أجرت مجلة المجلة مقابلة خاصة شاملة مع السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان، في عام 1982 شهر مايو العدد 116.
وهذا نص المقابلة:
* الحديث عن التسهيلات العسكرية المعطاة للولايات المتحدة في سلطنة عمان باتت مادة دسمة للصحف العربية والأجنبية تعلق عليه وتحلل ابعاد هذا الامر. ما هي حقيقة الموضوع؟
في الحقيقة لا بد من أن نوضح أن موضوع التسهيلات أعطى طابعا غير الطابع الحقيقي له، وذلك بتفسيرات متعددة، البعض ذهب فيها إلى القول أنها قواعد مستترة تحت التسهيلات.
وهذا غير وارد أصلا بل لا نقبل التحدث فيه من بعيد او قريب، لكن بحكم الظروف التي خلقت في العالم وفي منطقتنا بالتحديد، كان من الضروري أن يحدث نوع من التفاهم بيننا وبين أصدقائنا بالذات من دون تحديد دولة معينة. ثم بحكم أن الولايات المتحدة هي الكفة للميزان الدولي، أصبح من الضروري في المنطقة أن يكون هناك توازن لأن الكفة الأخرى ثقلت، وتواجد المعسكر الشرقي في المنطقة أصبح ذا حجم كبير، سواء في البحر أو المحيط وبالأخص منطقة جنوب اليمن وأثيوبيا، ثم منطقة أفغانستان في الشمال التي لا تبعد عنا إلا 300 ميل جوي عنا، لذا كان لا بد لهذا التوازن من أن يكون. اما التواجد البحري الأميركي فليس لعمان أي دخل فيه، إنه في المحيط الهندي ليس تحت سيادة أي دولة معينة.
لكن من المصلحة أن يكون هناك تفاهم معين مع الطرف الآخر في القوى الكبرى، لأنه في حال الضرورة القصوى، لا سمح الله ، تحتاج المنطقة إلى الولايات المتحدة، ثم لا بد من وجود أمور تسهل لأميركا المساعدة، وأميركا مستعدة لتنمية مطاراتنا وموانئنا، ومن غير المجدي إضاعة فرصة كهذه لتطوير المرافق. أما إستخدام هذه المرافق لأي شيء فسيكون بطلب منا، من هنا وعلى هذا الأساس، رحبت السلطنة بإعطاء التسهيلات لأميركا. وهذا كل ما هناك. لكن كثر التطبيل والتزمير. وهذه الضجة متوقعة لأن أي مساعدة، سواء كانت عسكرية أو اقتصادية، تقدمها الولايات المتحدة، لا بد وأن تمر على الكونغرس وتحدث ضجة تنتقل بعدها إلى المجالات الإعلامية، لكن اذا كانت هناك قوة ذاتية في المنطقة لمواجهة أي إحتمال وبأنفسنا، فضرورة الاستعانة بأميركا ستنتفي. وفي الخطاب السياسي الأخير لي في بريطانيا قلت حرفيا: ” لن نطلب من أي أحد أن يحارب من أجلنا أو يريق دمه نيابة عنا لأن هذه مسؤوليتنا. ما نطلبه أن يكون أصدقاؤنا على إستعداد لمساعدتنا ومساندتنا (…). دول أوروبا الغربية مثل متفوقة ولها القدرة في جميع المجالات. لكن الحقيقة أن لا تزال تنقصها الكثير من الإمكانيات، بحيث أنه إذا حدث عليها أي هجوم من دولة كبرى من دول المعسكر الإشتراكي مثلا فلا بد لها من التضامن مع أصدقاء اخرين حتى تتمكن من صد الهجوم عن نفسها. أوروبا بكاملها، بما فيها بريطانيا لا تستطيع امام قوة كبرى إلا بمساعدة الولايات المتحدة.
صحيح أن الخطر الذي قد يواجه الواحد هنا ربما ليس بهذا الحجم، لوجود حلف وارسو وحلف الأطلسي في اوروبا، إلا أنه خطر ولا بد أن نحسب له ألف حساب.
* * مجلس الخليج والتسهيلات
* إلا يتعارض موقف سلطنة عمان هذا في ما يتعلق بالتسهيلات العسكرية الأميركية مع خطوط السياسة المتفق عليها في مجلس التعاون الخليجي؟
هذا السؤال يمكن الإجابة عليه باختصار.
قبل أن يتكون هذا المجلس كانت للدول الست ( الأعضاء فيه ) سياسات وعلاقات منفردة مع عدة دول في العالم. وعلاقات عمان مع أي دولة ولدت قبل تكوين المجلس. لكن ليست هناك قواعد أو التزامات في هذه العلاقات تضر بالسيادة العمانية أو سيادة المنطقة لأن ذلك غير وارد. وما أقدمنا عليه مع أميركا هو تفاهم تحسبا لظروف معينة، في ما اذا طرأت هذه الظروف. وأعتقد أن ذلك لا يتنافى وسياسة مجلس التعاون. وفي أي حال هناك اتجاهات في مجلس التعاون. لكن هذه الاتجاهات اجتهادات وليست مضادات. واعتقد أن سيأتي وقت بحكم التجربة والاجتهادات ستكون فيه هناك سياسة خارجية موحدة نابعة من جميع الاتجاهات ونتوصل إلى شيء وسط ومقبول للجميع، ويحقق رغبات شعوب المنطقة. أنا في عمان عندما ألمس أن شعبي يريد أمرا أو اتجاها معينا فسأسير فيه. واذا ما لاحظت أن شعبي لا يرغب في هذا الشيء أتجنبه.
* * التوازن الأميركي – الروسي
* يقال أن التسهيلات المعطاة لأميركا دعمت موقف الروس بطريقة غير مباشرة في عدن، وان المحصلة النهائية زج المنقطة في خضم الصراع بين اميركا وروسيا …؟
لا بد أن ارفض هذا الكلام لأن الوجود الأميركي، أو الاصح الغربي، في المحيط الهندي والمنطقة المحيطة بنا هو لإيجاد نوع من التوازن مع الوجود السوفياتي. ولا بد من القول أن الوجود في المحيط الهندي ليس أميركيا فقط بل غربي بشكل عام. وحتى استراليا لها وجود. السؤال هو: لماذا؟ الواقع أن ذلك كله نشأ نتيجة الوجود الروسي في المنطقة، مما حتم الوجود الغربي لإيجاد نوع من التوازن. ونحن نؤمن بالتوازن لأن التوازن يزيل الخطر، وعدم وجود التوازن يزيد الخطر. فإذا رجحت كفة جهة على أخرى فان ذلك سيشجع الأولى على اتخاذ خطوات قد تكون مضرة. وانا أرفض القول أن هذا يجعل المنطقة أكثر اشتعالا. بل أعتقد أنه يحقق نوعا من التوازن فيها.
* * عُمان وعدن
* نسمع بين فترة وأخرى عن جهود تبذل للتوسط بين سلطنة عمان واليمن الجنوبي. فهل تعتقدون أنه يمكن تحقيق نوع من التقارب السياسي بين البلدين؟ وما هي اسس هذا التقارب اذا وجد؟
ببساطة، المشكلة الأساسية تتعلق بمبدأ التدخل بشؤون الغير. نحن نرفض هذا المبدأ. ونحن نردد دائما “أي علاقة بين عمان وأي دولة سواء كانت عربية أو أجنبية، لا بد أن تقوم على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية والإحترام المتبادل والمساواة. هنا نجد انه ليس بيننا وبين اخواننا وأقول اخواننا لأن ابناء الشعب العدني اخوة لنا ليس بيننا وبينهم أي شيء. كل ما هناك من اشكال وخلاف هو مع قادة الشعب الذين لا يزالون يعملون وفق مبدأ التدخل في شؤون الآخرين واستجلاب العناصر المخربة وتغذيتها بافكارهم وارائهم ومعتقداتهم. لكن عندما يتخلون عن ذلك لا اعتقد انه سيبقى خلاف بيننا. انا ناديت مرارا بحسن الجوار ومد اليد لمن يريد أن يصادق شرط وجود الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الاخرين. وعند توافر هذين العنصرين تأتي الثقة، ووقتها لا تكون هناك مشكلة . وقد قامت عدة اجتهادات أقربها لا يزال يقوم به الإخوة في الكويت والإمارات. لكن الحقيقة أن لا يوجد أي تقدم في العلاقات مع عدن. موقفنا صريح، وهم لا يريدون التخلي عن مبدأ يتنافى اساسا مع مبادئنا.
* * الخبراء في عدن
* تردد أن عدن حاولت، اثناء الوساطة التي قامت بها دولة الامارات العربية المتحدة والكويت، الخروج بالمسألة عن النطاق الثنائي إلى المواقف الدولية بحيث يخرج بحث النزاع عن الإطار الثنائي إلى بحث تكتل القوى ، والمعروف أن التواجد السوفياتي داخل عدن كان قبل التسهيلات المعطاة للولايات المتحدة من قبلكم. ما هو تعلقيكم؟
هو يقولون هذا، لكن ليستهذه الحقيقة. إن من يقومون بالوساطة يعلمون تماما بعدم وجود أي تواجد للقوى الدولية على الأراضي العمانية لأن هذا شيء غير منطقي. هناك خبراء في السلطنة، وهم ليسوا أميركيين بل أن اغلبهم بريطانيون، وهذا بحكم الصداقة القديمة مع بريطانيا. ثم ليست هناك دولة في العالم ليس لديها خبراء. في اليمن الجنوبي لديهم الروس والألمان الشرقيون والكوريون والبلغار. لو طرحنا هذه المسألة فان حجتهم ستسقط. هم قالوا أكثر من هذا. قالوا أن هناك خبراء مصريين في عمان، مع أن ذلك غير صحيح، ويا ليت هناك خبراء مصريين، لأن المصريين عرب، وليس عيبا أن يتواجد المصريون لأنهم سيؤدون عملهم أفضل من غيرهم. هم أكثروا من هذه الأحاديث. وهم يرددون ذلك لكي لا تنجح هذه الوساطة. ثم أن الوجود الروسي ملموس في عدن. الحقيقة أن أي اجنبي لا يعرف شيئا عن عمان يمكنه ان يصدق ذلك ويضلل. لكن اخواننا في الخليج يعلمون كل شيء هنا. هناك زيارات عديدة لمسؤولين مدنيين وبعثات عسكرية خليجية مشتركة اتوا وشاهدوا كل شيء … موانئنا ، أراضينا ، مطاراتنا ، إن ، أين هم هؤلاء الناس الذي يتحدثون عنهم؟ هل هم تحت الأرض؟
* ما هو ردكم على ما قاله الرئيس اليمني الجنوبي علي ناصر محمد في حديث صحفي أن سلطنة عمان تحاول جر دول مجلس التعاون الخليجي الى مواجهة مع اليمن الجنوبي؟
سلطنة عمان لم تسع ولن تسعى الى جر أحد إلى المواجهة مع أحد. مبادئنا سلمية في كل الظروف، كلن في الوقت نفسه يجب أن نكون على حذر ونستعد لمواجهة أي عدوان. بالطبع لن نعتدي على أحد. عمان لن تجر أي شقيق إلى أي اعتداء أو مواجهة. لكن حدث هجوم على عمان فلا شكل أننا ننتظر من اخواننا مساندتنا. ولو حصل أي اعتداء على أي دولة خليجية فسنساعد هذه الدولة. ونعني ما نقول. واعتقد ان كل محاولاتهم (في عدن) هي لغرض سياسي، حتى لا يتركوا المجال لنشوء أي تفاهم عسكري أو دفاعي أو أمني بين دول المجلس، مع أن هذا شيء أساسي ومهم لأنه لا يمكن المحافظة على الأمن والاستقرار والطمأنينة، ومع كل ما انعم الله علينا به، إلا بالقوة . والعالم اليوم لا يحترم إلا القوي. واحمد الله أن دول مجلس التعاون تعرف وتعي مصلحتها.
* * العلاقات مع روسيا
* هناك من يقول أن البعض يريد لعدن أن تكون “هانوي صنعاء”، ولصنعاء أن تكون “هانوي الجزيرة العربية”. ما تعليقكم على ذلك؟
أعتقد أن الاخوان في اليمن الشمالي فيهم الخير والبركة، ولا أعتقد أنهم سيسمحون لأنفسهم بأن يكونوا في يوم من الأيام شوكة في جسم الجزيرة العربية. ولا أعتقد حتى أن التفكير في ذلك وارد لديهم.
* صدرت دعوات من بعض المسؤولين الخليجيين لإقامة علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفياتي ودول اوروبا الشرقية. ما هي وجهة نظركم حيال هذه الدعوات؟
نحن لم تصلنا أي دعوة رسمية بهذا الشأن. سمعنا كلاما على أن هناك اتجاها لإنفتاح أكثر على الكتلة الشرقية ولكن لم يطرح هذا رسميا ابدا، لا في قمة مجلس التعاون الخليجي ولا في أي اجتماع وزاري للمجلس ولا حتى كفكرة، أو شيء كهذا. ثم ان اتجاه السلطنة، كما قلنا دائما ، نابع من انه عندما تريد ان تصادقنا أي دولة من دون تدخل في الشؤون الداخلية للسلطنة، بجانب الاحترام المتبادل بين الصديقين ، ولا تسعى هذه الدولة أن تصدر إلينا مبادئ مستوردة أو عقائد نرفضها … عندها لا توجد لدينا أي معارضة. لكن يجب ان نقتنع أولا. وكمثال على ذلك فهناك علاقات لنا مع الصين الشعبية (بعد أن غيرت قناعتها السابقة) ومع رومانيا يوغوسلافيا.
* هل يفهم من ذلك أنكم تدعون الاتحاد السوفياتي الى اقامة علاقات صداقة بموجب شروطكم؟
قناعتنا شرط أساسي لأي علاقة. قبل أن نقيم أ] علاقة مع دولة فلا بد ان نقتنع أولا وبشكل تام ان هذه العلاقة ستعود علينا بالخير وليس بالشر. نحن لسنا منغلقين أبدا.
* * أسلحة مصر للعراق
* هل تملكون تصورات معينة للمساهمة في الجهود المبذولة لوقت الحرب العراقية الايرانية؟ وما هي حقيقة الأنباء التي تحدثت عن دور سلطنة عمان في شراء قطع غيار للمعدات الحربية العراقية من مصر؟
سلطنة عمان تحب دائما المساهمة. اذا أتيحت لها الفرص، في أي مسعى خير. لذا نحن نبارك أي مسعى لأي دولة عربية أو اسلامية أو من دول عدم الانحياز، أو أي دولة أخرى لحل مشكلة بين حارين مسلمين واعادة الحق إلى نصابه وحقن دماء المسلمين. ونحن مستعدين للقيام بأي مجهود في هذا النطاق. أما عن الوساطة لشراء أسلحة للعراق ، فعندما يطلب منا أي خدمة لأي دولة عربية شقيقة فلا نتوانى عن القيام بها.
* * مصر والعرب
* ما هي حقيقة دور سلطنة عما في تحقيق التقارب بين مصر والعرب وبشكل خاص بين مصر ودول الخليج، خصوصا بعد زيارة الرئيس حسني مبارك الأخيرة لمسقط؟
نسعى جادين إلى ايجاد تقارب في وجهات النظر بين دول الخليج ومصر. ونعتقد أن القطيعة بين بلد عربي وبلدان عربية أخرى ليست في صالح الأمة العربية قطعا. ومصر كان لها موقف نابع من قناعتها فيه، ويجب أن يتفهم الآخرون هذا الموقف. وعسى أن يكون هذا اليوم قريبا وتعود المياه إلى مجاريها. واتمنى أن نأخذ بالإيجابيات ونترك السلبيات.
* لكن قرارات قمة بغداد صريحة بأن المقاطعة العربية هي للنظام المصري وليس للشعب؟
السلطنة كان موقفها واضحا وصريحا بأن الخطوة التي اتخذتها مصر ليس فيها خطأ لأن هناك إجماعا عربيا لطرق جميعا الأبواب السلمية. ومصر على وشك استرجاع جميع أراضيها إن شاء الله. ثم إن مصر لم تهضم الحق الفلسطيني بل أرادت وضع الفلسطينيين في أول الطريق. لم تتكلم مصر باسم الفلسطينيين بل قالت أنه لا بد أن يأتي يوم يتحدث الفلسطينيون فيه باسمهم. وآمل ان يأتي اليوم القريب لعودة المياه الى مجاريها وتنتهي القطيعة ونصبح اخوة متضامنين. التقارب عنصر ايجابي ومطلوب بين الأخوة في مختلف المراحل لتفادي الاخطاء بلغة الحوار ولغة الصراحة، وابداء الرأي الصريح لأنه ليس المهم الإختلاف بل المهم الاهداف النبيلة التي يسعى الكل إليها.
*يقال أن السلطنة بمبادرة شخصية من جلالتكم تقوم بوساطة بين مصر والعرب؟
لا يمكن أن أقول هناك وساطة بل هناك تلمس وجهات نظر، والطريق الذي يؤدي الى الغاية. ليست هناك وساطة. الوساطة كلمة قوية وليست في محالها بحكم علاقاتنا الطيبة مع بالجانبين. وسأقوم شخصيا بزيارة مصر في القريب، واعتقد ان هناك بداية طيبة وشعورا متوفرا يشجع على تحقيق الخير للأمة العربية بأسرها.
* * مجلس التعاون إلى أين؟
* هناك تساؤلات حول الغاية النهائية لمجلس التعاون الخليجي. هل سيؤدي هذا المجلس إلى إقامة وحدة سياسية بين الدول الأعضاء أم سيؤدي إلى صيغة كونفدرالية؟ أم إلى ماذا؟
السؤال لم يطرح إلى الآن. والمجلس في بدايته ولا يزال يتلمس طريقه. وهو قطع اشواطا كبيرة جدا في بعض النواحي. أما مسألة التكامل فيجب ألا نستعجل في هذا الأمر. حتى اذا ما تم فيكون لذلك على اسس ثابته ومتينة ونابعا مما يريده الناس. نود أن يحدث ذلك تماما كما حدث وولد مجلس التعاون الخليجي وليد الحاجة وتجاوبا مع رغبات أبناء المنطقة.
هذا سيكون بحكم التكور وستأتي الظروف التي ترى فيها دول المجلس ما هو الأفضل لنوعية التكامل او الوحدة المنشودة للأعضاء. وقد يكون الآن من السابق لأوانه بحث التفصيلات. ثم ان مجلس التعاون في الحقيقة لم يكمل السنة بعد. وفي أي حال ، نحن شعب واحد في المنطقة.
* * امن الخليج
* يقول البعض أن أمن الخليج معرض لتهديدات من الخارج ومن العمالة الأجنبية الوافدة وكذلك من بعض القوى السياسية كإيران مثلا. فما رأيكم؟
بالنسبة إلى العمالة الأجنبية لا بد من القول أنه إذا توفرت القوانين المطلوبة التي تتحكم في جميع امورها فلن يكون هناك أي مشكلة. لكن المشكلة في عدم توفر الضوابط والروابط. عندها قد يكون لهذه العمالة إزعاج. والحقيقة آمل أن يأتي يوم تكون فيه دول مجلس التعاون لها الإمكانيات لأن تكفي نفسها بنفسها. لأنه يلاحظ أن الكثافة البشرية بدأت تزداد إلى درجة يصبح معها الاعتماد على العمالة الاحنبية ليس بتلك الدرجة من الأهمية. ثم لا بد من عدم الاتاحة لهذه العمالة لإتخاذ أي موقف سياسي أو أي نشاط مخالف لقوانين الدولة المضيفة. لأنه لو حصل وأعطيت هذا عندها يمكن أن تستغل الأمر وتصبح مصدر إزعاج. لذا لا بد من تفويت الفرصة عليها بأحكام الرقابة والضبط لعدم القيام بأي نشاط تخريبي يسبب عدم الاستقرار. والأهم من هذا وذاك لا بد وأن نكون مستعدين لإيجاد وجلب البديل عنها في أي لحظة، أي بمعنى إلا نشعر هذه العمالية بأنه لا غنى عنها أو استغناء لأنه عندها ستولد لديها مزيد من الدافع للتحرك. أما في ما يتعلق بإمكان تحقيق الاستقرار بمعزل عن القوى المجاورة، فان هذا يمكن أن يتم لأن ما حدث من تعاون بين الدول الست في الخليج سببه أنها متشابهة في كل شيء ومرتكزة على أسس مشتركة وبإستطاعتها أن تكمل بعضها البعض، وهو الغاية. ويجب أن نوجه كل ما اتيح لنا التوجيه السليم ليصب في قالب واحد يخدمنا جميعا. وفي الوقت نفسه لنا حسن جوار وتعاون وثيق، خاصة مع الشقيقة العراق وجميع الدول العربية والإسلامية التي تؤمن بمبادئنا وديننا ولها مواقف طيبة.
*يتحدث البعض عن خلافات حدودية بين عدد من دول الخليج. إلى أين وصلت جهود السلطنة في حل خلافاتها الحدودية مع دولة الامارات العربية المتحدة؟
لا يوجد خلاف بل نوع من عدم التفاهم على نقاط معينة. والآن، والحمد لله ، لا توجد مشكلة لأنه بعد التخطيط الخارطي ليست هناك مشكلة بين الإخوان ، بل سوء تفاهم على امور معينة وتحل.
* * مجلس الشورى
* أعلنتم قبل فترة عن تشكيل مجلس للشورى يتولى تقديم النصح للحكومة في مجال الخطط الإنمائية الداخلية وعلاقات السلطنة الخارجية. هل تنوون تطوير هذه التجربة السياسية للوصل إلى مستوى إعتماد نظام الانتخاب بدلا من التعيين المتعب حاليا لأعضاء المجلس؟
هذه خطوة اولى في تجاه مشاركة الشعب في مساعدة الحكومة على تلمس طريقها في الحكم . وقد بدأنا بما يهم الناس (الشؤون الاقتصادية والإجتماعية) وما يلمسه المواطن في حياته اليومية. أما زرع الخطوات الأخرى فيتخذ كلما أتى الوقت المناسب. لكن أؤكد ان كل خطوة نخطوها لا بد أن تكون نابعة من تراثنا. لن نستورد أي رأي أو فكرة من الخارج، لكننا سنتلمس ما هو صالح ممن سبقونا في هذا المجال ونأخذ ما ينفع ونترك ما لا ينفع.
* * مضيق هرمز
* حركة مرور الناقلات النفطية عير مضيق هرمز الاستراتيجي يمكن أن تتعطل بسهولة خاصة وأن الحرب الدائرة في المنطقة قد ضاعفت هذه المخاطر. سلطنة عمان دولة تطل على المضيق بشريط ساحلي واسع، فهل لديكم خطة لتامين سلامة الشاحنات النفطية؟ وما هي حقيقة الأنباء التي ذكرت أنكم تسعون من الأهمية الاستراتيجية للمضيق؟
لا أعتقد أن المضيق يمكن أن يغلق بسهولة. ولكن في المقابل ليس من المستحيل على أي كان أن يجعل هذا المضيق عرضة للخطر. وأبسط شيء مثلا القيام بزرع ألغام في المضيق. او حتى مجرد إشاعة من هذا القبيل ستؤدي إلى تعطيل مرور السفن. لا اعتقد أن الامر سيكون بهذه السهولة. لكن لا بد من حساب كل الإحتمالات. وبحكم موقع المضيق ومرور السفن من وإلى المنطقة والعالم في مياهنا الاقليمية، كانت علينا مسؤولية كبرى تجاه سلامة هذا الممر. ونحن بقدر امكانياتنا، نراقب مراقبة دقيقة دخول السفن وخروجها في المضيق. وبحريتنا متواجدة هناك بشكل دائم. لكن والآن وفي اطار التعاون الخليجي، سيكون لنا تعاون كبير مع اخواننا في هذا المجال، وسنرى ما يمكن عمله لتطوير قدراتنا على الأقل لمراقبة ما يجري هناك. نحن لا نعمل على التقليل من الأهمية الاستراتيجية لمضيق هرمز. المضيق لا تخدم السلطنة إلا في منطقة بسيطة لأن كل موانئنا مفتوحة على البحر. وبالتالي المضيق ليس مهما للسلطنة من الناحية الإستراتيجية بل هو مهم إلى العالم بنسبة 90 في المئة من وقود اليابان و60 في المئة من وقود اوروبا و30 في المئة من وقود أميركا تمر عبر المضيق، وبالتالي تعتمد عليه كل موانئ الخليج ليس لتصدير النفط فقط بل للإستيراد كذلك. لأن الجسور الجوية والموانئ الجوية مرتفعة التكلفة كما هو معلوم، ولا يمكن الاستفادة منها أو اللجوء إليها إلا في حالات الضرورة. نحن نعمل على المحافظة عليه وليس التقليل من أهميته، بجانب أنه جزء من بلادنا. والمضيق هو الآن من مسؤولية دول الخليج ككل.
* لكن السلطنة طرحت مشروعا لتصدير النفط الخليجي من موائي تقام على البحر تلافيا لمشاكل من هذا النوع أو إغلاق المضيق. فما مصير هذا المشروع؟
لا يزال المشروع مطروحا وقيد الدرس، وهم سيقررون حسب مصلحتهم، سلطنة عمان هي دائما وأبدا في خدمة اخواننا الخليجيين ومفتوحة لأي مصلحة من شأنها أن يكون مردودها جيدا عليهم وعلى عمان.
* وما مصير الطلب العماني للحصول على كاسحات الألغام وطائرات المراقبة؟
في إطار التعاون بين دول الخليج لا تزال المسألة مطروحة وقد تمت دراستها من قبل رؤساء الأركان ووزراء الدفاع وسيتم اتخاذ القرارات فيها في جلسات مقبلة في ضوء احتياجات كل دولة من الأمور الدفاعية.
* ما هي انعكاسات المعاهدة الثلاثية، التي تم توقيعها بين ليبيا وأثيوبيا واليمن الجنوبي، على المنطقة؟
أعتقد أن هذا وضع غريب في ذاته، ويجب أن نكون حذرين. ولو عدنا إلى التاريخ لوجدنا أن جنود اليمن الجنوبي أشتركوا في حرب أثيوبيا ضد الصومال. وليس مستبعدا أن يكون هذا الحلف الثلاثي له أهداف تضر بالمنطقة. لذا يجب أن نأخذ حذرنا منه.