الحمد لله السميع العليم، والصلاة والسلام على من جاء بالنهج القويم، وعلى آله وصحبه ومن اتبع صراطه المستقيم.
أيها المواطنون الأعزاء..
في مثل هذا اليوم المبارك من كل عام نلتقي معا، لنحتقل بالذكرى المتجددة للعيد الوطني المجيد.. عيد النهضة العمانية الحديثة التي أشرقت على هذه الأرض الطيبة منذ ثمانية وعشرين عاما لتبعث في جنباتها حياة جديدة، زاخرة بالأمل، متطلعة إلى غد أفضل، ومستقبل أجمل.
ولقد كان من فضل الله علينا، وعلى هذا الوطن الغالي أن كانت الرؤية واضحة منذ البداية.. تلك الرؤية التي ساعدت على وضع التصورات لبناء مجتمع حديث، له فكره، وله أصالته، وله نظرته الاقتصادية القائمة على أساس تنويع المصادر والموارد وبناء القدرات البشرية التي توفر للاقتصاد القوة والمتانة، وتتيح لمختلف فروعه النمو الصحي، والتكامل الطبيعي، والتفاعل الحيوي، من أجل تنمية شاملة تواكب العصر، وتستشف آفاق المستقبل.
نعم كان ذلك من فضل الله. وكان من فضله تعالى أيضا وتوفيقه أن اقترن الأمل بالعمل الجاد، والهمة العالية، والعزم الأكيد. وها نحن اليوم نجني، بحمد الله، ثمار ذلك كله.. تطورا مشهودا في كل الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وخبرة واسعة جاءت نتيجة العمل الدائب، والممارسة المستمرة، فأضفت على حركة التطور المتنامية بعدا واقعيا يعصمها من مزالق الاندفاع والتهور، وينأى بها عن مشاكل الارتجال وعدم التدبر.
واذا كانت الأمور تقاس بنتاشجها فإنه يمكن القول بأن ما تحقق خلال الحقبة الماضية، بعون منه تعالى، هو إنجاز كبير يشهد به التاريخ لكم أنتم جميعا يا أبناء عمان. لقد صبرتم وصابرتم، وواجهتم التحديات، وذللتم العقبات، فرعى الله مسيرتكم، وكتب لكم السداد والتوفيق. فعمدا لله على ما أولى وأسدى حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. (( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم)).
أيها المواطنون الكرام…
نعلم جميعا أن الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة غير صحية، يخشى تفاقمها. ومن الأهور المسلمة أن اقتصاديات الدول مترابطة، بعضها يتأثي ببعض، نظرا لتشابك المصالح والعلاقات فيما بينها. ونظرا للركود الاقتصادي والكساد المفاجىء الذي طرأ على بعض الدول المستهلكة للطاقة فقد نتج عن ذلك تقليل طلب هذه الدول عليها. ولقد أشرنا مرات عديدة إلى أن النفط – إضافة إلى كونه سلعة ناضبة – فإن أسعاره معرضة، في كثير من الأحيان، للتذبذب وعدم الاستقرار، وأنه ليس من الحكمة وحسن السياسة الاعتمادعليه كمورد وحيد، لا سند له ولا بديل، لتمويل مشروعات التنمية. وها نحن نشهد اليوم التراجع، والانخفاض في أسعاره، الأمر الذي كان له،دون شك، آثاره على إيرادات الدولة، إذ أنه لا يزال المصدر الرئيسي للدخل القومي، وان بدرجة أقل مما كان عليه الأمر من قبل. ومما هو معلوم أننا دعونا دائما، على مدى السنوات المنصرمة، إلى التنويع الاقتصاد درءا لمخاطر الارتكاز على سلعة وحيدة، تتقلب مع أسعارها أحوال البلاد خفضا ورفعا. وقد تنبهنا لهذا الأمر- منذ البداية – بتبني سياسات متناسقة، لإرساء التنمية على قواعد قوية ثابتة، ودعائم متينة راسخة، تضمن للاقتصاد الوطني التنوع المتكامل، والنمو المتوازن. وعلى أساس من ذلك قامت الدولة بدعم الصناعة والزراعة، والتجارة والسياحة، وشجعت الاستثمار في هذه المجالات، وحثت على تطويرها، وعلى توفير المناخ الملائم لنجاحها، واستمرار عطاشها. وقد كان لذلك اثر واضح ودور لا ينكر، فيما تحقق من تقدم في هذا المضمار. غير أنكم تدركون أن هذه القطاعات لا يمكن أن تدر، بين عشية وضحاها، عوائد تعادل دخل النفط، فهي بحاجة إلى وقت أكثر، ورعاية أكبر، وتمويل أوفر، لكي تؤتي ثمارها ، وتؤدي الدور المرسوم لها في الاقتصاد الوطني، واذ ا كنا نرى أن ما أنجز حتى الآن، في القطاعات التي أشرنا إليها، يبعث على الرضا ، في ضوء الظروف المحيطة بعملية التنمية خلال المراحل السابقة، إلا أننا نود أن نؤكد أن الظروف الاقتصادية العالمية على المدى المنظور تجعل من التنويع الاقتصادي مسألة أكثر الحاحا من ذي قبل. وهنا يظهر التحدي الذي يجابهه كل من القطاع الخاص والحكومة من أجل دفع عجلة التنمية قدما، وعدم السماح بتعثرها أو تباطؤ أدائها بأي حال من الأحوال. إن القطاع الخاص مطالب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بأن يضاعف الجهد، ويسرع الخطى، ويتحلى بالثقة، ويستفيد من الفرص، الاستثمارية المواتية، في العديد من القطاعات الإنتاجية الواعدة، التي سوف يكون للاستثمار فيها أثر إيجابي ملموس في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الأعوام المقبلة إن شاء الله. وهو مطالب، إلى جانب ذلك، بأن يكون على وعي تام بالظروف العالمية المعاصرة، المتميزة بتحرير التجارة والاستثمار، والتي تستدعي أن تكون منشآتنا الاقتصادية على قدر عال من الكفاية، إدارة، وانتاجا وتسويقا ، بحيث تقوى على المنافسة، خاصة وأننا مقبلون على الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.
إن عام القطاع الخاص يجب أن يكون منطلقا لدور أكبر يقوم به هذا القطاع في دعم الاقتصاد الوطني وتنويعه، في توافق وانسجام مع الجهود التي تبذلها الحكومة لحفز الاستثمار الوطني والأجنبي، من خلال إنشاء بنيات أساسية جديدة، ومواصلة تحديث القائم منها، وتقديم الخدمات المتنوعة، وتحسين مناخ الاستثمار العام، وطرح برنامج للتخصيص مبني على أسس علمية وواقعية، يساعد على استمرار النمو الاقتصادي، ويزيد من الكفاءة الإنتاجية، ويتفادى الوقوع في براثن الاحتكار، إلى جانب المراجعة المستمرة للتشريعات وفقا لمتطلبات التطور، من أجل حماية النشاط الاقتصادي الخاص، وكفالة حريته، وتنويع أساليب دعمه وتشجيعه، خاصة فيما يتعلق بتيسير الإجراءات الإدارية، وتنقيتها من التعقيدات التي لا داعي لها ولا طائل من ورائها، كما نوهنا إلى ذلك في العيد الوطني الماضي. هذا بالاضافة الى إعادة النظر في السياسات والأنظمة التعليمية، والخطما والبرامج التدريبية، بهدف توجيهها نحو إعداد المهارات المهنية والفنية، التي تلبي حاجات القطاع الخاص، وتضمن الوفاء بمتطلباته، خاصة في قطاع الصناعة الذي يجب العمل، بكل عزم وقوة، على أن يكون في المستقبل المصدر الرئيسي للدخل في البلاد، أو على الأقل المصدر المعادل في إيراداته للنفط، إذ أن من شأن ذلك، إذا أخذنا في الاعتبار مصادر الدخل الأخرى كالتجارة والزراعة والسياحة والخدمات، أن يؤدي إلى خفض نسبة إسهام النفط في الدخل القومي، وفي تكوين الموارد المالية للدولة، إلى الحد المعقول الذي لا يسبب تعرضه للانخفاض انكماشا شديدا في الانفاق العام أو عجزا مؤثرا في الميزانية العامة.
ذلك هو دور الحكومة في تعزيز التنويع الاقتصادي، وعلى جميع إداراتها واجب التنسيق فيما بينها لتمكين المستثمرين من الحصول على خدمات كاملة وافية في وقت وجيز، وفي حدود المعقول من الضوابط والقيود القانونية التي تضمن توجيه الاستثمارات – خاصة الأجنبية منها – إلى تلك القطاعات التي ترمي الخطة الاقتصادية للدولة الى تنويعها وزيادة دورها في بناء الاقتصاد الوطني. إذ بدون مثل هذه الضوابط الضرورية ربما توجهة رؤوس الأموال إلى المضاربات التي تؤدي إلى عدم الاستقرار المالي والاقتصادي. إننا نريد استثمارا إيجابيا يعود بالنفع على المستثمر، ولكنه يسهم في الوقت ذاته في تنمية البلاد وتطويرها، وفي تدريب المواطنين على اكتساب الخبرة الفنية، والمهارة التقنية، في مجالات متعددة.. استثمارا يتسم بالاستقرار، لا بالحساسية المفرطة، التي تجعله يستجيب، في هلع شديد، لأدنى بادرة سلبية، محلية أوخارجية، تظهرفي الأفق، فيترك الساحة، في سرعة مريعة، مخلفا وراءه آثارا سيئة مالية واقتصادية واجتماعية.. والعياذ بالله.
واذا كان هذا هو دور الحكومة والقطاع الخاص في مجابهة التحديات الاقتصادية، ومواجهة الظروف غيرالمواتية، التي يمكن أن يتعرض لها الاقتصاد الوطني، لا سمح الله، نتيجة لبعض الآثار والانعكاسات السلبية للاقتصاد العالمي، فان المواطنين مطالبون كذلك بأن يدلوا بدلوهم في هذه المجابهة، وذلك بالحد من السلوك الاستهلاكي غير الواعي، وبالإقبال على الادخار، والمساهمة، كلما أمكن، في الاستثمار، عن طريق توظيف مدخراتهم في مشروعات مجدية، إنتاجية وخدمية، توسع قاعدة الاقتصاد الوطني، وتساعد على تنويعه وتطويره. ويمكن في هذا المجال للشباب العماني الذي يتعلى بروح المبادرة، ويرغب في ممارسة الأعمال الحرة، أن يستفيد مما سوف يقدمه صندوق تنمية مشروعات الشباب من وساثل لتمويل مشروعاتهم الخاصة، بعد التأكد من جدواها الاقتصادية، ومن مساندةفي تزويدهم بالخبرة، في النواحي المالية والاقتصادية والفنية والتسويقية والإدارية والتنظيمية، عن طريق مستشاريه وخبرائه. إن الهدف الأساسي من هذا الصندوق هو تشجيع الشباب العماني على إنشاء وامتلاك مشروعات صغيرة ومتوسطة توفر لهم ولغيرهم من المواطنين فرص العمل، وتسهم في إيجاد قطاع فعال من الصناعات في ات الحجم الصغير والمتوسط التي أصبحت الآن من العوامل الرئيسية المحركة للنمو الاقتصادي في معظم اقتصاديات العالم.
أيها المواطنون الأعزاء …
إن الانسان هو أداة التنمية وصانعها ، وهو إلى جانب ذلك هدفها وغايتها. وبقدر ما تتمكن التنمية، بمختلف أساليبها ووسائلها، من توفير الحياة الكريمة للفرد والمجتمع بقدر ما تكون تنمية ناجحة جديرة بأن يسعد القائمون عليها، ويفخروا بنتائجها الجيدة، ويعتزوا بآثارها الطيبة.
ذلك ما نؤمن به، وما سعينا دائما إلى تحقيقه. ولقد تحدثنا كثيرا عن هذا الأمر على امتداد الأعوام السابقة، غير أننا نود أن نؤكد اليوم، وبمناسبة عام القطاع الخاص، أن نجاح أية تنمية، وانجازها لمقاصدها، إنما هو عمل مشترك بين أطراف ثلاثة: الحكومة، والقطاع الخاص، والمواطنين. وعلى كل طرف من هذه الأطراف أن يتعمل واجباته بروح المسؤولية، التي لا ترقى الأمم فيدرجات التقدم والتطور إلا إذا تحلت بها، ولا تهوى في دركات التخلف والتأخر إلا إذ ا تخلت عنها.
ولسنا هنا اليوم بصدد تكرار تعداد ما قامت به الحكومة، من جهود كبيرة، في سبيل رعاية المجتمع العماني وتوفيوسبل العيش الكريم لكل أفراده، عن طريق التعليم والتدريب والتأهيل والرعاية الصحية والاجتماعية. فذلك أمر واضح لكل ذي عينين. ولكننا نود أن نهيب مجددا بالقطاع الخاص أن يكشف من مساندته للحكومة في مجال التنمية البشرية، بإيجاد مزيد من الفرص الوظيفية للعمانيين، والقيام بتأهيلهم وتدريبهم وصقل مهاراتهم، في ميادين العمل المختلفة التي يحتاج اليها قطاعهم، إذ أن من شأن ذلك توفير الاستقرار والحياة الكريمة، للقوى العاملة الوطنية، وتخفيض الاحتياجات الفعلية للعمالة الوافدة الى أدنى حد ممكن. ولا يخفى ما في ذلك من آثار إيجابية اقتصادية واجتماعية على الوطن والمواطنين.
والى جانب ذلك نؤكد أهمية ادراك المواطنين للدور الحيوي الذي يجب أن يقوموا به في سبيل إنجاح الخطط الحكومية في مجال التوظيف في القطاع الخاص، والإحلال التدريجي للكوادر العمانية، الماهرة وغير الماهرة، محل الأيدي العاملة الوافدة. فهناك فرص عديدة للعمل الشريف في هذا القطاع، وعلى الشباب العماني أن يقبل عليها، ويقبل بها، دون ترفع أوتردد أو استنكاف، وأن يسعى بجد إلى الالتحاق ببرامج التدريب والتأهيل، التي توفرها الحكومة والقطاع الخاص، من أجل صقل المهارات التي يمتلكها، أو اكتساب مهارات جديدة تحسن أداءه لعمله. فتطوير الموظف أو العامل لمستواه التعليمي والتقني والحرفي وانضباطه والتزامه بأداء واجباته الوظيفية على خير وجه، هوما يدفع به فعلا الى ارتقاء سلم النجاح بخطوات سريعة وثابتة.
إن تعاضد الحكومة والقطاع الخاص والمواطنين وتعاونهم في توظيف اليد العاملة الوطنية، وتدريبها وتأهيلها، هو بلا شك، من أهم العوامل التي تؤدي الى تحقيق الغايات الأساسية لخطط التنمية الرامية إلى بناء الانسان، وتطوير قدراته وخبراته من أجل توفير الرفاه والاستقرار للمجتمع. ومما نود الاشارة إليه في هذا المقام أن سياسات التعمين وبرامجه قد بدأت تؤتي نتائج طيبة. ومن المأمول أن تستمر، بالتعاون بين الجميع، في مواصلة اندفاعها المدروس نحو إنجاز غاياتها الجليلة، وأهدافها المرسومة إن شاء الله.
أيها المواطنون الكرام…
لقد بدأت مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ ثمانية عشر عاما. وخلال تلك الفترة شهدت المنطقة أحداثا كثيرة وخطيرة، استطاع المجلس، بكل ثبات، أن يصمد أمام أنوائها وعواصفها، وأن تمضي دوله قدما في تصميمها على التعاون والتساند، والتنسيق بين سياساتها، في مختلف الشؤون التي تمس حاضرها ومستقبلها. فهناك التنسيق السياسي، والعسكري، والأمني، إلى جانب التنسيق الاقتصادي والاجتماعي، والثقافي، الذي من شأنه تحقيق مزيد من التواصل، والترابط والتكامل، وتشابك المصالح التي تجمع بين أبناء دول المجلس، مما يرسخ دعائم النمو والتطور، ويثبت ركائز الأمن والاستقرار، ويقوي أواصر التعاون والتكافل، وصولا إلى الغايات الكبرى التي من أجلها أنشىء المجلس. واذ تنطلع إلى اللقاء بإخواننا قادة دول مجلس التعاون، خلال الشهر القادم، في ضيافة الأخ العزيز صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل فهيان، وذلك في القمة التاسعة عشرة التي ستنعقد، بإذن الله، في ابوظبي، فإننا ندعو الله عز وجل لمجلس التعاون، وللقمة القادمة، بالتوفيق والنجاح، في إنجاز خطوات جديدة، على درب التضامن والتآزر، والتعاضد والتناصر، من أجل حياة أسعد، وعيش أرغد، ومستقبل مشرق إن شاء الله.
أيها المواطنون الأعزاء…
لقد نص النظام الأساسي للدولة على المبادىء الموجهة لسياستنا. ولما كان هذا النظام إنما هو في واقع الأمر خلاصة التجربة الرائدة التي عاشتها عمان منذ انبلاج فجر النهضة المباركة، فقد كان من الطبيعي أن يحدد المبادىء التي اعتمدناها دائما في مواقفنا تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية، والتي تؤكد أواصر الصداقة، مع جميع الدول والشعوب، على أساس من الاحترام المتبادل، والمصلحة المشتركة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ومراعاة المواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية، وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة، وبما يؤدي إلى إشاعة السلام والأمن بين الدول والشعوب.
وفي اعتقادناأن الالتزام بهذه المبادىء من قبل الجميع من شأنه أن يوجد تعاونا أوثق، وتواصلا أعمق، بين الأمم على اختلاف مذاهبها السياسية، ومناهجها الاقتصادية، ومشاربها الفكرية والثقافية. كما أن من شأنه أن يقلل الأزمات والنزاعات الدولية، وأن يحد من الصراعات القومية والعرقية والدينية والطائفية، وأن يؤدي في النهاية إلى حلول عادلة للمشاكل الكثيرة التي بدأت تتفجر، بشكل لافت، في بعض أرجاء المعمورة، مما يعقد الصلات الإنسانية، ويهدد الحضارة البشرية، ويدمر منجزاتها.
إن من أوجب الواجبات، في نظرنا، ونحن على أعتاب قرن جديد، أن تعمل الدول على محاربة الظلم والاستبداد، وعلى التصدي لسياسات التطهير العرقي، وامتهان كرامة الإنسان، وعلى مجابهة احتلال أراضي الغير، وانكار حقوقه المشروعة، وأن تسعى إلى إقامة ميزان العدل، إنصافا للمظلومين، وترسيخا للأمن والسلام والطمأنينة في مختلف بقاع الأرض.
واذ ندعو إلى ذلك نناشد الجميع الوقوف بحزم مع حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، ومع حق الأشقاء في سوريا ولبنان في استعادة أراضيهم المحتلة، لأن ذلك وحده هو الذي يكفل الأمن، ويوطد علاقات حسن الجوار، ويعقق الرخاء والنماء، لجميع شعوب المنطقة.
أيها المواطنون الكرام…
السلام هدف الدولة.. ذلك مبدأ من المبادىء التي توجه سياستنا الداخلية والخارجية.. وهو هدف استراتيجي نعمل على تحقيقه واستمراره ضمانا للأمن والاستقرار، والنمو والازدهار. ولكن السلام الذي نؤمن به ليس سلام الضعفاء الذين لا يقدرون على رد العدوان، والمحافظة على كيان الدولة، واستقلالها، وسيادتها، وانما سلام الاقوياء الذين يعدون للأمر عدته كما أمر الله. ومن هذا الفهم الواعي فإننا نقوم بتطوير قواتنا المسلحة الباسلة وكافة أجهزة الأمن، وتزويدها بأسباب القوة الممكن توفيرها لتمكينها من أداء دورها في حماية الدولة وسلامة أراضيها، وكفالة الأمن والطمأنينة لمواطنيها والمقيمين فيها. واذ نعبر عن اعتزازنا بها، وتقديرنا العظيم لمهمتها، فإننا نؤكد استمرار رعايتنا لها وعنايتنا بها. وننتهز هذه المناسبة السعيدة لنخصها بالتحية والثناء الجميل، داعين الله لها بالتوفيق، في خدمة هذا الوطن العريق، مبتهلين إليه تعالى، في هذا اليوم الأغر، أن يسدد خطانا، ويرعى مسيرتنا، ويكتب لنا المزيد من التقدم والتطور، في ظل الإخاء والتعاون والمحبة، إنه نعم المولى ونعم النصير.
تهنئتنا لكم جميعا بعيدنا هذا، ونسأل الله أن يجمعنا العام القادم في مدينة عبري الواعدة لنحتفل بالذكرى التاسعة والعشرين لنهضتنا المباركة، ونحتفي بمنجزاتها التي سوف تتوالى على جميع وبوع عمان بإذن الله.
وفقكم الله، وكل عام وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،