جريدة عمان
23 اكتوبر 1991
باريس –العُمانية: أعلن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم أن (هناك العديد من الإنجازات التي تحققت في السلطنة في مجال شؤون البيئة منها المحافظة على أنواع معينة من الحيوانات التي إن لم تجد الرعاية والعناية البيئية فإنها سوف تنقرض، والاهتمام بإعادة زراعة نوعية معينة من الأشجار التي كانت تنم في عُمان من قبل، ومكافحة التلوث في أعالي البحار وهو الأمر الذي جعلنا نحافظ على نوعية معينة من الأسماك في الشواطئ العُمانية بجانب المحافظة على التراث الحضاري من الاندثار والضياع).
وقال جلالته: (في عام 1974 قررنا إعادة توطين (المها) التي كانت تعيش في عثمان في الماضي وكاد ينقرض من العالم بأسره وبفضل الاهتمام بالبيئة أصبح هذا الحيوان الصحراوي يعيش اليوم في بيئته الطبيعية في عُمان وقد تكاثرت أعداده، كما فعلنا نفس الشيء بالنسبة للزواحف والغزلان)..جاء ذلك في حديث لجلالة السلطان المعظم مع مجلة(بوان دي فو) الفرنسية الشهيرة أجراه رئيس تحريرها (جين بيير شانيل).
وأشار جلالة السلطان المعظم في حديثه إلى (أن هناك تفكيراً في إقامة حظيرة للحيوانات البرية في شمال البلاد، كما تم افتتاح مشروع رائد وهو عبارة عن سجل فوتوغرافي لكل أنواع السماك التي تعيش في المياه العُمانية ويتولى المشروع خبراء ألمان، ومن المأمول أن يكتمل المشروع في غضون خمس سنوات وسوف يتبعه برنامج مماثل عن الطيور).
وأكد جلالة السلطان البلاد المفدى في حديثه لمجلة (بوان دي فو) الفرنسية الشهرية أن (لديه قناعة تامة بأن بناء طريق أو مصنع أو إقامة أي مشروع تنموي لا يعني بالضرورة تدمير البيئة الريفية الطبيعية).. وقال جلالته: (إنه ينظر إلى مشروعات التنمية في عُمان من وحي المثل البدوي الذي يقول “خذ حاجتك من الطبيعة،ولكن لا تأخذ أكثر من حاجتك”،وقد أقلقنا أن نشاهد قدراً من الإسراف المضر الذي يزيد عن الاحتياجات).
وشدد جلالته: على (أن المحافظة على البيئة تهم البشرية جمعاء)، مشيرا إلى (أن أكبر عدو للطبيعة هو الإنسان نفسه، إنه يعيش على تدمير الطبيعة وبيئته. ونحاول في مدارسنا بث الوعي البيئي بين أوساط أبنائنا، كما نشجع المواطنين على المحافظة على البيئة بالتشجير وزراعة الأشجار والزهور وبتهذيب الشائش ونظافة المساكن).
وفيما يتعلق بالسياحة قال جلالته: (لقد تعمدنا تحديد عدد السواح، ثم نقيم التجربة ونُقرر على وضوئها السياسة المناسبة).
وأعرب جلالة السلطان المعظم عن (اعتقاده بأن الوقت قد حان فعلاً لينظر المجتمع الدولي في تشكيل هيئة دولية يُعهَد إليها بالمحافظة على شؤون البيئة، وقد تكون البداية بتشكيل منظمة إقليمية).. وأشار جلالته إلى (أن السلطنة سوف تحضر مؤتمر ريودي جانيرو الذي سوف تعتقده الأمم المتحدة في البرازيل في بداية عام 1992 حول شؤون البيئة، وحول الآثار البيئية لحرب الخليج، وأثر ذلك على السلطنة).
وقال جلالة السلطان البلاد المفدى: (إن بقع الزيت لم تصل إلى الشواطئ العُمانية، ولكن عندما تهب الرياح من الكويت فإن سماء عُمان تُغطى بسحب سوداء من الغبار نتيجة لحرائق آبار النفط الكويتية).وأشار جلالته إلى (أن الطيورالتي تعيش في شمال السلطنة، قد غُطيت أجنحتها بهذا الغبار الأسود).
وأكد جلالته: (أن هذا دليل على أن البيئة لا تعرف الحدود وبذلك يجب أن يشترك الجميع في المحافظة عليه).. وحذر جلالته: (من أضرار التلوث البيئي، وماذا يعني ذلك للإنسان)، وقال: (إن التلوث الذي أعنيه ليس الذي يحدث إثر حادث معين؛ إنما الذي يؤثر على عناصر الحياة الطبيعية، ويغير جمال الطبيعة، ويدمر عناصر الجمال، أو أرض البلد.
وقد أشار جلالته إلى أنه (من هذا المنطق كان قراره بتشكيل هيئة تكون مسؤولة عن شؤون البيئة والتي تطورت بعد ذلك إلى وزارة).
وحول نظرة جلالته إلى البيئة قال: (إننا ننظر إلى البيئة في إطارها الأوسع، إننا نحترم الطبيعة، ونتأمل جمالها، ولهذا نحرص على الإبقاء على التقليد الأجداد في فن البناء، ونحرص على الإبقاء على أصالة المناظر الطبيعية في السلطنة، ومن هنا كان حرصنا على أن يتعلم الناس احترام البيئة).
وكانت مجلة (بوان دي فو) الفرنسية الشهرية قد استهلت حديث جلالة السلطان المعظم بمقدمة طويلة أكدت فيها: (حرص صاحب جلالة سلطان البلاد المفدى على مقابلة أفراد شعبه وجها لوجه حيث يستمعون إليه، ويستمع إليهم بصورة مباشرة ، وهو يفضل ذلك انطلاقا من تقليد عُماني أصيل حيث يعيش الحاكم مع أبناء شعبه ويتحدث إليهم مباشرةً، ويستمع إلى مطالبهم بدون حجاب ويتفقد الخدمات التي تقدمها إليهم الطبيعة).
ونوهت المجلة بما تتميز به من عُمان من تراث عريق وتاريخ مشرق، وقالت: (إنها بلاد الرحالة والرواد الذين ركبوا البحار وزاروا الموانئ القديمة في العالم، حتى بلاد الصين البعيدة ومنهم السندباد البحري الذي ملأت شهرته العالم).
وأضافت المجلة بأن: (جلالة السلطان المعظم يُعد من أبرز القادة الذين يهتمون بقضايا البيئة، ونقائها، والحرص على نظافتها من التلوث وآثاره السلبية ومن حرصه على نقاء البيئة أن نفذ برامج التشجير في أنحاء البلاد، ومن حرصه على الشؤون البيئية والنظافة العامة فإنه يقف بنفسه متفقدا المرافق وموجها تنفيذ البرامج.
ووصفت المجلة عُمان بأنها دولة عصرية صنعت لنفسها مكانةً في العالم المحتضر بقيادة جلالة السلطان قابوس المعظم دون التفريط بأصالتها وعاداتها وتقاليدها)، كما وصفت المجلة المباني العُمانية بأنها (أنيقة ومتواضعة ومتناسقة تلتزم بذوق معماري يُعبر عن التقاليد العُمانية المتوارثة وفن البناء والمعمار، وقالت: إن الزائر لعُمان يندهش عندما يرى المباني الأنيقة والحدائق في مسقط وهي مزينة بالأشجار والورود، ويرى حرص المسؤولين على أهمية تشجير واخضرار المدينة).