الحمد الله العلي القدير ، الهاجي الى الصراط المستقيم والصلاة والسلام على نبي الهدى، محمد صلى الله عليه وسلم.
أيها المواطنون الكرام:
يسعدنا أن نلتقي بكم في هذا اليوم التاريخي العظيم الذي نحتفل فيه بالذكرى الثامنة لعيدنا الوطني المجيد، لنشارككم مشاعر الفخر ولاعتزاز بالإنجازات التي حققناها ولا نزال في شتى المجالات في بلدنا الحبيب. ففي مثل هذا اليوم من كل عام تحتل الروابط المقدسة والمتينة التي تربط أبناء هذا الوطن العزيز معا بأصدق معاني الحب والولاء والتفاني لعماننا الحبيبة ، ذاكرين أمجاد ماضينا العريق وانتصاراته المجيدة ، وناظرين الى الطريق أمامنا بعين ملؤها الأمل.
إننا بهذه المناسبة نود أن نشيد بأفراد قواتنا المسلحة الذين ناضلوا بكل قوة وبسالة في سبيل الدفاع عن أرضنا الطاهرة.
أيها الإخوة المواطنون.
إن وحدة الهدف، والولاء الثابت الذي لا يتزعزع لقضية كبرى لم يكونا في أي وقت من الأوقات أثر أهمية مما هما عليه في هذه الأيام العصيبة، ليس بالنسبة لنا نحن العمانيين، فحسب بل بالنسبة للأمة العربية بأسرها ، وفي تاريخ هذه الأمة العريق لم تكن أحوج الى الوحدة أكثر مما هي أحوج اليها اليوم، ذلك لأن القضايا الخطيرة التي تواجهنا الآن على المسرح الدولي تحتم على كل واحد منا أن يبذل قصارى جهده من أجل الحفاظ على حرية شعوبنا والدفاع عن ديننا الإسلامي الحنيف .
وكما هي الحال بالنسبة لأي أمة فإنه لشيء طبيعي أن تقع خلافات وستظل تقع خلافات في الآراء ووجهات النظر بين أعضاء أمتنا العربية ، ولكل عضو في هذه الأمة الحق لكي يعبر عن آرائه بحرية كلما نشأت الخلافات، لكن حرية التعبير يجب أن تتسم برح الأخوة الصادقة والنزهة عن الحقد والضغينة والتنافس وأن تكون مقرونة بعزم مشترك صادق التحقيق الآمال التي نصوب اليها جميعا وعلى زعماء عالمنا العربي أن يدركوا حقيقة أن الشعوب العربية لم تعد بعد الآن قادرة على احتمال الانحطاط الى مستوى التراشق بالتهم وافتعال الخلافات التافهة فيما بينهم، والتي كانت دائما سببا في تدهور العلاقات بين دولهم، كم في أحوال كثيرة كاد النصر أن يكون حليفنا، لكنه ما لبث أن أفلت من أيدينا ليقع في أيدي أعدائنا بسبب هذه التصرفات المواقف .
ان السؤال الذي يطرح نفسه هو ترى من المستفيد من هذه الخلافات والمنازعات والانشقاقات بين الشقيق وشقيقة؟ وما على المرء إلا أن ينظر حوله ليقف على الجواب، ان المستفيدين هم أولئك الذين يطمحون الى سيادة العالم، وذلك بجعل عالمنا العربي مسرحا للصراع السياسي والعسكري لتحقيق مطامحهم.
وبنما الزعماء العرب يشغلون أنفسهم بمخاصمة ومقارعة بعضهم البعض نرى هذا الشكل الجديد من الاستعمار آخذا بالتوسع، ومما يبعث على السخرية هو أن الذين يوجهون هذا الاستعمار الجديد لا يحاولون حتى إخفاء أطماعهم التوسعية أو تبريرها، وحين كانوا ذات مرة يزهون بأنهم يتولون سيادة بلاد وشعوب بأكملها من أجل خير وصالح تلك البلاد وشعوبها، أم للحفاظ على حريتها ضد أطماع ومؤامرات دول أخرى، أو لخدمة قضية الديمقراطية نراهم الآن يلتزمون جانب الصمت التام في الوقت الذي تزحف فيه قواتهم وقوات الذين يخدمون مصالحهم لإخضاع ضحاياها دون رحمة أو شفقة يقاومها ببسالة عدد قليل من المحبين لأوطانهم ، والواقع أن هذه المطامع الاستعمارية أصبحت الآن تمارس بصورة مكشوفة الى حد الاستهزاء بآراء الشعوب وبشرائع الأمم المتحدة وقراراتها بحيث لا أحد غير المغفلين يصدقون أعذار أرباب هذا الاستعمار البغيض. أن أرباب الاستعمار الجديد لا يستطيعون الرد على السؤال الماذا يجلب الآلاف من الجنود النظاميين من آخر المعمرة الغزو وتدمير بلدان لا يوجد بينها وبين حكومتهم أي نزاع، أو الرد على السؤال: لماذا تقام القواعد العسكرية العدوانية في البلدان التي نحن على يقين تام من أن شعوبها محتاجة الى أن تعيش في سلام ووئام مع جيرانها؟
إنهم ينتهجون هذه السبل بدافع الطمع في الاحتلال والتوسع واستغلال خيرات الآخرين، إنهم يسرعون غي استعمال قوتهم وإحكام قبضتهم مخافة مقاومة المخلصين لأوطانهم. ونحن اذا لم نتنبه لهذا الخطر المحدق بعالمنا العربي فإنهم سيتشجعون في محاولتهم، فنحن يجب أن ندرك أننا من الأهداف الرئيسية لهذه الأطماع التوسعية. كما أدركنا ايضآ أن العالم الحر لم يقم بأي عمل فعال سوى إصدار بيانات الاستنكار التي لا تجد أي صدى. ولذا يتوجب على قادة عالمنا العربي أن يوجهوا أنظارهم الى الخطر بدلا من المنازعات والمشاحنات الانقسامية.
أيها الإخوة المواطنون:
انه لحق واجب علينا أن نسأل أنفسنا ما هو موقفنا من المشاكل التي تواجه العالم، وما نقوم به لدرء الأخطار والاجابة هي أننا أظهرنا للملأ أننا نؤيد وسنواصل تأييدنا الصادق لجميع المبادرات التي تهدف الى ضمان سلام دائم وعادل في الشرق الأوسط.
إننا نرجو بأن تتحول جامعة العربية الى منبر فعال المناقشة قضايانا العربية بطريقة إيجابية بناءة وأن تكون أداة للعمل الايجابي والموحد على المسرح العالمي وأننا نتعهد بدعم هذا الهدم دعما تاما، كما أننا نؤكد استعدادنا لمد يد الصداقة الى جميع الذين يمدون يد الصداقة الينا على أساس الاحترام المتبادل والنوايا الطيبة، ولقد أعلنا بوضوح أننا سنقف الى جانب جميع الدول التي تعتزم المحافظة على حريتها والتي تعارض تدخل أي بلد في شؤون البلد الآخر، وبالتعاون والوثيق مع دول منطقتنا، هذه هي سياستنا التي ننتهجها ونتمسك بها.
أيها المواطنون الأعزاء .
إذا أردنا أن نقوم بدورنا بفعالية ينبغي علينا أن نكسر أنفسنا وجهودنا لهذا الدور وأن نعمل بجد وإخلاص لكي يصبح بلدنا قويا قادرا على الاعتماد على نفسه، ويجب أن نعتز بتراثنا العماني وبالروح التي قوت من عزيمتنا ومكنتنا من تحقيق النصر عبر سنين طويلة من الكفاح، وبهذا فقط يمكن لبلدنا الحبيب أن يبقى في أمن وسلام لأجيالنا القادمة، وأن نجعل الدول الصديقة تنظر الينا بعين ملؤها الثقة وان نجعل وألئك الذين يضمرون العداء يحترموننا.
إن الأعمال التي تقوم بها وزارتنا في خدمة أبناء شعبنا ذات أهمية حيوية لتحقيق هذه الأهداف، مهام إن مهام توفير حياة كريمة ومرفهة لشعبنا وإتاحة فرص التدريب لشبابنا وإعدادهم ليكونوا جديرين بتراثهم العظيم الذي سيؤول اليهم في يوم من الأيام ولتنمية مواردنا الاقتصادية ولتمثيلنا في المجس العالمية.
كل هذه الأمور هي أساس قوتنا، لقد حققنا الكثير من الانجازات لبلدنا، لكن هذا لا يعني أننا يجب أن نكتفي بالانجازات التي تحققت بل ينبغي أن نواصل جهودنا، وأن نتقاعس عن واجباتنا لخدمة عماننا بجدية أكثر، إننا كعمانيين نفخر بعمانيتنا وعلينا مسؤولية القيام بواجبنا نحو ديننا الإسلامي الحنيف وتمهيد الطريق أمام أجيالنا القادمة، لنكون جديرين بما أنعم الله به علينا.
وختاما نتوجه بالشكر لله العلي القدير، ونسأله عز وجل أن يديم بسط حمايته على بلدنا الحبيب وأن يمدنا بالقوة والعزم لكي نقوم بواجبنا لخدمة وطننا والبشرية جمعاء.
نهنئكم بالعيد ونرجو لكم أياما سعيدة ، وفقكم الله وسدد خطاكم إلى ما فيه خير هذا الوطن وعزته وكرامته. وكل عام وأنتم بخير.
والسلام عليكم وحمة الله وبركاته..