خطاب جلالته في الجلسة الافتتاحية للدورة السادسة للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخيج العربية 6-11-1985 م
بسم الله الرحمن الرحيم..
أصحاب الجلالة والسمو..
في هذا اليوم الأغر نلتقي فيه بين ربوع عمان… يسرنا أن نرحب بكم ترحيباً أخوياً صادقاً يعبّر عن خالص ودّنا وتقديرنا لكم.. كما يعبّر عن حفاوة الشعب العماني بهذا اللقاء السعيد واعتزازة بالروابط القوية التي تجمع شعوبناعلى طريق الخير والتضامن..
ان لقاءنا يأتي تأكيداً جديداً لعزمنا جميعاً على التقدم بمسيرتنا نحو تحقيق الأهداف التي تطلعت اليها شعوبنا عندما اتخذنا خطواتنا المباركة بإنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية, واننا لنحمد الله الذي وفقنا خلال هذه الفترة القصيرة إلى انجازات ايجابية وطدنا بها دعائم هذا الكيان وأخذنا نوسع آفاق التعاون ليشمل مختلف المجالات.. وأتيح لمجلسنا بفضل من الله وتوفيقة وبجهودنا الأخوية المخلصة أن يضطلع بدوره الايجابي كأداه فعالة لتوطيد الترابط بين دولنا لكل ما فيه النفع والخير لشعوبنا..
وإذ نشعر جميعاً بالارتياح التام للتعاون القائم في إطار مجلسنا على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية فإننا اليوم ننطلق من هذا الأساس القوي لنعبر عن إدراكنا المتزايد لضرورة توجيه الاهتمام الأكبر في هذه المرحلة الى المجالات الحيوية وفقا لدرجة إسهامها في خدمة المصالح الأساسية لشعوبنا.. ويسعدنا في هذا الصدد أن نشيد بتفاهمنا الأخوي على انتهاج أسلوب علمي بناء نتناول به مختلف القضايا بكل حكمة وروية.. مدركين لأهمية التفاعل بين ايجابيات التجارب الخاصة لدولنا في تطوير مستوى التعاون بينها على النحو الذي يستوعب اهتماماتها جميعاً ويساهم في تجسيد طموحات شعوبنا إلى واقع تفخر به الأجيال من أبناء أسرتنا الخليجية..
أصحاب الجلالة والسمــو…
إننا نلتقي في ظل ظروف إقليمية ودولية بالغة الدقة تتطلب منا تأكيد الدور الذي يقوم به مجلسنا كعامل استقرار في المنطقة، وإنه ليحدونا جميعاً أمل كبير في الارتقاء بمستوى التنسيق الدفاعي والأمني إلى الدرجة التي تساهم في تعزيز الترابط بين دولنا بما يمكنها من القيام بمسؤولياتها المشتركة، وإذ نشيد بالحرص الذي تبدية دول المجلس للتنسيق فيما بينها لحماية المنطقة من ظواهر بالعنف والإرهاب وكل الأعمال التي تحاول العبث بأمنها، فإننا نؤكد مجدداً على الأهمية الكبرى لترجمة هذا الحرص إلى تضامن قوي يحفظ لشعوبنا استقرارها ويصون انجازاتها ومكاسبها من كل الأخطار والتحديات..
لقد أولى مجلسنا اهتماماً كبيراً بوضع حد للحرب العراقية ـ الايرانية وأبدي رغبة مخلصة في التقرب بين الطرفين وبذلت دولنا كل جهد ممكن.. وفي الوقت الذي نؤكد على أهمية استمرار المساعي والواسطات الإقليمية والدولية فإننا نناشد قادة البلدين إبداء مرونة تفتح الطريق أمام هذه المساعد الحميدة ,, كما نهيب بالمجتمع الدولي أن يظهر اهتماماً أكبــر بالمساعدة على إيقاف هذه الحرب التي طال أمدها والتي يهدد استمرارها وتصيدها مصالح شعوب المنطقة ويعرض السلام الدولي للخطر.. واننا لنتطلع إلى اليوم الذي يسود فيه الوئام وحسن الجوار بين العراق وايران ليشمل الأمن كل ربوع المنطقة ويتاح لشعوبها أن تهنأ بالاستقرار وتوجه مواردها واهتماماتها لتحقيق ما تصبو إليه من تقدم وازدهار..
وإزاء التطورات الراهنة على الساحة العربية وحيث يشغلنا جميعاً الاهتمام بتنقية الأجواء وتوحيد الصف, فإننا نؤكد على الضرورة القصوى لتجاوز الخلافات الجانبية ووضع المصلحة العليا لأمتنا فوقكل اعتبار لتتهيأ لها القدرة على مواجهة تحديات هذه المرحلة بروح التضامن الذي لا غنى عنه كمنطق أساسي للعمل الايجابي المؤثر لصالح قضاياها المصيرية وفي المقدمة منها قضية الشعب الفلسطيني.. وانه لمما يدعو إلى الرضا أن مجلسنا قد استطاع ــ بحمد الله ــ أن يعكس حرصنا جميعاً على الاسهام المخلص والبناء على المستويين العربي والاسلامي وأن يعبر بكل الوضوح عن استعدادنا الدائم للتعاون مع سائر المجموعات الدولية التي تبادلنا نفس الرغبة وعلى أساس من التكافؤ في المصالح ليقدم بهذا كله مثالاً طيباً لجهودنا المشتركة التي تسعى إلى ما فية الخير لشعوبنا والأسرة الدولية..
أصحاب الجلالة والسمــو …
إننا إذ نبدأ على بركة الله وبعونه تعالى أعمال الدورة السادسة لمجلسنا فإننا لعلى يقين بأن جهودنا الأخوية ستتضافر خلال هذا اللقاء كالعهد بها دائماً لتحقيق من النتائج ما يتيح لمسيرتنا التقدم خطوة أخرى تضيف إلى ما حققناه في لقاءاتنالا السابقة إنجازاً جديداً يترجم اهتماماتنا في هذه المرحلة ويثري تجربتنا المشتركة لصالح شعوبنا في حاضرها ومستقبلها..
ولا يسعنا في ختام كلمتنا إلا أن نكرر الترحيب بكم أصحاب الجلالة والسمو وبأعضاء الوفود متمنين لكم إقامة طيبة بين أهلكم في عمان.. مؤكدين حرصنا على تكريس كل امكانياتنا الإسهام في إنجاح أعمال هذه الدورة بمشيئة الله, كما نتوجه بالشكر إلى المجلس الوزاري واللجان الدائمة المنبثقة عن مجلسنا وإلى الأمين العام ومساعدية وجهاز الأمانة العامة لإسهامهم في التحضير لهذا اللقـاء..
والله تعالى نسأل أن يسدد خطانا على طريق الإخاء والتعاون , ويشمل جهودنا بكامل عنايته.. ويمدنا بكل العون والتوفيق.. إنه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.