الحمد لله مستحق الحمد والثناء ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء ، وعلى آله وصعبه البررة الأتقياء . .
أيها المواطنون الأعزاء. .
يسرنا في هذا اليوم الميمون المبارك ، ونعن فعتفل بالذكرى الحادية والعشرين للنهضة العمانية الحديثة، أن نهنئكم بهذه المناسبة السعيدة الغالية حامدين الخالق عز وجل على توفيقه وعونه لما تحقق لنا بفضله من إنجازات كبيرة، فله الحمد على نعمه السابغة، وآلائه العظيمة. وهو المسؤول سبحانه أن يغدق على هذا البلد العزيز من فيض جوده أمنا واستقرارا ، ورخاء وازدهارا ، إنه كريم وهاب.
أيها المواطنون. .
ان تحقيق التنمية الشاملة المتكاملة في مختلف جوانبها وأبعادها غاية عظمى لا محيد عنها ، وهدف أسمى لا مناص من بلوغه. فبالعمل الدائب، والجهد المتواصل، والروح الوطنية المتوثبة تبنى الأوطان ويعلو شأنها ، والصناعة تعتبر ركيزة أساسية في هذه التنمية وبتطويرها على أسس علمية، وقواعد فنية، فإنها يمكن أن تسهم، وبشكل فعال في بناء الاقتصاد الوطني. ذلك ما أثبته الواقع في كثير من الدول. ومن منطلق اهتمامنا بهذا القطاع الحيوي خصصنا هذا العام للصناعة لتطوير قدرات البلاد في هذا المجال مستفيدين من تجارب وخبرات الدول التي كان لها سبق مشهود في هذا الميدان وذلك بهدف إيجاد صناعة حديثة ومتطورة تحقق الاعتماد على الذات قدر الإمكان، وترتقى بمستوى الإنتاج وجودته، في الوقت الذي تعمل فيه على تقليل تكلفته الى أدنى حد ممكن مما يساعدها على منافسة المنتجات الأجنبية في الد اخل والخارج. .
إن قيام صناعة قوية تؤيد دورها الوطني في التقدم والرخاء الاجتماعي مع المحافظة على نقاء البيئة ونظافتها إلى أبعد حد ممكن هدف استراتيجي نسعى إليه بكل جد ، وندعو المسؤولين والمستثمرين إلى تحقيقه. فالحفافظ على البيئة وصيانتها من أضرار التلوث لا يمنع من قيام صناعات نظيفة تأخذ بأسباب التقنية الحديثة وتواكب باستمرار متطلباتها المتجددة.
واذا كان دور الصناعة في بناء الاقتصاد الوطني جليا وغير منكور فإن هذا الدور لا يكتمل ولا يكتسب بعده الوطني الا بمقدار نجاح التنمية الصناعية في استخدام وصقل المهارات والكفاءات البشرية الوطنية من جهة، واستغلال موارد البلاد الطبيعية من جهة ثانية. فالتنمية ليست غاية في حد في ذاتها ، وانما هي من أجل بناء الإنسان الذي هو أداتها وصانعها ، ومن ثم ينبغي ألا تتوقف عند مفهوم تحقيق الثروة وبناء الاقتصاد ، بل عليها أن تتعدى ذلك إلى تحقيق تقدم الإنسان وايجاد المواطن القادر على الإسهام بجدارة ووعي في تشييد صرح الوطن واعلاء بنيانه على قواعد متينة راسخة لا تزعزعها هوج العواصف، ولا تنال منها صروف الدهر ونوائب الزمان. .
والى جانب الاهتمام بالعنصر البشري الوطني يتقين على الصناعيين استغلال الموارد الطبيعية التي حبانا الله بها ، من خامات ومواد أولية وتصنيعها محليا دعما للاقتصاد الوطني، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تنشيط حركة البحث والتنقيب عن مزيد من الخامات والمواد الأولية التي يمكن تصنيعها ، ومن ثم توفير فرص أكبر للعمل في مناطق مختلفة من البلاد تساعد على تحقيق الرفاهية للانسان العماني..
إننا لا نألو جهدا في دعم القطاع الصناعي وتوفير الحوافز المناسبة له وصولا إلى نهضة حقيقية في هذا المضمار تؤتي ثمارها الطيبة. غير أنه ينبغي لتحقيق ذلك مضاعفة الجهد من جانب القائمين على الصناعة من أجل مزيد من الكفاءة الإنتاجية والالتزام بمواصفات الجودة ومعاييرها. ولا شك أن التطوير المستمر للمنتج العماني نحو الأفضل يقتضي اهتمام الصناعة الوطنية بإجراء البحوث والدراسات اللازمة في هذا الشأن، والعمل على إيجاد قاعدة علمية تدفع عجلة التصنيع قدما إلى غايتها المنشودة.
لقد تابعنا باهتمام وتقدير الجهد الذي بذل هذا العام، بالتعاون بين الحكومة والمواطنين، من أجل تطوير قطاع الصناعة كما وكيفا. وندعو إلى أن يستمر هذا الجهد وهذا التعاون في المستقبل. فبالعمل الدؤوب المنتج. وبالعطاء المخلص الجاد تتعتق الأهداف البعيدة.. وتعبيرا عن رغبتنا في مواصلة هذا الجهد واستكماله للاستفادة من نتائجه، فإننا نعلن تمديد فعاليات عام الصناعة لمدة عام آخر تشجيعا منا لإقامة مزيد من المشروعات في هذا القطاع الحيوي تضاف إلى ما تم إنجازه في هذا العام والأعوام السابقة، وتأكيدا لاهتمامنا الدائم بتنويع مصادر الدخل القومي وتطوير اقتصاديات البلاد..
شعبنا العزيز..
إن المياه ثروة وطنية ينبغي المحافظة عليها والعمل على تنميتها وتطوير مصادرها. وهي نعمة كبرى من نعم الله التي يجب شكرها ، وعدم الإسراف في استخدامها حتى يبارك الله عز وجل في مواردها ومصادرها ((لئن شكرتم لأزيانكم )). واذ ا كان الإسراف مذموما بوجه عام في الشريعة الإسلامية فإنه مذموم بصفة أكبر في استعمال الماء، وقد نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن الإسراف في الماء حتى في الوضوء. إن تعاليم ديننا الحنيف تحثنا على الاقتصاد في استخدام المياه، وهي بذلك تعبر عن الأهمية القصرى لهذه الثروة الطبيعية وضرورة المحافظة عليها. لذلك فإننا نؤكد على احترام سياسات الترشيد التي وضعتها الحكومة في هذا المجال من أجل الاستغلال الأمثل لهذا المورد الذي له تأثير بالغ على استراتيجيات التنمية في مختلف دول العالم ومن ثم تكتسب القضايا المتعلقة به بعدا أمنيا وسياسيا خطيرا قد يؤدي إلى توترات دولية..
إن لدى الحكومة خطة لزيادة موارد المياه بالقدر الذي يتناسب وتطلعات السلطنة في هذا المضمار دون أن يعني ذلك التخلي عن سياسات الترشيد التي ستظل هي المؤشر الحقيقي على مدى قدرة المواطنين في الحفافا على الثروة الماشية.
ومن هنا فاننا نهيب بكم جميعا أن تتعاونوا مع الحكومة في تنفيذ الخطط والبرامج الموضوعة في هذا الشأن.. ونحن على ثقة تامة من أنكم ستتجاوبون بلا شك مع هذا النداء تأمينا لاحتياجاتنا الكبيرة من المياه سواء للزراعة أو لغيرها من القطاعات..
أيها المواطنون..
لقد كان إنشاء المجلس الاستشاري للدولة عملا رائدا في حياة المجتمع العماني، وتجربة مثمرة أتت أكلها الطيب في حينها، وقد عبرنا من قبل وفي مناسبات متعددة عن ارتياحنا للدور الإيجابي الذي أداه المجلس، والتجاوب الذي أظهره مع متطلبات كل مرحلة خلال السنوات العشر الماضية مما أدى إلى تعزيز الجهود المبذولة من أجل تنمية وتطوير محتلف قطاعات الإنتاج والخدمات في شتى مناطق السلطنة، فللمجلس منا الشكر والتقديرعلى ما قام به من عمل بناء ومثمر.
واليوم ها نحن أمام تجربة جديدة تعتبر خطوة أخرى على درب بناء الإنسان العماني وتوفير الفرصة له من أجل الاضطلاع بمسؤولياته في خدمة وطنه بصورة أكبر وأشمل، فقد اتخذت الإجراءات الخاصة بإنشاء مجلس الشورى تأكيدا للقرار الذي أعلناه في كلمتنا بمناسبة العيد الوطني العشرين المجيد وما تلا ذلك من قيامنا خلال جولاتنا بمختلف الولايات من توضيح للأسس والقواعد التي سيبنى عليها هذا المجلس. واننا لنعرب عن تقديرنا للطريقة التي تم بها اختيار الولايات لمرشحيها مما يؤكد وعي المواطن العماني، ويثبت أنه ينطلق في أداء مسؤولياته من حضارة في ذات جذور غائرة في أعماق التاريخ تشهد له بأنه قادر على الإسهام الإيجابي في مسيرة التنمية الشاملة لبلاد،، ولقد أعطتنا تجربة اختيار الأعضاء الذين يمثلون الولايات في مجلس الشورى مفاهيم جديدة سوف تتم الاستفادة منها في الفترات القادمة للمجلس، وخاصة فيما يتعلق بمراعاة التعداد السكاني لكل ولاية تحقيقا للتوازن المطلوب في تمثيل الولايات، ونحن إذ نهنيء المواطنين العمانيين بهذا المجلس الجديد لندعو الله العلي القدير له بالتوفيق والنجاح في المهام الموكلة إليه من أجل مستقبل أسعد وأرغد لهذا البلد الحبيب.
أيها المواطنون..
لقد انتهجنا دائما سياسة موضوعية في علاقاتنا الخارجية، فنحن نمد يد الصداقة والتعاون إلى كافة الدول التي تلتقي معنا على مبادئ التعايش السلمي بين جميع الدول والشعوب، والاحترام المتبادل لحقوق السيادة الوطنية.. وهي مبادئ نؤكد عليها ونعمل وفقا لها سعيا إلى تحقيق السلم والاستقرار، وضمانا لقيام علاقات إيجابية بين مختلف دول العالم.
واذ نواصل جهودنا مع أشقائنا دول مجلس التعاون من أجل استقرار منطقتناوخدمة المصالح الأساسية لشعوبها فإننا نود الإشادة بتضامن هذه الدول وتعاونها على اجتياز الأزمات، وسعيها الحثيث من أجل تطبيق قواعد القانون والمواثيق الدولية وترسيخ مبادئ الشرعية التي لا يتسنى بدونها للشعوب أن تنعم بالأمن والطمأنينة، وان تتفرغ لبناء قدراتها الذاتية في جو تسود ه روح الوفاق والتفاهم والثقة المتبادلة.
كما نود الإشارة في هذا الصدد إلى أن دول المجلس قد أوكلت إلى السلطنة وضع مشروع استراتيجية أمنية لدول المنطقة، وأن السلطنة قامت من جانبها بما يفرضه عليها واجبها حيال ذلك، ولدول المنطقة تحديد الإطار الذي يتناسب وقدراتها..
وفي هذا المقام وبهذه المناسبة الوطنية المجيدة، يطيب لنا أن نكرر تهنئتنا الصادقة لدولة الكويت الشقيقة قيادة وشعبا على عودة الأمور إلى طبيعتها داعين الله سبحانه وتعالى أن يمدهم بعونه، وأن يكتب لهم التوفيق والنجاح من أجل النهوض بالكويت لكي تقوم بدورها المعهود على الساحتين الإقليمية والدولية.
أيها المواطنون..
لقد شهدت الساحة الدولية خلال هذا العام تطورات كبيرة وجهودا ملموسة على طريق حل القضايا المزمنة والمشكلات المستعصية التي طالما أرقت العالم وعرضت الأمن والسلم فيه للخطر. واننا فؤيد هذه الجهود وندعوالى تكثيفها من أجل وضع حد للمعاناة التي ترزح تحتها شعوب عديدة تتمنى بزوغ فجر جديد يشرق عليها بالسلام والاستقرار.
لقد دعونا باستمرار إلى تسوية قضية الشرق الأوسط بالشكل الذي يحقق السلام الشامل والعادل لجميع الأطراف، ومن هذا المنطلق فإننا نرحب بمؤتمر السلام الذي افتتح بمدريد لمعالجة هذه القضية، ونعتبره خطوة هامة من شأنها تعزيز الأمن، وترسيخ الاستقرار في هذه المنطقة المضطربة، وتهيئة حياة أفضل لشعوبها وعلى الأخص الشعب الفلسطيني الشقيق الذي عانى من الاحتلال خلال نصف قرن مضى، ونرجو أن يتمكن هذا المؤتمرمن تحقيق الأهداف المتوخاة من عقده، ويتوصل إلى إقامة السلام الدائم العادل لدول المنطقة، ويعيد الى الشعب الفلسطيني المناضل حقوقه المشروعة ويضمن له العيش الكريم على أرض وطنه، وتكريس طاقاته لإعادة بناشه وتعميره، وتنميته وتطويره.
ونغتنم هذه المناسبة للاشادة بدور الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي في مواصلة السعي من أجل الوصول بمسيرة السلام إلى محطة الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم، كما نشيد بدور المجموعة الأوروبية في دعمها لهذه الجهود .
إن العالم يشهد هذه الأيام تحولات جذرية في كل الميادين. كما يؤكد أن عقد التسعينات هو بداية لظهور نظام دولي جديد نرجو أن لا يكون فيه مكان للصراع أو المواجهة بل للتعاون والتفاهم والسلام.
نكرر تهنئتنا لكم وتقديرنا لكل الجهود الخيرة التي تبذل من أجل هذا الوطن العزيز. ونتوجه إلى الله بالدعاء أن يسدد على طريق الخير خطانا ، وأن يكتب لنا النجاح والتوفيق في أعمالنا ، وأن يجعل البركة والنماء في هذه الأرض الطيبة الطاهرة.. إنه سميع الدعاء. .
وفقكم الله..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..