها ونحن نستعد لهذا الحدث المهم ومن جانبنا فنحن نريد أن نؤكد على أن الأساس الذي أرسيناه طوال السنوات الماضية يجب أن نعمل على تقويته ليكون بمستوى المتانة والصلابة التي ننشدها منه، وأن تكون كل خطواتنا مدروسة وتستهدف النفع العام وأن نضع في اعتبارنا أنه من حق شعوبنا ومن حق منطقتنا أن ترى وتلمس نتائج هذه الخطوات ونتائج التعاون موجودة فإننا نسعى من أجل أن تكون هناك ثمار يانعة لهذا التعاون وإذا كانت شجرة التعاون موجودة فإننا نسعى من أجل أن تكون هذه الشجرة ذات جذور قوية في التربة الخليجية لتعطي بالمقابل ثمارا يانعة طيبة بإذن الله.. وهناك أفكار كثيرة وطروحات عدة من الدول الأعضاء سنتدارسها.. ولا شك أن اللقاء المرتقب سيأتي ومنطقتنا بحمد الله الآن أكثر امنا وأكثر سلما وهو ما يتيح لنا أن نبلور الكثير من الآراء التي تستثمر الحالة الآمنة التي تشاهدها منطقتنا أو نساهم مساهمة فعالة في إيجاد حل نهائي للمواع العراقي – الإيراني وسنعمل كمجلس تعاون لأن نرى هذا السلم في المنطقة سلما لا يكون مؤقتا بل سلما ليبقى – إن شاء الله – وهذا ما يهمنا.
المحرر: قلتُ لجلالته: من المعروف أن السلطنة لها دور مميز في ما يتصل بالحرب العراقية – الإيرانية.. ولها مساعيها المميزة في الاتصال بين الجانبين وقد نهضت بالمسؤولية التي أُنيطت من قِبَل المجلس.. سؤالي: بحكم هذه الاتصالات المستمرة.. كيف ترون النيات الإيرانية؟ وهل ترون جلالتكم أن إيران صادقة في موقفها؟
السلطان: أنا في الحقيقة متفائل.. وأعتقد أن من جرب الحرب وجرب دمارها لن يفكر من جديد في العودة إليها.. ولأن البلدين خاضا حربا مدمرة دامت لسنوات فلابد من أن تترك بعض الأمور وتخلف بعض الهموم الداخلية؛ فكل بلد له شؤونه وشجونه الداخلية، ولابد لإيران من أن تمر أيضا بهذه الأمور.. إلا أنني لا أعتقد أن إيران تسعى في الوقت الحاضر للعودة لحالة الحرب وما نلمسه من الإيرانيين أن توجهاتهم ونواياهم صادقة فعلا في عدم التفكير في العودة إلى الحرب.. وإنهم وضعوا أقدامهم على طريق السلام وانشغلوا بتوجيه قدراتهم لبناء وتنمية.. وهذه النوايا والتوجهات هي ذاتها – بدون شك – موجودة لدى الإخوة في العراق وقد عبروا عنها في مجالات كثيرة ولكن – بدون شك – أن حالات الهدنة لا تحقق أهدافنا فما نسعى إليه هو تتويج حالات الهدنة إلى سلام حقيقي مبني على أسس صلبة. ونحن في مجلس التعاون بذلنا وما زلنا نبذل قصارى الجهد في أن نرى رايات الإسلام تخفق وسنعمل – بإذن الله – من أجل تحقيق هذه الغايات.. فالسلام المبني على أسس صلبة يهمنا بدون شك.. ومن أجل ذلك أبقينا الأبواب مفنوحة للحوار واستثمار الفرص للوصول إلى هذه الغايات.. ومن خلال تعاملنا طوال السنوات الماضية، ومن خلال اتصالاتنا طوال الفترة التي أعقبت توقف الحرب، وجدنا حقيقة أن الإيرانيين لديهم الرغبة في أن تكون هناك رؤية واضحة ونظرة تتصل بهذا الأمن في المنطقة.. ولكن علينا أن نقر أن هناك بعض الأمور المعقدة ولن تُحل بين يوم وليلة. وبشء من الصبر علينا أن نتحلى له وأن نبذل الجهود لتسيير الأمور ولكن في طريقها الصحيح وبالتي هي أحسن وأن نتمسك بالصبر وأن نتزود بالعزم والتصميم في الوصول بالأمور إلى الغيات التي ننشدها جميعا لمنطقتنا وأن نعمل معاً في هذا الإتجاه ووفق هذه المعطيات.
المحرر: ودعتُ السلطان قابوس وأذان المغرب يؤذن بموعد الإفطار يكاد ينهي صيامنا وهو يستعد للإفطار شاكرا تفضله بهذه الدقائق وتقدمت منه شاكراً له رغبته في أن يراني مرةً أخرى في هذا البلد العربي ثم عن لي على الفور سؤاله: سيدي صاحب الجلالة هل ستحضرون قمة الدار البيضاء؟
السلطان: إن سلطنة عثمان بدون شك ستحضر هذه القمة.. أما فيما بي شخصياً فأنا منهمك حاليا بدراسة كل ما يتصل بانعقاد هذه القمة الطارئة وإذا وجدتُ أن هذه القمة يمكن أن تحقق مردودا جيدا فلا شك سأحضرها وبدون تردد.. فكل خطوة عربية يترتب عليها تحقيق نفع عربي تحظى بمباركتنا وتأييدنا أما إذا كانت هذه القمة مغلفة بالغموض فقد أحتفظ عن حضورها لأن ما يهمني شخصيا من الحضور هو الخروج بنتائج محددة تخدم أهدافنا العربية.. أما فيما يتعلق بسلطنة عُمان فإنها كما قلتُ سوف تحضر هذه القمة ولأنه ما يزال هناك متسعٌ من الوقت فلندع الحديث عن المشاركة إلى حينه.