الحمد لله العلي القدير،إلى سواء السبيل،والصلاة على نبي الهدى
محمد صلى الله عليه وسلم.
شعبي العزيز: يا أبناء هذه الأمة العربية . أيها المواطنون في كافة ربوع وطننا الحبيب، يا أبناء عمان الأبية أينما كنتم وعلى أي بقعة من هذا العالم.
سلام عليكم وكل عام وانتم بخير وعزة وكرامة. جعل الله أيامكم أعيادا وجهودكم لبناء وطنكم أمجادا.
أيها المواطنون.. شكرا لله على نعمه الظاهرة والباطنة، شكرا لله أن انعم علينا بهذا اللقاء التاريخي في هذا اليوم الخالد. يوم عيدنا الوطني الثالث الذي نحتفل به اليوم وكلنا رجاء أن يأخذ الله بأيدينا إلى مواصلة العمل الصالح.
أننا أيها الإخوة امة انطلقت منذ ثلاث سنوات وخلال هذا الزمن حققت انطلاقتنا مكاسب تعتبر في تاريخ عمان علامات فارقة وشارات مضيئة تنير لنا طريق المستقبل نحو أهدافنا ونحن مسؤولون جميعا عن الحفاظ على تلك المكاسب ومسؤولون أيضا عن تحقيق مزيد من المكاسب وصولا ببلادنا إلى ذروة المجد والكرامة. إن عزائمكم القوية واندفاعاتكم الأصلية للنهوض ببلادكم هي الحافز المحرك لمسيرتنا المباركة. نبني ونعمر. نرفع صرح العمران شامخا.ونشيد لعمان حضارة عصرية راسخة الأركان. على أساس صلب من الدين ومن الأخلاق، والعلم النافع. فان رقي الأمم ليس في علو مبانيها ولا في وفرة ثرواتها أنما رقيها يستمد من قوة أيمان أبنائها بالله. ومكارم الأخلاق وحب الوطن والحرص والاستعداد للبذل والفداء في سبيل المقدسات.
أيها المواطنون الكرام.. تهب على منطقتنا رياح غريبة ومفاهيم عجيبة، دخيلة علينا جعلت ممن ينادون بها شيعا وأحزابا. باعدت بين الأخ وأخيه وفرقت بين الوالد والولد. وشتت شمل أب الأسرة تلك المفاهيم الدخيلة روج لها أناس البسوا الحق ثوب الباطل، وتحت الشعارات المظللة التي لا تنطلي إلا على البسطاء وذوي العقول الصغيرة. ارتكبوا أبشع الجرائم. وعاثوا في الأرض فسادا. لقد باعوا أنفسهم للشيطان وخدعهم بريق الأوهام وهم يسيرون في طريق محفوف بالشقاء يقودهم في النهاية إلى الهاوية. أن صراع الخير والشر صراع أزلي وانتصار الخير على الشر نهاية حتمية لذلك الصراع. ونحن نؤمن أن حزب الشيطان مدحور وحزب الله غالب منصور.
وفي هذا اليوم المجيد. يوم عيدنا الوطني. نتوجه بالتحية والتقدير إلى أولئك الأبطال. رجال قواتنا المسلحة في البر والبحر والجو ونقول لهم: كل عام وانتم بخير كل عام وانتم في قوة وتقدم وانتصار. كما نحيي شجاعة أولئك الرجال من فرقنا الوطنية، التي تشكلت بدافع من وطنيتها. لتحارب جنبا لجنب مع رجال جيشنا الباسل إرهاب العصابات الشيوعية في جبال ظفار المقاطعة الجنوبية من وطننا. أن الكفاح الذي نخوضه ضد الإلحاد هو واجب مقدس يفرضه علينا ديننا وتحتمه وطنيتنا وتؤكده عروبتنا.
وموقفنا بالنسبة لما يسمي جبهة تحرير عمان والخليج العربي هو في نفس الموقف الذي بدأنا به عهدنا الجديد. فقد قلنا آنذاك عفا الله عما سلف.عودوا إلى وطنكم واستأنفوا حياة البناء والتعمير فإن ظلام الأمس سيتحول إلى نور وإننا حميها نواجه مسؤولية تاريخية أمام هذا الوطن.وعلينا واجب التكاتف لبناء الدولة الحديثة. وقد استجاب المخلصون لهذا الوطن فهبوا إلينا من كل حدب وصوب، كل يشارك بجهود ويتحمل مسؤولية لينال شرف إذا وجماعات يكتشفون عمق الهاوية التي يقادون إليها ومدى التضليل الذي وقعوا فيه فيعودون إلى حظيرة الحق ويباشرون حياتهم العادية تحت ظل حكومتهم.إما أولئك الذين يصرون على التمرد والتخريب، أو يحاولون العبث بالأمن والصيد في الماء العكر، فإننا سنضربهم بقوة وسيتحملون مغيبة ما يفعلون.
إننا نقف بحز في مواجهة عمليات التخريب ولإلحاد والأفكار الشيوعية،حفاظا على شرف كياننا وحرمة مقدساتنا وإصرارا منا على دفع عجلة البناء قدما،والقضاء على كل العراقيل والتحديات.وكل ما نرجوه خير هذا الوطن وسعادة أبنائه.فنحن إذن بدأنا عهدنا بقلوب مفتوحة. بعد أن قاسينا مشاكل الماضي لأننا نريد تعويض ما فات، ولان طريقنا شاق طويل وبحاجة إلى كل الجهود.
أيها المواطنون.. واليوم.. وبعد ثلاث أعوام من العمل المضني ومن الجهد والعناء نقول الحمد لله.. ونحن نشعر بالارتياح بما تحقق لنا من منجزات ومكاسب. كانت ذات يوم خيالا لا يخطر على بال احد.. وكان تحقيقها على هذا النحو ضربا من أحلام اليقظة التي كانت تراودنا جميعا. وهذه المنجزات وتلك المكاسب يعيشها المواطن اليوم ويلمسها كل زائر لمختلف ربوع بلادنا.
ولئن كانت المقارنة بالأرقام والأحجام تدل على منجزات كبيرة. إلا أن قياس التطور الذي تم تحت الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وخلال فترة قصيرة يجعل المقارنة صعبة وعسيرة. مع أن نتائجها تدل بوضوح على قدرة هذا الشعب الفائقة على البذل والعطاء. كما أن النتائج المتطورة بما لها من دوام الحركة والقفز فوق الأرقام والمقاييس تجعل أرقام اليوم غيرها غدا.
فعلى سبيل المثال في ميدان التعليم لدينا في هذا العام أكثر من مائة مدرسة. وألف وثلاثمائة وخمسين مدرس ومدرسة. ونحو 38 ألف طالب وطالبة.وقد أمرنا بإنشاء مدرسة داخلية لتعليم أبناء النازحين من جبال ظفار (صلالة) والذين أنقذوا أنفسهم وأبناءهم من الإرهاب والتعاليم الشيوعية. حيث وفرنا لهم التعليم والسكن والغذاء.
وفي ميدان الصحة تقوم في مختلف السلطنة مستشفيات كبيرة وعيادات خارجية ومراكز صحية. تقدم الوقاية والعلم والتوعية الصحية للمواطنين فبالإضافة إلى المستشفيات الستة عشر توجد 55عيادة خارجية يعمل فيها 67 طبيبا وعشرة أخصائيين.
ولربط أجزاء البلاد ببعضها وتسهيل المواصلات، فان العمل يجري في تعبيد الطرق بهمة ونشاط. فبعد أن انتهى العمل في الطرق من العاصمة إلى صحار بدا العمل في طريق صحار- خطمة ملاحة كما بدا العمل أيضا في طريق نزوى السيب ويؤمل أن ينتهي خلال عامين. وفي نفس الوقت تم تحسين الطريق البري الذي يربط المقاطعة الجنوبية بالشمال، كما تم الاتفاق على مشروع طريق بحري يمتد من مسقط إلى مطرح ليسهل حركة النقل بين المدينتين ويؤمل إن يكمل المشروع في عام 1975م.
ومن جهة النقل البحر فإن المرحلة الأخيرة في بناء ميناء قابوس قاربت الانتهاء كما تم فعلا العمل في ميناء ريسوت بالمقاطعة الجنوبية وصار بإمكانه إن يستقبل البواخر الكبيرة وجرى تحسين ميناء صور ليكون صالحا لاستقبال السفن.
أما في ميدان الاتصال الجوي مع العالم فإن مطار السيب الدولي يماثل مطارات العالم الكبيرة في استقبال الطائرات ويحرص على راحة المسافرين ويوفر سائر الخدمات الأزمة لهم طوال ساعات اليوم.
ويفتح هذا الأسبوع المختبر المركزي التابع لهيئة التنمية العامة، كما يوضع حجر الأساس لمشروع مدينة قابوس.
ومن جهة أخرى وجهنا اهتمامنا إلى توفير المادة الأساسية للبناء فكان أن تم الاتفاق على تأسيس مصنع للأسمنت تبلغ طاقته الإنتاجية مليوني طن سنويا.
أيها الإخوة .. انه لم يكن ليتحقق لولا ما يسبغه الله علينا من عون وما نستمده من قدرته جل وعلا من قوة تدفعنا إلى مواصلة درب الإيمان بالله وبتعاليم رسوله الكريم والتماسك بما جاء في كتاب الله عاقدين العزم على النهوض بأعبائنا تجاه هذا الوطن كل في نطاق مسؤوليته.
أن الجميع في هذا الوطن سواسية لا فرق بين صغير وكبير وغني وفقير فالمساواة تفرض أن يكون الكل أخوة في ظل العدالة الاجتماعية الإسلامية والميزة والتفاضل بمقدار الإخلاص والكفاءة في العمل المثمر البناء والكل مدعوون إلى التنافس الشريف في خدمة هذا الوطن العزيز.
أيها المواطنون.. أما عن سياستنا الخارجية فقد عبرنا عن ملامح تلك السياسة في مناسبات مختلفة وأكدنا ممارستنا الفعلية لتلك السياسة على الصعيدين العربي والدولي.
إننا جزء من الأمة العربية تربطنا وحدة الهدف والمصير قبل أن يجمعنا ميثاق الجامعة العربية، وموقفنا من القضايا العربية واضح وصريح لا لبس فيه ولا غموض.
وقد أعربنا عن تضامننا مع إخوتنا العرب بكل ما نستطيع وأبدى الشعب العماني روحا أصيلة في الوقوف ضد العدوان الصهيوني. وتأييد الحق العربي في استعادة جميع الأراضي العربية التي اغتصبها العدو بالقوة والغدر والإرهاب.
وسنبقى دائما مؤيدين للحق العربي ندعمه بالدم والمال ونسانده بكل طاقاتنا حتى يعود الحق إلى نصابة وترتفع أعلام النصر على الرؤوس بعون الله.
كما تستمر عمان في جهودها المتواصلة ونشاطاتها الباسلة في الأسرة الدولية وتسهم بنصيبها في حل المشاكل والقضايا العالمية اثباتا لوجودها كعضو في هيئة الأمم المتحدة وإعرابا عن رغبتها الأكيدة في استقرار الأمن والسلام بين دول العالم المختلفة وإقامة علاقات الود والصداقة مع كل دولة تمد يد الصداقة لنا على اساس الأحترام المتبادل وعلاقات الند للند.
ولقد قمنا بزيارات متعددة لأشقائنا في الدول العربية لتوثيق عرى الأخوة وتبادل وجهات النظر معهم في القضايا التي تهمنا جميعا. كما حضرنا أخيرا المؤتمر الذي انعقد في الجزائر في شهر سبتمبر الماضي وشاركنا في مناقشاته وتوصياته ورسمنا الخطوط العريضة لسياسة بلادنا. تلك السياسة التي تتمثل في عدم التدخل في شؤون الغير. ورفض أي تدخل في شؤون بلادنا.وإقامة علاقات الصداقة والتعاون مع كل الدول المحبة للسلام. وتأييد نضال الشعوب في سعيها لنيل الحرية والاستقلال.
أيها الأخوة.. كل عام وأنتم بخير والله يوفقكم.
والسلام عليكم ورحمة الله