مجلة (الإذاعة والتليفزيون) المصرية
جريدة عمان
السبت 15 مايو 1976 – العدد 208 المجلد الرابع
حديث جلالة السلطان قابوس إلى مجلة الإذاعة والتليفزيون المصرية
نأمل أن تؤدي لقاءات القمة الخليجية إلى نتائج إيجابية.
خطة طموحة تنفذها الدولة في ظفار للتعويض عن ويلات الحرب.
بلدنا يغمره الحب والتماسك ولم يفقد أبدا تواصله.
لم يكن من الغيبيات أن نتوقع مزيدا من تقلص الحركة العميلة.
لقد كنا على مستوى المسئولية والمرحلة واجتزنا عنق الزجاجة.
نرحب بالتعاون مع العراق ونسعى إلى والعراق لن يتأخر في مد جسور التعاون معنا.
الطلبة هم امل الدولة والوطن وتقدمهم هو المؤشر الصادق للنمو
الذي تحقق كثير بحمد الله وعونه ومساندة المسيرة الشعبية العمانية.
في حياة كل أمة فترات يقسو فيها الإنسان على نفسه لحساب شعبه وأمته.
نتوق إلى الظروف المناسبة لنعهد بالمسؤوليات لشبابنا المخلص.
قال جلالة السلطان قابوس المعظم: ( إن المسيرات الشعبية لم تتوقف لحظة واحدة وإن اختلفت في المظهر حسب المناسبة، ولقد كانت مسيرة النصر والزواج تعبيرا صادقا عن الوفاء الكبير للإنسان العماني، كما إنها أكبر دليل على الإلتحام التام في المسيرة العمانية الكاملة – حكومة وشعبا – ومسيرات الدولة في العمران والتنمية الإجتماعية لم تتوقف لحظة برغم ظروف الحرب).. وقال جلالته: (كنا نضع نصب أعيننا ألا يحدث تطور في قطاع على حساب قطاع آخر، أو نصر عسكري إلى حساب إرتقاء سياسي، حتى لا نحرث البحر وتضيع حلاة النصر).
تحقيق الكثير
وأضاف جلالته يقول في مقابلة أجربتها معه مجلة الإذاعة والتليفزيون المصرية: (إن الذي تحقق كثير بحمد الله وعونه ومساندة المسيرة العمانية التي لا تعرف الكلل ولا تعترف بالملل في عيمة صلبة وإيمان راسخ قوي وثقة أكيدة في غد أكثر إشراقا).
إنعاش ظفار
وسئل جلالته عن نسبة الإنفاق العسكري التي كانت تشكل 70 بالمئة من ميزانية الدول، وكيف سيتم توجيهها الآن خصوصا بعد أن تحقق النصر؟
فأجاب جلالته قائلا: (بأن هذه النسبة وأكثر منها ستخصص لإنعاش جبال ظفار الشامخة تحمل الكير عن إخوانه في خطوط الدفاع البعيدة عن مصب نيران العدو خلال فترة الحرب).
خطة طموحة
وأضاف جلالة السلطان يقول: (إن للدولة خطة طموحة في منطقة ظفار تساير خطتها في مناطق عمان لتأمين عدالة كاملة في توزيع مرافق الخدمات وخلق مرافق إنتاج حتى يتم الإنعاش كاملا على مستوى الإنتاج والخدمات جنبا إلى جنب، إلى جانب جيش قوي مزود بأحدث المعدات العسكرية قادر على حماية الوطن وردع العدوان).
علاقتنا بالعراق
وتحديث جلالته عن علاقتنا بالعراق فقال: (إن العراق دولة شقيقة علاوة على أن خليجية ومؤثرة، وتتحمل الكثير في إيجابيات وسلبيات المنطقة نظرا لمركوها المؤثر سواء من الجانب السياسي أو الإقتصادي أو العكسري، وكان ولا يزال وسيظل موضع اهتمامنا دائما. وقد كانت هذه توصيتنا إلى وفد الصداقة الذي بدأنا به تحركنا السياسي في بداية المرحلة التاريخية لانفتاح عمان على العالم).
لقاءات القمة الخليجية
ومضى جلالته قائلا: (إننا نأمل أن تؤدي لقاءات القمة الخليجية إلى نتائج إيجابية تعالج كل تناقضات المرحلة السابقة وأن تعتبر هذه فرصة كبرة ويحسن إستغلالها واستخدامها بأكبر قدر ممكن لتأمين استقرار حقيقي نتفادى به جميعا أخطار الدول الكبرى بالمنطقة والتي قطعت شوطا كبيرا على طرق البناء والتقدم كلها الآن على نفس الخط الذي يقدر أهمية أمن المنطقة، وفي مستوى مسؤولياتها واختفت من اجوائها المخاوف التي كانت، وتبددت من سمائها الغيوم التي تراكمت والتي كانت تشل عائقا يحول دون التفاهم والتقارب وبالتالي الاستقرار الذي هو أمل الشعوب والحكومات).
صاحب الجلالة .. تتلاحق الأحداث.. وتتلاحم المسيرات ولاحظ أن الشعب العماني يتفاعل مع الأحداث بسرعة ملموسة – فقد شهدت عمان خلال شهر واحد مسيرات ومهرجانات كان الشعب فيها البطل – مسيرة استقبال القوات المنتصرة العائدة من ظفار ومسيرات من ظفار للتهنئة بالزواج المبارك.. ماهي مسيرات الدولة نحو المسيرتين؟
السلطان: إن بلدنا والحمد لله يعمره الحب والتماسك، ويحدوه الأمل والتفاؤل من كل حدب وصوب، وعلى اتساعه الكبير وترامي أطرافه وفقدانه وسيلة الإنتقال من طرق ومواصلات في الماضي إلا أنه لم يفقد أبدا تواصله وتوادده مع اخوانه العمانيين – كما كان أبدا ولا يزال وسيظل يدفعه إلى تحقيق أهدافه إصراره على بلوغ غاياته وتفاؤله هذه حقيقة الشعب العماني – ولايات الداخل مثلا بينها مسافات ولكنها لم تفقد أبدا تواددها .. أما مسيرات الدولة تجاه المسيرتين فإن مسيرات الدولة بدأت وانطلقت باندفاع مسيرات شعبية كانت دائما السند والمدد في كل مناسبة ومعركة.. إن المسيرات الشعبية العمانية لم تتوقف لحظة واحدة وإن اختلفت في المظهر حسب المناسبة، ولقد كانت مسيرة النصر والزواج تعبيرا صادقا عن الوفاء الكبير للإنسان العماني، كما إنها أكبر دليل على الإلتحام التام في المسيرة العمانية الكاملة – حكومة وشعبا – ومسيرات الدولة في العمران التنمية الإجتماعية لم تتوقف لحظة برغم ظروف الحرب.
جلالة السلطان كانت نسبة الإنفاق العسكري في ميزانية الدولة حوالي 70% كيف يتم توجيه هذه النسبة الآن بين الإنعاش الإجتماعي والبناء العسكري وخصوصا بعد أن تحقق النصر؟
السلطان: أنت تعرف ظروف الحرب وتجربتكم في مصر مثلا وصمود مدن القناة رغم الدمار والكل يعرف ما تخلفه الحروب.. العدو دائما غادر لا يفرق بين مدرسة بحر البقر في مصر أو مدرسة ومستشفى في رخيوت ولذا فنسبة الـ 70% فهذه النسبة وأكثر منها ستخصص لإنعاش جبال ظفار، وإعادة الحياة الكريمة الآمنة لها وتأمين رفاهية تعوض شقاء ويلات الخراب.. إن هذا الشعب الأبي في ظفار الشامخة تحمل الكثير عن إخوانه في خطوط الدفاع البعيدة عن مصب نيران العدو خلال فترة الحرب.. إن للدولة خطة طموحة في منطقة ظفار تساير خطتها في بقية مناطق عمان لتأمين عدالة كاملة في توزيع مرافق الخدمات وخلق مرافق إنتاج حتى يتم الإنعاش كاملا على مستوى الإنتاج والخدمات جنبا إلى جنب، إلى جانب جيش قوي ومزود بأحدث المعدات العسكرين قادر على حماية الوطن وردع العداون.
صاحب الجلالة.. تنقلنا بالحوار إلى خطاب جلالتكم في الخامس فقد كنتم في هذا الخطاب أول من أطلق على عدوكم أنه حليف غادر علاوة على توقعكم في نفس الخطاب أفول نجمه في هذه المنطقة وقد أثبتت مواقف مصر العربية – مما كان يسمى بمعاهدة الصداقة والتعاون – صحة توقعاتكم وحكمكم – كيف أمكن لجلالتكم استقراء ذلك وكشف أساليبه؟
السلطان: إن مجرد استعراض بسيط للتاريخ وأحداثه يؤكد مطابقة هذه الأحداث للظروف التي مرت بنا وأصدرنا على أساسها توقعاتنا وحكمنا على هذا الحليف مواقفه تجاه الشعوب كما إن عرضا مجردا للتاريخ يساعد على إمكانية التصوير ووضوع الرؤية مثلا – مواقفه – مع كتلة حلفائه وجيرانه والإعتداءات المتكررة من جانبه، مواقفه من المنطقة العربية في السودان ومصر واليمن الجنوبي ولبنان وآخرها – هذا فقط في منطقتنا العربية، كل هذا إلى جانب ارتكاباته للكثير من مواقف الغدر والخيانة في العالم بأسره والتي لا تدل إلا على استمرارية خيانته وغدره وأظن أن محاولة فرض الوصاية من جانب الحزب الشيوعي المركزي في موسكو على الأحزاب الشيوعية في بلدان العالم والتدخل في شؤونها الداخلية وانتخاباتها دليل أخر – صورايخ كوبا في فترة حكم خرشوف – وغيرها وغيرها من مواقف الغدر والخيانة مع جيرانه وإصدقائه دولا وحكومات ليست بعيدة عن الذاكرة أو قابلة للنسيان لذا فلم يكن من الصعب أبدا زلا من قبيل الغيبيات أن نتوقع مزيدا من تقلص الحركة العملية الهدامة وتوالي انتكاساتها خصوصا على الأرضية العربية وفي منطقتنا بالذات.
جلالة السلطان.. كثيرا ما يحدث في معظم الدول التي تمر بمعارك عسكرية ومواجهة سياسية مع دول أخرى أن تجري هذه الدول تعديلا في تشكيل حكوماتها على ضوء نتائج هذه المعارك وسلطنة عمان تمر بهذه المرحلة – علاوة على الظروف الجديدة على المستوى الداخلي – فهل هناك اتجاه لتغيير وزاري يحمل عن جلالتكم مسؤولية الخارجية والمالية والدفاع؟.. السؤال طرح قبل التعديل الوزاري الأخير في السلطنة وتقديرا لأهمية الحوار وإيجابياته وحفاظا على نص الحوار ورد السؤال ضمن هذا الحوار.
أجاب جلالة السلطان الذي يتساءل لماذا كل هذه المسؤوليات في يد رئيس الدولة – ألا يطرح سؤالا آخر حول الظروف التي تقتضي من رئيس الدولة مضاعفة أعباءة، إن في حياة كل أمة فترات يقسو فيها الإنسان على نفسه لحساب شعبه وأمته – والتاريخ الذي لا يغفر أبدا يقدر ذلك جيدا ويسجله ناصعا – وعمان أمة من هذه الأمم لها ظروف غايى في الصعوبة تتطلب سرعة معالجتها والخروج منها إلى حلقة أكثر اتساعا وأقل صعوبة هذه الظروف هي التي تطلب أن تكون كل هذه المهام ضمن مسؤوليتي الشخصية حتى لا يتحمل نتائجها بالإيجابية أو السلبية أي من المسؤولين الذي يشاركونني تحمل المسؤولية وأعباء المرحلة وتحقيقا لعدالة ننشدها جميعا في أن لا يتحمل أحد أوزار ظروف أكبر منه وحتى تكون المتابعة من جانبي شخصيا حافزا جديدا لمزيد من الإنجاز وقد كنا والحمد لله على مستوى المسؤولية والمرحلة واجتزنا عنق الزجاجة أو المنحدر الخطر في حياة الأمم والشعوب – أما الآن بكل حمد وشكر لله تعالى – تظل عمان الآن نهضة كبرى وتعمها رفاهية لا بأس بها وتحقق لها نصر مؤزر على قوى البغي والعدوان ومع ذلك لا نزال نحتفظ بمسؤولية هذه المهام ونتوق إلى الظروف المناسبة التي تمكننا من أن نعهد بهذه المسؤوليات إلى شبابنا المخلص …. جلالة السلطان .. يجرنا أسلوب الحوار