جريدة عُمان
30 اكتوبر 1983
أدلى حضرة صاحب جلالة السلطان قابوس المعظم بحديث سياسي شامل وهام لمجلة ( المستقبل) في عددها الصادر أمس تناول فيه جلالته القضايا السياسية الساخنة على الساحة الخليجية والعربية في مقدمتها الحرب العراقية –الإيرانية في عامها الرابع وأبعادها الخليجية وآثارها المستقبلية على الدولتين وعلى المنطقة بأسرها وما تثيره من احتمالات التدخل الأجنبي في ظل التهديدات المتبادلة بين بغداد وطهران ومواقف سلطنة عُمان من هذه التطورات ،كما تناول جلالته في حديثه الهام دور مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتنسيق الجاري حاليا بين دوله الست من جانب وبين المجلس والعالم الخارجي من جانب آخر ..كما تطرق جلالته في هذا الحديث الشامل إلى تجربة المجلس الاستشاري للدولة بعد عامين من إنشائه كتجربة رائدة على طريقة المشاركة الأوسع في مسيرة عُمان الإقتصادية والاجتماعية. وأكدت مجلة ( المستقبل) من خلال استشهادها بأحاديث صحيفة سابقة مع جلالة سلطان البلاد المفدى بعد نظر القيادة العُمانية ونظرتها الثاقبة لتطورات الأحداث وتحليلاتها المستقبلية بعد مرور أكثر من عقد الزمن حفل بالمتغيرات الخليجية والعربية والدولية .
وحول الدور الذي تضطلع به عُمان في المنطقة..؟
قال جلالة السلطان البلاد المعظم: (إن طموحات عمان السياسية أن تحافظ دائما على التوازن في جميع السياسات وأن تحد من التطرف في أي إتجاه وهذا هو الدور الذي تسعى إليه السلطنة دائما وتطمح في أن تنجح فيه). واضاف جلالته قائلا : (إن أهمية عمان الاستراتيجية أهمية كبيرة فهي تشكل عمقا استراتيجيا لدول الجزيرة العربية وبالتالي عمقا أمنيا وعسكريا لكل دول المنطقة وبالرغم من ذلك فإن مجلس التعاون لدزل الخليج العربية لم يستثمر ذلك حتى الآن ولم يستغل الموانئ العُمانية بديلا عن مضيق هرمز ). واستطرد جلالته بالقول : ( إن طموحات عمان على الساحة الدولية أن تساهم بتواضع في كل مافيه صلاح هذا العالم).
وحول سؤال عن احتمالات الحرب بين العراق والتهديدات المواكبة لها ومدى جديتها؟
قال جلالته : ( إن هذه الاحتمالات غير حقيقية لأنه لابد وأن يكون هناك قرارا سياسيا يسبق توسيع الحرب في الخليج). وأعرب جلالته عن اعتقاده بأن ( أطراف الحرب ليسوا الآن في وضع يسمح باتخاذ قرارات عشوائية).واكد جلالته أن (المنطقة تعيش الآن حالة من التهديدات).وأردف جلالته قائلا : (إن عُمان متيقظة وتعزز وجودها في أراضيها من أجل الدفاع عن حدودها السياسية). وفي سؤال عند دخول هذه الحرب عامها الرابع الأمرالذي يدفع العراق إلى استخدام سلاحه الجديد لوضع نهاية لها. قال جلالة سلطان البلاد المفدى: ( إن الحرب طالت بالفعل والعراق يعتبرها حرب كل العرب،وطهران ترفض إنهاء القتال والقبول بمبدأ التفاوض لهذا فإن العراق يريد أن يدفع العالم إلى إدراك أن هذه الحرب تشكل خطرا عليه حتى يفكر جديا في طريقة تعجل بإنهائها).
وحول احتمالات تدخل أمريكي لحماية الملاحة في الخليج إذا ما أُغلق مضيق هرمز ؟
أجاب جلالته : ( بأن هذا التدخل وارد وأن عُمان أعلنت أن حماية المضيق مسؤولية خليجية جماعية ورحبت السلطنة بحماية شعوبنا ولنتخذ موقفا.ولقد استعدت الخارجية العُمانية في مسقط سفراء الدول الخليجية وأبلغتهم بضرورة اتخاذ موقف في حال حدوث أي هجوم وكذلك اجتمع وزير الدولة للشؤون الخارجية في نيويورك خلال انعقاد دورة الجمعية العامة بوزراء خارجية دول المجلس ودعاهم إلى اتخاذ موقف من احتمالات الهجوم والحرب). واستطرد جلالته قائلا: (إن السؤال الذي يُطرح الآن :هل دول مجلس التعاون قادرة على مواجهة الظروف الحالية. وإذا لم تتخذ موقفا سياسيا وأمنيا فإن الآخرين سوف يتخذون هذا الموقف لهم أو بالنيابة عنهم).
وحول القمة الخليجية الرابعة و أهمية القرارات التي يجب أن تتبناها على ضوء التطورات الحالية التي تحيط بمنطقة الخليج؟
قال جلالة سلطان البلاد المفدى : (إن هذه القمة لابد وأن يدور فيها حديث جاد ولابد أن تكون قادرة على مواجهة التحديات التي تعصف بالمنطقة وأن تحدد معالم الطريق الذي يجب أن يسلكه مجلس التعاون). وقال جلالته: ( إنه سيدعو في هذه القمة إلى ضرورة الإسراع في اتخاذ القرار بحيث نكون مستعدين دائما للإطاحة بكل المواقف واتخاذ مايناسبها من قرارات حتى لا نفاجأ بالذي يحدث من حولنا).
وفي ردٍ على سؤال عن تشكيل قوة انتشار أردنية للدفاع عن الخليج؟
قال جلالته: (إنه قد سمع هذا النبأ لأول مرة من الراديو إلا أن السلطنة تعرف أن الأردن ملكا وحكومة وشعبا لم يتأخر في أي وقت من الأوقات في دعم أخوانه في منطقة الخليج ولن يتأخر وهو على استعداد دائما لمساعدة أشقائه في الخليج كلما طلبوا منه).
وفي سؤال آخرحول ما ذكرته الصحف الأجنبية عن مشروع سيتقدم به رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة إلى القمة الخليجية المقبلة في الدوحة لإنهاء الحرب العراقية – الإيرانية بعد الوساطة التي قام من بغداد ودمشق والجزائر بتكليف من مجلس التعاون؟
قال جلالته:- حسب علمه – لم يكلف مجلس التعاون أي ملك أو أي أمير أو رئيس دولة من دول المجلس بالقيام بأية اتصالات أو وساطات أو مبادرات. ووساطة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة بمبادرة شخصية منه، كما أن المشروع لإنهاء الحرب من بغداد وطهران ليس فيه جديد).
وعن احتمالات فتح حوار بين دول الخليج والاتحاد السوفييتي وإقامة علاقات طبيعية معه؟
أجاب جلالته قائلا: ( إن عُمان تنطلق من الإيمان بأنها يجب أن تكون على علاقة جيدة مع كل دول العالم وخاصة الكبيرة وقد تمت علاقات السلطنة مع أغلب الدول في ظل ظروف معينة ولم تقم علاقات مع دول أخرى بسبب تلك الظروف وعُمان لا مانع فيها من قيام حوار وعلاقات مع الاتحاد السوفييتي إذا أرادت موسكو أن تزيل هذه الموانع وتبرهن على حسن نية لفتح صفحة جديدة من العلاقات ). واستطرد جلالته قائلا: ( إن على موسكو أن تقنعنا جديا أنها لا تنوي التدخل في شؤوننا الداخلية وأن تمتنع عن مساعدة أية منظمة تخريبية في المنطقة وأن تكف عن بث الدعاية ضدنا ومتى توفرت هذه العوامل تكون عُمان على استعداد للبحث في موضوع العلاقات مع الاتحاد السوفييتي ). وأضاف جلالته: ( إن الحوار مع موسكو والعلاقات معها ليست مسألة جماعية تخص مجلس التعاون لأن المجلس ليس تكتلا سياسيا فكل دولة لها سياستها الخاصة تمارسها منفردة حسب مقتضيات مصلحتها الوطنية). وضرب جلالته الأمثلة على ذلك قائلا: ( إن الكويت لها علاقات مع موسكو وعُمان لها علاقات مع الصين وهكذا يوجد التوازن في مجموع هذه العلاقات)، وقال جلالته: ( إنه لايحبذ أن يكون لمجلس التعاون قرارا في هذا الموضوع ..وانتقل جلالته إلى الحديث عن تجربة المجلس الاستشاري للدولة بعد سنتين من إنشائه ففي رد حول سؤال حول مستقبل التجربة . قال جلالة السلطان قابوس المعظم: (إن المجلس هو النواة والخطوة الأولى التي خطتها عُمان عن قناعة وهي الخطوة الأولى وتعد كيانا عُمانيا مميزا يمثل الشعب حقيقة وأصواتا ورغبات بالطريقة العُمانية . لقد كان المجلس الاستشاري خطوة طيبة وتجربة رائدة حققت نجاحا مرضيا من جلالته ومن الشعب). وأردف جلالته بالقول : ( إن المجلس الاستشاري في الدورة القادمة سيزداد عدد أعضائه عشرة أعضاء وسيناط به مناقشة القوانين ومراجعتها وإجراء التغييرات اللازمة فيها قبل إبرامها بمراسيم وسوف يطرق في دورته القادة آفاقا جديدة ليكون في خدمة البلاد دائما).