مجلة (درع الوطن) الظبيانية
جريدة عمان – السبت 14 يوليو 1973 م – العدد 35 المجلد الأول
في حديث لمجلة (درع الوطن) الظبيانية
+ قابوس: علاقتنا بدولة الإمارات وطيدة ويجمعنا وجود واحد
+ لولا عودة بعض أبناء البلاد من الخارج لما تمكنا من انجاز الكثير
+ وحدة دول المنطقة أمر يهمنا جميعا ولكن يجب أن ننظر إلى الأمور بواقعية
+ تحرير الأرض العربية سبيله وحدة الصف العربي والحد من الخلافات
قال جلالة السلطان قابوس المعظم: (إن علاقات عمان مع جيرانها باستثناء أولئك الذين يساعدون المتمردين هي علاقات حسنة جدا وإن زيارة جلالته لدولة الإمارات العربية المتحدة وزيارة سمو الشيخ خليفة بن زايد ولي عهد أبوظبي ورئيس وزارئها للسلطنة قد جاء تأكيدا لعمق الصداقة وضرورة تبادل الآراء بين البلدين)
جاء ذلك في حديث صحفي أدلى به جلالته لمجلة (درع الوطن) العسكرية الشهرية التي تصدرها وزارة الدفاع في أمارة أبوظبي الشقيقة، وذلك خلال الزيارة التي قام بها سمو الشيخ خليفة ين زايد للسلطنة، وقد نشرت المقابلة في عدد المجلة الصادر في مطلع الشهر الحالي.. وفيما يلي نص الحديث:
قلت للسلطان قابوس: من أين نبدأ الحوار.. من الحاضر أم من المستقبل؟
وابتسم جلالته وهو يقول: من حيث تريد أنت
قلت: إذن لنبدأ من الحاضر، ولكن الحاضر هو هذه اللحظات .. أعني هذه الزيارة التي يقوم بها سمو الشيخ خليفة بن زايد للسلطنة، إلى أي مدى وصلت علاقات سلطنة عمان مع جيرانها بصورة عامة ومع دولة الإمارات العربية المتحدة بصورة خاصة؟
علاقات حسنة
ويقول السلطان: (علاقتنا مع جيراننا بإستثناء أولئك الذين يساعدون المتمردين حسنة جدا، أما بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة فهي وطيدة وقد جاءت زيارتنا السابقة لدولة الإمارات العربية وزيارة سمو الشيخ خليفة لبلادنا تأكيدا لعمق الصداقة وضرورة تبادل الآراء حيث إننا تجمعنا منطقة واحدة ووجود واحد)
النشاط والجهد الدبلوماسي
ويستمر الحوار ..
لا شك أن جلالتكم قمتم بجهد ونشاط واسع في المجال الدبلوماسي لتحقيق أهدافكم ..
ويرد جلالته: ( كان لابد أن يحدث ذلك.. فقد كان لابد أن نخرج إلى العالم بعد تلك العزلة الطويلة، ولقد نجحنا في ذلك إلى حد كبير، ولقد أعطى ذلك تأثيره على الداخل أيضا فقد أحس أبناء هذا القطر أن بلدهم أصبح له كيانه بين دول العالم .. إن ذلك يعطيهم دفعة قوية من أجل مزيد من العمل .. ويجعلهم أكثر إيمانا بقضيتهم ويساعدهم على الإستقرار النفسي).
أثر العمانيين العائدين
قلت: ونحن نتحدث على الاستقرار النفسي نحن نعرف أن عددا كبيرا من أبناء عمان قد تركوا البلاد، وإن جلالتكم قد وجهتم إليهم نداء بالعودة .. هل كان لذلك أثر ظاهر في مسيرتكم؟
يقول السلطان: ( لقد عاد عدد لا بأس به ودعني أقولها لك بصراحة أنا لا أبالغ فيما أقوله: لولا عودة بعض أبناء البلاد لما تمكنا من أن نقوم بما قمنا به، وكلنا أمل في أن يعود المزيد من أبناء الوطن، ليأخذوا دورهم الطبيعي في بناء بلادهم).
إستغلال الثروة الطبيعية
قلت: جلالة السلطان.. لننتقل إلى صورة المستقبل، تطالعنا الصحف من حين لآخر بأن أرض عمان تحوي في باطنها أكثر من ثروة، فما هو تصور جلالتكم لإستغلال هذه الثروات.. هل هناك خطة معينة للإستثمار سواء في القطاع الزراعي أو الصناعي؟
وتقفز إبتسامة واسعة على وجه السلطان.. ابتسامة أمل عريض، ويواصل حديثه: ( الإنسان آماله كثيرة، ونحن نأمل – إن شاء الله – ألا تكون خالية من الثروات ونحن جادين في البحث عن هذه الثروات .. وتتم هذه العملية حاليا إن نقوم بعملية مسح كامل لتحديد المصادر والثروات الأخرى كماً وكيفاً والدلائل والحمد لله تبشر بخير .. وعندما تنتهي عملية المسح هذه لا شك في أنه ستكون هناك خطط كاملة لإٍستغلال هذه الثروات. ومن ناحية التصنيع فقد وضعنا خطة عاجلة لإنشاء مصنع لإستغلال الثروة السمكية وآخر لإنتاج الثروة الزراعية وتصدير الفائض. والخبراء يقومون حاليا بالدراسات الخاصة بذلك ..).
(الحديث مازل مستمراً.. وهدير الأمواج يكسر جدار صمت الليل الذي أسدل ستاره خارج نوافذ القصر .. وانتقل بالحوار إلى نقطة آخرى ..).
الصراع العالمي في المنطقة
قلت: جلالة السلطان .. حديث الثروات يجرنا إلى موقف قوى الصراع العالمي في منطقتنا .. هل لجلالتكم تحليل خاص لموقف هذه القوى؟
ويقول السلطان قابوس: ( لاشك إنه لم يعد يخفى على أحد أن الجزيرة العربية بما فيها الخليج.. في كل بقعة منها أكثر من ثروة، ولعل في مقدمتها البترول كما تعلم.. لا جدال إن في أن هذه الأرض المليئة بالخير تصبح مطمعا. إن هذه الثروات تفتح شهية الآخرين .. أينما كانوا شرقا أو غربا .. ولعلك تستطيع أن تلمس ذلك في المنافسة التي تقوم بين الشركات، ولا شك أن دول هذه الشركات تقف وراءها .. بل أكثر من ذلك فإن البعض يحاول أن يتبع أساليب تفتيت الوحدة الوطنية من أجل مآربهم في خيراتنا).
الوحدة لا تأتي عفوية
قلت: ألا ترى جلالتكم: أن ذلك يدعو إلى نوع من التكاتف أو الإتحاد بين دول المنطقة؟
قال جلالة السلطان: ( لا شد إن الوحدة أو الإتحاد أمر يهمنا جميعا، ولكن الوحدة لا تأتي عفوية إننا يجب أن ننظر إلى الأمور نظرة واقعية.. لا بد أن نحدد أولا أهداف الوحدة المطلوبة.. ثم نحدد أساليب الوصول إليها .. فهناك أولا الوحدة الإقتصادية، ثم الوحدة السياسية .. وإذا استطعنا أن نحقق وحدتنا في المجالات المتعددة لسلوكنا لأصبحنا أمام واقع يحتم علينا وحدة لا انفصام لها).
الشرق الأوسط وفلسطين
قلت: لننتقل إلى الشرق الأوسط وقضية فلسطين .. وقبل أن أكمل الحديث .. كان جلالته يقول بمرارة وضحت معالمها على وجهه:
( ماذا نقل عن أزمة الشرق الأوسط، إننا كجزء من الأسرة العربية نؤمن كما تؤمن هذه الأسرة بتحرير الأرض العربية، ولكن لن يكون ممكنا بشكل حاسم ما لم يتم توحيد الصف العربي، أو الوصول إلى الحد الأدنى من الخلافات.. إننا حتى الآن كأسرة عربية لم نستطع أن ننبذ خلافاتنا الصغيرة.. انظر إلأى خريطة العالم العربي ماذا يحدث في بيروت.. الموقف بين سوريا ولبنان.. الموقف على الحدود العراقية الكويتية.. وغيره من الخلافات التي تفتت القوى العربية.. إننا هنا بقدر إمكانياتنا نحاول أن نسهم في القضية العربية وكان آخر ذلك دعمنا للجبهة السورية.. ولكن ذلك وحده لا يكفي.).
كلمة لأبناء الخليج
قبل أن ينتهي حوارنا.. قلت للسلطان قابوس: ماذا يمكن أن تقوله جلالتكم الآن لأبناء الخليج على صفحات “درع الوطن” غير كل الذي تحدثنا فيه؟
قال جلالته وهو يبتسم: أقول للجميع – الحكام وأبناء الشعب .. كونوا دائما متكاتفين متعاونين متحدين في مسيرتكم من أن طريق التقد والإزدهار وأرجو لهم جميعا كل خير.