الحمد لله العلي القدير، والصلاة والسلام على البشير النذير، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن سلك طريقهم إلى يوم الدين..
أيها المواطنون الأعزاء..
إنه لمن دواعي البهجة والسرور أن نجتمع اليوم هاهنا لنحتقل معا بالعيد الوطني الثالث والعشرين المجيد.. ونحن إذ نستعيد ذكرى الأعوام الماضية منذ فجر نهضة عمان الحديثة، نجد اننا وبعون من الله قد قطعنا في مضمار الحضارة والرقي والتقدم أشواطا بعيدة، فالحمد لله على توفيقه ورعايته، وعونه وعنايته، وله الشكر على ما أولى وأسدى، وأرشد وهدى، وهو المسؤول أن يزيدنا من فضله واحسانه، وجوده وكرمه. انه نعم المولى ونعم النصير..
أيها المواطنون الكرام..
إن بناء الانسان العماني وتكوين شخصيته المتكاملة، وتعليمه وتثقيفه، وصقله وتدريبه، هوفي مقدمة الاهداف النبيلة، والغايات الجليلة التي نسعى دائما وأبدا إلى تحقيقها من أجل توفير العيش الكريم لكل فرد على هذه الارض الطيبة المعطاء. وكل ما تم إنجازه خلال الأعوام الماضية إنما هو خطوات على الدرب الطويل الذي يجب ان نقطعه معا متكاتفين متعاونين وصولا الى الغاية الكبرى التي تتمثل في بناء مجد هذا الوطن واعلاء رايته..
إن عام الشباب، ومن قبله عام الشبيبة، ما هو الا دعوة صادقة إلى الاهتمام بالانسان العماني الذي هو صانع الحضارة، وهدف التنمية، وأداة التطوير والتعمير.. دعوة نابعة من القلب إلى كل المسؤولين في القطاعين الحكومي والاهلي إلى إعطاء مزيد من العناية والرعاية إلى مختلف شرائح المجتمع، وخاصة تلك الشريحة التي تجسد الأمل الواعد للأمة في مستقبل أفضل ألا وهي الشباب. ولا يخفى ان اهتمامنا بالإنسان العماني لا يقتصر على عام دون عام، ولكن الهدف السامي المتوخى من هذا العام انما هو التذكير والتنبيه والتوجيه الصريح القاطع بأن يكون الشباب دائما في صميم اهتماماتنا لا نغفل ولو طرفة عين عن النهوض به فكريا وعلميا، وثقافيا ورياضيا، وفنيا وتقنيا. فبارتقاء الشباب في كل هذه المجالات ترتقي حياة المجتمع وتزدهر، وينمو الاقتصاد الوطني، وتجد الزراعة والصناعة والتجارة طريقها إلى التطور والتقدم. مما يؤكد الأثر المتبادل الذي تحدثه التنمية المتوازنة، ويؤدي إليه التطوير المتكامل..
إننا اذ ننادي الجميع للاهتمام بشبابنا ورعاية تطلعاته وطموحاته فاننا في ذات الوقت وبنفس القدر من الأهمية نوجه نداءنا المتجدد إلى الشباب بأن يعي دوره الكبيرفي بناء الوطن في مختلف الميادين، فيثمر عن ساعد الجد باذلا قصارى طاقته في الإسهام الإيجابي في حركة التنمية الشاملة، متدرعأ بالصبر والأمل، والعزيمة والعمل، والتضحية والإيثار من أجل حياة أسعد وأرغد لا يمكن تحقيقها الا بالجهد والعرق والتغلب على كل الصعاب التي يمكن ان تعترض الطريق أو تعرقل المسيرة..
إن توفير وتطوير برامج التدريب ومناهج التعليم، وانشاء مؤسسات التعليم المختلفة وخاصة التقنية والفنية والمهنية، والتوسع في إقامة المجمعات الشبابية التي تساعد على نشر قاعدة الرياضة وتسهم إيجابيا في الحركة الثقافية من جهة، واتاحة الفرصة للمواطن العماني للحصول على عمل مناسب في أي موقع من جهة أخرى، هو دائما وأبدا الهدف الأسمى التي تتضافر كل الجهود من أجل تحقيقه وانجازه. انها مسؤولية وطنية وتاريخية وعلى الجميع تحملها بكل صدق واخلاص وامانة وبروح الإيثار التي امتدح الله بها عباده المؤمنين في كتابه العزيز حيث قال جل وعلا ((ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة )) صدق الله العظيم..
وفي إطار هذا النهج، وانطلاقا من رغبتنا في تنويع مؤسسات التعليم بهدف إتاحة المزيد من الفرص لشبابنا، فقد اصدرنا تعليماتنا بإنشاء معهد عال للفنون على ارقى المستويات يضم عددا من التخصصات التي تؤدي إلى خلق جيل من الشباب يتمتع بمختلف الخبرات الفنية التي يحتاج إليها المجتمع.
أيها المواطنون الأعزاء..
لقد عملنا خلال العقدين الماضيين، وبكل عزم وتصميم، على وضع الخطط والبرامج العلمية المدروسة لتطوير الاقتصا د العماني وتنويع مصادر الدخل الوطني من أجل تقليل الاعتماد على النفط بصورة تدريجية كمصدر أساسي للدخل. وقد تحققت بحمد الله نتائج إيجابية ملموسة في هذا الصدد سواء في الزراعة أو الصناعة أو التجارة أو الخدمات. غير أنه من المعروف أن تطوير هذه المجالات جذريا وبشكل فعال ومؤثر لا يمكن ان يتم في وقت قصير وانما يحتاج إلى جهد باذل يستغرق سنين عديدة. وقد اتخذنا خلال الفترة الماضية خطوات ثابتة على الدرب الطويل نأمل ان تحقق في نهاية المطاف الغاية المنشودة باذن الله..
ان عمان كأية دولة في العالم تتأثر دون شك بما يحدث على الساحة الدولية. ولكن الجهود تبذل كيلا يتأئي الاقتصاد الوطني بشكل كبير بتقلبات السوق العالمية، وذلك من أجل ان نبقى قادرين على تنفيذ الخطط والبرامج الأساسية التي تهم المواطن وتهدف إلى إسعاده وضمان العيش الكريم له ولأفراد اسرته..
أيها المواطنون الكرام..
لقد انتهجت السلطنة منذ قيام النهضة المباركة نهجا مدروسا في سياستها الخارجية. وقد أتى هذا النهج بحمد الله ثماره الطيبة فاصبح لهذا البلد مكانته المرموقة على امتداد الساحة الدولية. اننا نعمل مع أشقاثنا في دول مجلس التعاون الخليجي على ضمان الاستقرار والأمن في منطقتنا. كما نسعى جاهدين إلى الإسهام في إرساء دعائم السلم وتخفيف معاناة الشعوب التي تكابد ويلات الحروب والظلم والاضطهاد . ومن هذا المنطلق ندعو إلى حل جميع المشاكل الإقليمية بالطرق السليمة التي تعطي لكل ذي حق حقه. وانه لمما يبشر بالخير أن نرى قضية من أهم القضايا في هذا القرن في طريقها إلى الحل وهي قضية الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، لقد رحبنا بالاتفاق الذي تم في هذا الشأن، ونحن تنطلع الآن إلى إحلال سلام شامل وعادل بين العرب واسرائيل يضمن المصالح والحقوق والمنافع المتبادلة لكل الاطراف. كما ندعو إلى بذل الجهود من أجل إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع العالم المضطربة على أساس من العدل والانصاف واحترام حقوق الانسان ومبادئ القانون الدولي..
أيها المواطنون الأعزاء..
إن الرغبة في بناء دولة عصرية تأخذ بأحدث أساليب العلم والتقنية لم تجعل هذا البلد الأصيل يتنكر لتراثه العريق وأمجاده التليدة، بل سعى دائما إلى مزج الحداثة بالأصالة. ففي الوقت الذي اقام فيه المنشآت الحديثة في مختلف مجالات الحياة أولى اهتماما كبيرا للمحافظة على تراثه المعماري بترميم القلاع والحصون والبيوت الأثرية. كما عمل على إحياء موروثة العلمي والثقافي من خلال جمع المخطوطات ونشر الكتب الدينية والأدبية واللغوية التي أسهم بها علماء عمان وأدباؤها في حركة الثقافة العربية على امتداد العصور..
وتأكيدا لهذا الخط الحضاري الذي انتهجناه فإننا نعلن العام القادم عاما للتراث العماني فبرز فيه اهتمامنا بهذا التراث العظيم من خلال خطوات عملية مدروسة تضعه في المنزلة العالية التي يستحقها. وسوف نحتفي ونعتفل بالعيد الوطني الرابع والعشرين بإذن الله في مدينة التاريخ والعلم والتراث.. مدينة نزوى التي كان لها دور، وأي دورفي هذا المضمار..
وفي الختام نرجه تحية خاصة إلى قواتنا المسلحة بمختلف قطاعاتها وتشكيلاتها والى كافة الاجهزة الأمنية، وذلك للدور الراثا الذي تسهم به في مسيرة البناء الشامل، وما تبذله من جهود مشكورة في سبيل المحافظة على إنجازات هذا البلد العزيز ودعم انطلاقته الخيرة..
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يسدأ خطانا، وان يسبغ نعمه ظاهرة وباطنة على هذا الوطن العزيز، وان يكتب له الأمن والاستقر اروالرخاء. انه علىها يشاء قدير. والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
وفقكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..