الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الامين، وعلى آله وصحبه الهدأة المهتدين..
أيها المواطنون الأعزاء…
انه لمن دلائل فضله تعالى ورعايته، وشواهد توفيقه وعنايته، ان نجتمع اليوم ها هنا.. في هذه المدينة الخالدة.. مدينة ملالة.. لنحتفل معا بالذكرى المجيدة السابعة والعشرين لانبلاج فجر النهضة العمانية الحديثة الذي امتد سناه ليعم كل ارجاء عمان، فيظهر من مفاخرها ما طواه النسيان، ويبرز من أمجادها ما نعتز به على مدى الازمان.
لقد احتضنت هذه المدينة، اول شعاع من ذلك الفجر الصادق، الذي شق بضيائه حجب الظلام، ومضى ينشر البشر، ويزرع الحياة، ويزيل آثار دهر طويل من الجمود أعاق حركة الوطن، وبدد طاقاته، فلم يعد قادرا على مواكبة العصر، ومجاراة الأمم. أجل.. من هذه الوبوع بدأت المسيرة المباركة اولى خطواتها في مضمار البناء والتعمير، والتحديث والتطوير، مفعمة بالعزم والامل، متوهجة بالجد والعمل، غايتها الكبرى بناء دولة عصرية، وهدفها الأسمى تحقيق الامن والرخاء والازدهار.
وانه لمن سوابغ نعم الله علينا أن المسيرة لا تزال مندفعة في طريقها المرسوم، بخطى ثابتة واعية، وعزم أكيد راسخ والحمد لله.
أيها المواطنون الكرام..
على مدى الأعوام الماضية من تاريخ النهضة المعاصرة تحققت، ولله الحمد، منجزات كبيرة في كل مجالات الحياة، وكما تعلمون وتشهدون فإن هذه المنجزات لم تكن لتظهر على ارض الواقع لولا الجهد الباذل، والعطاء المتواصل، والارادة الطامحة، التي تستشرف المستقبل، وتعمل من أجل غد افضل واجمل. فطوبى لكل يد عاملة تشارك في بناء نهضة عمان، في كل ميدان، ودعوة صادقة لبناء الحاضر ورواد المستقبل، للانطلاق نحو آفاق ابعد ، وساحات أرحب، ومقاصد أسمى وأعلى.
ان درب البناء طويل شاق، وعر المسالك ، كثير المعاب، لا يقوى على اجتيازه الى غايته القصرى إلا العاملون الصابرون، القادرون على مواجهة التحديات بروح وثابة، وعزيمة ماضية، وفكر ماثب، ورأي سديد . وأنتم. . أنتم جميعا . . اولئك العاملون. . فسيروا على بركة الله، وامضوا قدما الى ما فيه خيركم وصلاح حالكم.
أيها المواطنون الأعزاء. .
لقد عملنا خلال الحقبة الماضية على بناء الدولة العصرية المتكاملة في أجهزتها ومؤسساتها ، الملتزمة في مبادئها وسياساتها ، الواضحة في مواقفها وتوجهاتها . وكان صدور النظام الاساسي للدولة تتويجا لتلك الحقبة. وكما أشرنا في خطابنا بمناسبة العيد الوطني السادس والعشرين فان هذا النظام يعد القاعدة الاساسية التي ننطلق من خلالها لتحقيق المزيد من التقدم والرقي والتطور وهو يرسم صورة صادقة واضحة للمبادئ التي نلتزم بها في سياساتنا الد اخلية والخارجية، والتي تهدف في جملتها الى بناء الانسان العماني، وتطوير قدراته الذ اتية، وخبراته العلمية والعملية، باعتباره قطب الرحى الذي تدور حوله كل الأهد اف، وتحقق من أجله كل المنجزات، وتعد في سبيل تنشئته واعداده محتلف الخطما والبرامج والمناهج. تلك هي الحقيقة التي يجب ان يعيها كل فرد ، ويعمل في ضوئها كل مسؤول. فما المبادئ الموجهة لسياسة الدولة في شتى الميادين الا وسائل متعددة ترمي الى تحقيق غاية واحدة هي سعادة الانسان ورخاؤه ، ورقيه وتقدمه، وأمنه وسلامته، في ظل دولة قوية ناهضة، تحظى بالاحترام والمكانة المرموقة على امتد اد الساحة الدولية.
ذلك هو ما سعينا اليه منذ فجر النهضة المباركة. ولقد تحقق بحمد الله الكثير مما تطلعنا الى انجازه في مجال العلاقات الدولية، والاقتصاد والتنمية، والرعاية الاجتماعية، والتعليم والثقافة، والأمن والدفاع. ونحن ماضون نحو غايتنا في عزم واصرار، من أجل مزيد من المنجزات الهادفة الى تحقيق مستوى أفضل في شتى المجالات بعون الله.
أيها المواطنون الكرام..
لقد نص النظام الاساسي للدولة على ان (سيادة القانون أساس الحكم في الدولة). وتنفيذا لذلك فانه وان كان النظام القانوني قد شهد تطورا كبيرا خلال الحقبة الماضية، مواكبة لعملية التنمية الشاملة، ومساندة لها، الا اننا نؤكد على اهتمامنا باستكمال ما تبقى من العناصرفي هذا المجال خلال الفترة القادمة، وعلى الخصوص فيما يتعلق بتنظيم القضاء على أسس حديثة، من حيث المحاكم واختصاصاتها، ودرجاتها، والاجراءات القانونية الواجب اتباعها، والتي تكفل حق الدولة في صيانة الامن والاستقرار، وتضمن في ذات الوقت الحقوق العامة للأفراد والجماعات، مستمدين العون والقوة من العلي القدير، الذي أمر بالعدل والاحسان، ونهى عن البغي والعدوان.
إن تطوير التشريعات واضفاء المرونة على إجراءات تنفيذ احكامها ومعالجة المشكلات التي يظهرها التطبيق العملي لها، من شأنه ان يساعد كثيرا على ان تؤدي دورها في تنشيط الاقتصاد الوطني وتشجيع العاملين فيه على ممارسة اعمالهم في يسر ودون تعقيدات إدارية لا داعي لها ولا طائل من ورائها. لذلك فانه من واجب الجهات الحكومية المختصة ان تضع هذا الامر في مقدمة اولوياتها من اجل قيام قطاع خاص كفء وقادرعلى المنافسة والإسهامفي عملية التنمية.
وتقديرا منا للدور الحيوي الذي قام به هذا القطاع في تنشيط الاقتصاد الوطني وتطويره منذ قيام النهضة المباركة، وتشجيعا له على مزيد من الإسهام البناء في مسيرة عمان الحديثة نحو آفاق التقدم والازدهار، فاننا نعلن العام القادم عاما للقطاع الخاص بيرزفيه قدراته، ويظهرفيه انشطته، ويعبر فيه من خلال مساهماته المتميزة عن روحه الوطنية، ورغبته الاصيلة في خدمة مجتمعه، ورفع شأن وطنه ليكونفي مصاف الامم الناهضة المتقدمة.
أيها المواطنون الأعزاء..
وكما هو شأننا في الالتزام بقيمنا ومبادئنا في رسم السياسات الداخلية وتنفيذها فاننا لا نحيد عن المبادئ السياسية، والثوابت الأساسية، التي انتهجناها في مجال العلاقات الخارجية. فمواقفنا نابهة من قناعاتنا، وهي تعبر عن صدق توجهاتنا، ووضوح رؤانا، وواقعية تعاملنا مع محتلف القضايا والمشاكل الدولية والاقليمية.
واذا كان العالم لا يمكن أن يخلو من النزاعات والمشاكل بحكم تضارب المصالح فاننا نعتقد جازمين أن بناء الثقة بين الشعوب، وتأكيد اواصر الصداقة مع الدول، والعمل على تحقيق المصالح المشتركة، ومراعاة الشرعية الدولية، والالتزام بالمعاهدات والقوانين.. كل ذلك من شأنه ان يؤدي الى مزيد من التفاهم الواعي، والتعاون البناء، من أجل انتصار الأمن والسلام، وشيوع الطمأنينة والرخاء.
واذ نعبر من هذا المنبر عن تمنياتنا للعالم، بمختلف شعوبه ودوله، بالتوافق والاستقرار الاقتصادي والسياسي، فاننا فدعوقادته الى بذل جهد أكبرمن أجل تنمية التواصل، وتقوية الرو ابما، وتوثيق الوشائج، وصولا الى عالم أفضل يسوده الوئام، وينعم فيه الجميع بالعدالة والسلام.
أيها المواطنون الأعزاء..
يطيب لنا أن ننتهز هذه المناسبة لنتوجه اليكم بالتهنئة، وأن نخص بالتحية والثناء العاطر قواتنا المسلحة وسائر اجهزة الامن، معبرين عن اعتزازنا الكبير بدورها العظيم في حماية منجزات النهضة، والذود عن عرين الوطن، والسهر على أمنه وسلامته واستقراره، مؤكدين رعايتنا لها، وعنايتنا بها، لتظل دائما وأبدا الدرع المتين، والحصن الحصين.
ربنا اجعل هذا البلد آمنا، واجنبه نائبات الدهر، وأسبغ عليه من خيرك الوفير.. انك على كل شيء قدير.
سدد الله خطاكم، وبارك في أعمالكم..
وكل عام وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.