الدورة الثالثة والثلاثون للمؤتمر العام لليونسكو
3-21 أكتوبر 2005 باريس
مسقط 2005
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب المعالي والسعادة رؤساء الوفود سعادة رئيس المجلس التنفيذي معالي المدير العام
إنه لمن دواعي سرورنا ان نساهم بهذه الكلمة بمناسبة انعقاد الدورة الثالثة والثلاثين للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) الذي يتزامن مع الذكرى الستين لتأسيس اليونسكو التي أصبحت ملتقى تتفاعل فيه الثقافات المتنوعة لغرس المثل الإنسانية العليا. وننتهز هذه الفرصة لنؤكد حرصنا على العمل سويا للحفاظ على مكانة اليونسكو المتميزة ضمن منظومة الأمم المتحدة التي تحمل رسالة أخلاقية تنادي بالمساواة واحترام الذات الإنسانية وبتكافؤ فرص التعليم للجميع، كما تحرص على حفظ المعرفة وانتشارها وعلى إحياء التراث ، وتشجيع الإبداع والتنوع الثقافي ومجابهة التحديات التي تواجه البيئة وتحسين الموارد المائية، وهي ولا ريب قضايا تهم البشرية جمعاء في عالمنا المعاصر.
كما أن الإنسان في كل التجارب الناجحة للأمم والشعوب هو غاية التنمية، يجني ثمارها ويسعد بمكاسبها، هو أيضا وبنفس المستوى من الأهمية وسيلة التنمية وأداتها الفاعلة لتجسيد خططها وبرامجها إلى واقع ملموس يحقق الخير للجميع، وإن المرأة شريك أساسي في التنمية لذلك حرصنا على إتاحة الفرصة لها لإنجاح دورها في المجتمع العماني، ودعماً منا لهذا الدور المتنامي فقد وافقنا على انضمام سلطنة عمان الى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
واستناداً إلى الرسالة الأخلاقية لليونسكو وإلى دورها الريادي والقيادي في مجال تعزيز المبادئ والمعايير الأخلاقية التي يسترشد بها في تحقيق التنمية العلمية والتكنولوجية، فإننا نؤكد على أهمية زيادة الوعي لمجابهة التحديات الجديدة المتعلقة بالقضايا الأخلاقية التي تطرحها التطورات العلمية والتكنولوجية وهي ناشئة في كثير من الأحيان عن الكشوفات العلمية والتكنولوجية. ولهذا فإن السياسات الرامية إلى مواجهة هذه التحديات تتطلب على نحو متزايد تقديم المشورة العلمية القائمة على التحليل والفهم.
لقد أصبحت صناعة المعلومات والاتصال وصناعة المعرفة هي المسيطرة والمهيمنة على الحياة الإنسانية، فالكل دون استثناء مدعو إلى المشاركة في بناء مجتمع المعلومات العالمي، الذي يرتكز على التضامن بين الجميع، ويحترم التنوع الثقافي واللغوي لكل شعوب الأرض.
أصحاب المعالي والسعادة….
إننا نولي التعليم جل اهتمامنا ونسعى لتطويره وتحسينه ورفع مستواه وتحديث المعارف وتعميقها وإثرائها وتكييفها مع عالم دائم التغير، انطلاقاً من الأهمية التي توليها السلطنة لتنمية الموارد البشرية، وترسيخ منهج التفكير العلمي وتكوين أجيال متعلمة تشارك في عملية التنمية وتتعامل مع المتغيرات والمستجدات المحلية والعالمية بكل كفاءة واقتدار.
كما نولي تراثنا الثقافي بمختلف أشكاله ومضامينه المادية وغير المادية أهمية خاصة ونعني به عناية متميزة لماله من أهمية ودور ملموس في النهوض بالحياة الفكرية والفنية والإبداع والابتكار، ونبدي اعتزازنا بوجود مجموعة من المواقع الثقافية والطبيعية العمانية على لائحة التراث العالمي والتي تمثل دليلاً واضحاً على مساهمة العمانيين عبر العصور المختلفة في بناء الحضارات وتواصلها وتفاعلها مع الثقافات الأخرى.
ونحن في سلطنة عمان نتطلع إلى إضافة نظام الأفلاج كمعلم تراثي جديد على لائحة التراث العالمي في اجتماع لجنة التراث عام 2006م باعتباره جزءاً أصيلاً من نسيج حياة المجتمع العماني. وتعد الأفلاج من المصادر المهمة للمياه التي تقوم عليها الحياة في مختلف الحضارات، وتعتبر من أهم الموروثات الحضارية العمانية التي تعبر عن قدرة الإنسان العماني على مواجهة التحديات سعياً لبناء الحضارة وإثراء التراث الإنساني العالمي فكراً وعملاً وإبداعاً.
إن ارتفاع معدلات النمو السكاني خلال الفترة الماضية وزيادة الطلب على استخدام الموارد المائية لمواكبة هذا النمو، وعدم إيلاء الاهتمام الكافي لحالة التوازن بين الموارد وحجم الطلب عليها أدى إلى إنعكاسات سلبية وخطيرة، خاصة في منطقتنا العربية الأمر الذي يحتاج إلى تضافر الجهود العالمية لإيجاد الحلول المناسبة.
وفي مجال البيئة نؤكد على أهمية التوعية بقضايا البيئة ولليونسكو دور أساسي عليها ان تضطلع به من أجل تعبئة التضامن الدولي لتخفيف حدة الأضرار الناشئة عن المخاطر الطبيعية. ويسعدنا أن تكون هذه المنظمة راعية للجائزة التي خصصناها لحماية البيئة الدولية التي ستسلم هذا العام للمرة الثامنة والتي تمنح لمكافأة الإسهامات البارزة التي يقدمها أفراد او مجموعات من الأفراد أو مؤسسات أو معاهد أو منظمات من مختلف دول العالم في مجال إدارة البيئة وصونها.
وفي الختام، نود أن نعرب عن تقديرنا للذين كرسوا حياتهم في خدمة اليونسكو من المسؤولين السابقين ومن أعضاء الأمانة وعلى رأسهم معالي كوتشيرو ماتسورا مديرها العام على جهوده المتواصلة لتفعيل دور المنظمة، لتتمكن من أداء رسالتها وبلوغ أهدافها، مع تمنياتنا الخالصة لكم بالنجاح في أعمال هذا المؤتمر المهم، سائلين المولى عز وجل أن يوفقكم لتحقيق أهدافه من أجل خير وتقدم البشرية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،