أيها الإخوة المواطنون:
في هذه المناسبة المجيدة، العزيزة على قلوبنا جميعا، ونحن نحتفل بعيدنا الوطني السابع، يسعدني أن ألتقي بكم هنا في هذا الجزء الغالي من بلدنا الحبيب، على أرض المنطقة الجنوبية أرض البطولة والأمجاد .
إن شعبنا اذ يحتفل اليوم بهذه الذكرى الوطنية العزيزة في جميع أنحاء البلاد.. من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب.. وفي الداخل.. وفي السهول.. وفي المدن والريف فانه يذكر بكل فخر وإعتزاز الانتصارات المجيدة.. والإنجازات العظيمة التي حققناها معا بالتلاحم والتآلف والعمل والكفاح والتضحية، يواجه المستقبل بإيمان عميق وقلوب ملؤها الثقة والعزيمة والأمل.
أيها المواطنون..
أود أن أستهل كلمتي اليكم في هذه المناسبة بأن أحيي الدور البطولي الذي قام به رجال قواتنا المسلحة الباسلة بكافة تشكيلاتها وكتائبها البرية والبحرية والجوية وفرقنا الوطنية الشجاعة على ما قدموه في ساحات القتال من بطولات وتضحيات ذودا عن حمى الوطن ودفاعا عن عقيدته ومقدساته حتى حققوا النصر النائي الحماس على الأعداء.
إن هذا النصر الذي تحقق يتجاوز بنتائجه حدود بلدنا الحبيب، فهو انتصار لكافة دول وشعوب المنطقة ضد خطر حاول تهديد هذه المنطقة بأسرها، وهو أيضا نتصار يمد بالشجاعة والعزم والأمل شعوب البلدان الأخرى المكافحة دفاعا عن أمنها وسيادتها واستقرارها.
واليوم..وحيث ينعم بلدنا بالأمن والاستقرار فإن قواتنا المسلحة تقوم بدور حيوي في زمن السلم مثلما قامت بدورها البطولي زمن الحرب، فقد قام رجال قواتنا المسلحة بالتعاون مع الأجهزة الأخرى في الدولة بمساعدة المواطنين المتضررين بالاعصار الذي أصاب بعض مناطق السلطنة خلا هذا العام..
كما أنهم يساهمون بصورة مستمرة في تنمية بلدنا الحبيب ورفاهية شعبنا.
وانطلاقا من الإيمان العميق بأهمية دور القوات المسلحة في السلم وفي الحرب .. فإننا نولي قواتنا الباسلة كل رعاية واهتمام حتى تكون دائما على مستوى عال من الكفاءة القتالية .. وحتى تظل درعا للوطن.. تذود عن حياضه ومقدساته وتساهم في مسيرة البناء والرخاء.
وإننا لنشعر اليوم بالفخر والاعتزاز إراء مستوى الكفاءة العالية التي تتمتع بها قواتنا المسلحة الباسلة،ولعل نظرة شاملة على العالم من حولنا تؤكد لنا مدى الأهمية الكبرى للحفاظ على ذلك المستوى.
إن أولئك الذين يسعون الى السيطرة على شعوب العالم قد أظهروا مرارا وتكرارا عزمهم على استخدام قوة السلاح ضاربين عرض الحائط بمبادئ القانون الدولي لكي يحققوا أهدافهم.
وفي أفريقيا، فإن حرية بعض الشعوب هناك تتعرض للخطر من جراء استخدام قوة السلاح دون رحمة أو شفقة.. والآن في الوقت الذي أتحدث فيه اليكم فإن إخواننا العرب هناك يناضلون من أجل استقلالهم ضد قوات توجهها وتمدها بالسلاح قوى خارجية تسعى إلى السيطرة الاستراتيجية.
وفي هذه الأيام التي نرى فيها حياة وحرية البشر في كل مكان مهددة بأطماع هذه القوى التي لا ترحم ، يتحتم علينا أن نكون دائما حذرين ومستعدين للدفاع عن بلدنا، ونحن واثقون من أن هذا الواجب المقدس الذي عهد به إليكم وهو الدفاع عن ديننا الإسلامي الحنيف والحفاظ على أمن واستقرار بلدنا الحبيب هو أمانة في اعناقكم .
أيها المواطنون الأعزاء…
إن الافتراض بأن الخطر الذي يهدد الدول ، والشعوب يبدو دائما على شكل قوة مسلحة، إنما هو افتراض خاطئ، فأعداء الحرية يستخدمون كل الوسائل والطرق المكنة لتحقيق أهدافهم.. ان هذه القوى التي تعمل غي غالب الأحيان فيظل شعارات زائفة عن الحرية والمساواة وحقوق الإنسان قد أعدت نفسها لتقويض وتحطيم أسس المجتمعات المستقرة.. وهذه القوى التي تزعم الدفاع عن الحرية،وتزعم الدفاع الشعوب الضعيفة والفقيرة، مصممة على إهدار الشرعية الدولية والقيم الإنسانية في كل مكان.
إن هذه القوى تحارب بكل ما لديها من وسائل الحرب والتخريب ساهية إلى هدم القيم والمبادئ والمثل التي تعلمها الإنسان عبر مئات لسنين وراتضاها أساسا بنظام حياته، كذلك فإن الدعايات المسمومة التي تستخدمها هذه القوى بذكاء ومهارة إنما تهدف الى تضليل عقول البسطاء من الناس الذين يسهل خداعهم، كما تهدف الى خداع الذين يرون في هذه الدعاية المسمومة دعوة لإطلاق غرائزهم الدفينة.
ان هذه القوى تحاول بالشعارات البراقة الزائفة عن الحرية والمساواة وحقوق الإنسان أن تهدر القيم والأخلاق والمبادئ والمثل وتهدر كرامة الإنسان، وكل ما يؤمن به.. وتكمن خطورة هذه الشعارات في أنها تحاول استغلال الشباب لتنفيذ مآربها ظنا منها أن الشباب لم يصل بعد إلى درجة الوعي التي تحصنه ضد الأفكار والتيارات الهدامة.
ورب سائل يسأل: ترى ما هي الغاية من هذه المحاولات؟ إن الغاية واضحة ومعروفة وهي دفع الدول والشعوب المستقرة الى حالة من الفوضى والاضطراب والانحلال الخلقي المادي باسم الحرية والمساواة وبحيث يصبح من السهل الانقضاض على هذه الدول والمجتمعات، لأن هذه القوى لا هم لها سوى السيطرة على العالم وإذا أجاز بلد لنفسه أن يحدث هذا – لا سمح الله- فإنه سيجد نفسه معرضا لطغيان بشع لا يعرفه الا الذين خبروه حيث تتحكم في حياة الناس مشاعر الخوف من معسكرات الاعتقال والشرطة السرية في ظل أنظمة حكم لا يستطيع معها أن يثق الإنسان، وحيث الدولة تلقين حتى الأطفال أن يبلغوا عن آبائهم ليزج بهم في غياهب السجون .
أيها المواطنون :
إن عمان قد دأبت باستمرار على أن تقوم بدورها كاملا على المسرح العالمي بالتعاون مع كل الدول الصديقة في سبيل الدفاع عن حرية الانسان وعزته وكرامته، وقد واصلنا أيضا العمل بالتعاون والوثيق بروح تتسم بالوفاق الأخوي في إطار جامعة الدول العربية دفاعا عن القضايا العربية ، إن هذا الدور الذي يقوم به بلدنا سيبقى دائما حجر الزاوية في سياستها الخارجية.
وعلى مستوى منطقتنا – منطقة الخليج – فإننا على يقين بأنه من الأهمية بمكان أن ندرك نحن ((دول المنطقة)) أهمية الالتزام بمسؤولية حماية أمننا والحفاظ علية.. ويسعدني أن أقول هنا أن تعاوننا المخلص الذي يميز علاقتنا مع دول المنطقة قد أسهم في تقدم شعوبنا ورقيها.
ولا ستعني هنا الا أن أعبر عن شكرى وتقديري للدول التي قدمت العون لعمان، وبالنظر الى العلاقات الوثيقة تربط دول المنطقة ومصالحها المشتركة، شؤسفني أن أقول إن علاقات السلطنة مع اليمن الجنوب لم يطرأ عليها أي تحسن خلال العام المنصرم، ذلك أن الجهود المتواصلة التي بذلتها الجامعة العربية،والدول العربية الشقيقة في هذا المضمار لم تحقيق أي تقدم بالرغم من تعاون عمان الصادق مع تلك الجهود، ونحن نأمل أن يحين الوقت الذي يدرك فيه قادة اليمن الجنوبية أن مسؤولياتهم تجاه الأسرة العربية والإسلامية التي ينتمون إليها أهم بكثير من التزاماتهم لخدمة مصالح وأطماع أعداء هذه الأسرة..
أيها الإخوة المواطنون..
إننا إذا أردنا أن نضمن لبلدنا القيام بدوره كاملا من أجل الخدمة قضايا الحرية والسلام، فإنه يجب علينا أن نواصل جهودنا لبناء وتعزيز قوة بلدنا، وأن نعد أجيالنا الصاعدة للمهام والمسؤوليات التي تنتظرهم، وبهده المناسبة التي نحتفل فيها بعيدنا الوطني السابع، يسرني أن أقول: أننا قد أحرزنا تقدما كبيرا هذا العام على الطريق تحقيق هذه الأهداف النبيلة..
ففي مجال التعليم الذي يحب أن يعتمد علية مستقبل بلدنا الحبيب تحقيق المزيد من التقدم حيث تم إنشاء أربع وخمسين مدرسة جديدة، وتم تعيين أكثر من ألف مدرس منذ العام الدراسي 75/1976، وبهذا تمكن ما يقرب من عشرة آلاف من أبنائنا أن يبدأوا حياتهم الدراسية هذا العام، وكان هدفنا الرئيسي ولا يزال هو إتاحة الفرصة لكل فتى وفتاة في السلطنة ليتلقوا تسع سنوات من التعليم كحد أدنى، ولقد أصدرنا أوامرنا ببذل كل جهد لتحقيق هذا الهدف النبيل بأسرع وقت ممكن.
وكنت في العام الماضي قد أعلنت لكم عن عزمي على إتاحة الفرصة أمام شبابنا ليس فقط لاستيعاب المناهج الدراسية، وإنما أيضا لاستيعاب حضارة بلاده وتراثها التاريخي العظيم وبعد دراسة دقيقة وصلنا الآن الى مرحلة إعداد منهاج دراسي لا يتطابق مع المستويات الدراسية العالمية فحسب، بل يتضمن أيضا فحوى هذا التراث الوطني العريق، فالتعليم يحب ألا يبقى وسيلة لتثقيف الفرد فقط، بل يجب أن يعنى أيضا بتكوين شخصيته حتى تلعب عمان دورا مهما في الشؤون العالمية ذلك أن التأثير المتزايد لحضارة ومدنية القرن العشرين على جوانب الحياة في بلدنا يجب أن يبدو جليا وواضحا لكل واحد منا، فالكثير من هذه المؤثرات قد جلب نعمة الصحة والحياة الأفضل لشعبنا وانه من الأهمية بمكان، بالإضافة الى المحافظة على القيم الدينية والخلقية العناية أيضا بالصحة الجسدية ووقايتها..
ويسرني أن أقول أيضا إننا قطعنا شوطا كبيرا هذه العام من أجل توسيع وتحسين الخدمات الصحية في السلطنة، فقد افتتح خلال هذا العام عدد من المراكز والمستوصفات الصحية في مصيرة وعبري وينقل، كما يجري حالا تنفيذ مشاريع لتوسيع مستشفيات صحار ، ونزوى، والبريمي، ومستشفى خولة بالعاصمة، فضلا عن التوسيع الذي تم بمستشفى النهضة، وذلك بهدف زيادة طاقة استيعاب هذه المستشفيات وتنويع الاختصاصات الطبية فيها..
وهنا في المنطقة الجنوبية، فإن دوائر الخدمات الطبية تسلمت الآن مسؤولياتها للعناية وتقديم الراعاية الصحية لأبناء شعبنا، وتقوم الفرق الطبية المتنقلة التي تضم كل واحد منها طبيبا مؤهلا، بخدماتها المستمرة، وهذه الرفق مجهزة تجهيزا كاملا وتستطيع الانتقال الى الأماكن التي يحتاج أهاليها الى خدمات طبية بطريق البر أو البحر أو الجو.
وفي المنطقة الشمالية تقوم فرق ممثلة بخدمة المواطنون هناك.. وتجرى الآن حملة تطعيم في كل أنحاء البلاد ضد الأمراض المعدية.. إن شعار خدماتنا الطبية يرتكز على الوقاية من الأمراض وليس معالجتها فقط..
وعلى مستوى آخر، وفي إطار رعايتنا الخاصة التي نوليها لشبابنا، فقد وافقنا على إعداد دراسية لإنشاء مجمع رياضي كبير، على مستوى عالمي، فضلا عن خطة وزارة شؤون الشباب للتوسيع في تنمية مواهب شبابنا وقدراته وتدريبه على حب حياة البحر تخليدا واستلهاما لما قام به أجدادهم عبر التاريخ، وبروح تنبع من تقاليدنا البحرية العريقة .
وتحت رعاية وزارة الإعلام والثقافة والوزارات الأخرى، ستقوم فرق من الشباب من أوروبا والشرق الأقصى بزيارة السلطنة خلال الأشهر القادمة كخطوة أولى في برنامج متواصل لتبادل الزيارات بين شبابنا وشباب البلدان الأخرى، إننا نعتبر هذه الاتصالات التي يقوم بها شبابنا أمرا بالغ الأهمية، ذلك لأنها تعطي لزوارنا من البلدان الاجنبية فكرة واضحة عن طريقة حياتنا العمانية، وتعرفهم عن كثب ببلدنا وشعبنا، وتمكن في نفس الوقت أبنائنا وبناتنا، من كسب المعرفة والاطلاع على أحوال الدول الأخرى، وعاداتها وتقاليدها ، ونحن على يقين، بأن مثل هذه الاتصالات المتبادلة سيكون لها أثر بالغ في تحقيق التفاهم الدولي وترسيخ السلام العالمي.
أيها المواطنون الكرام..
ان جميع هذه المشاريع والخطط المتصلة بتطوير التعليم، وتحسين الخدمات الطبية وتوفير فرص الحياة الأفضل لشبابنا، وسائر الأنشطة الأخرى التي تقوم بها مختلف الوزارات من أجل النهوض بعماننا الحبيبة وتقدمها وازدهارها ، إنما تعتمد على قوة اقتصادنا الوطني .
ويسرني أن أقول لكم، إن اقتصادنا الوطني قد حقق تقدما ملموسا في السنة الماضية.. فبالإضافة الى مصادرنا النفطية التي نحرص على تطويرها، فإن عملية تطوير احتياطي النحاس قد وصلت الآن الى مرحلة تمكنا من انتاج عشرين ألف طن من النحاس في السنة، بحلول عام 1980 الذي سنباشر فيه أيضا عملية استخراج عشرة ملاين طن من معدن الكروم، كما أن مصادر الغاز الطبيعي في عمان كافية لتمد السلطنة بالطاقة اللازمة للتطوير الصناعي، وفي هذا العام سنبدأ تدعيم صناعتنا السمكية بتصدير الأسماك بكميات متزايدة، كما أن زراعتنا آخذة بالنمو وستلعب أيضا دورا هماما في تدعيم اقتصادنا.. هذه كلها موارد قيمة ستستغل الى أقصى حد في التخطيط الهادف الى تنويع مصادر دخلنا وتحقيق نمو سريع لاقتصادنا الوطني، كما أننا سنعمل إن شاء الله، على تشجيع القطاع الخاص للاستثمار ليواكب التوسيع والنمو في مشروعاتنا الاقتصادية.
يا أبناء عمان الأعزاء..
إنكم تتابعون يوما بيوم كافة أنشطة الوزارات من خلال أجهزتنا الاعلامية التي تلقي الضوء على كافة ظواهر العمل والنشاط في سبيل بناء المجتمع المتطور، وتحقيق المزيد من آمال الرخاء والرفاهية لأبنائه.
واليوم.. وفي هذه الذكرى الوطنية العزيزة على قلوبنا جميعا، فإن كل عماني لدية من الأسباب التي تجعله يفخر بما حققناه معا من منجزات، ان بلدنا ولله الحمد، ينعم بموارد طبيعية تمكننا من بناء قوتنا الوطنية وتوفر لنا أيضا فوائد مادية كبيرة سينعم بها شعبنا.. ونحن عندما ننظر حولنا، نرى النعم التي أسبغها الله علينا، وعلى بلدنا الحبيب وفيرة ، لكن ينبغي علينا أن نضع نصب أعيننا دائما، وجوب المحافظة عليها بتكريس أنفسنا دائما لخدمة عمان وأبنائها وخدمة أسرتنا العربية وإسعاد البشرية جمعاء. مدركين دائما واجبنا تجاه ربنا وديننا ومجتمعنا..
ولا يفوتني في هذه المناسبة المجيدة أن أتوجه الشكر الجزيل الى صاحب الجلالة الأخ الملك الحسين بن طلال المعظم على مشاركة جلالته لنا في احتفالاتنا بالعيد الوطني السابع تلك المشاركة التي تجسد العلاقات الأخوية الوطيدة بين السلطنة عمان والمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة.
وانه يسعدني أن أعرب عن تقديرنا جميعا لما قدمه الأردن الشقيق من عون لنا خلال كفاحنا المقدس ضد أعداء عمان وأعداء الأمة العربية والإسلامية..
كما يسعدني أن أذكر بالتقدير الدور الايجابي الذي تنهض به العلاقات الطيبة بين البلدين في شتى المجالات لما فيه خير ورفاهية الشعبين الشقيقين ..
أيها الإخوة المواطنون..
إننا اليوم إذ نودع عاما ونستقبل عاما جديدا من أعوام نهضتنا.. فإننا نحيي كل من قام بجهد في سبيل إعلاء صرح نهضة هذا البلد.. ونحيي عامنا المقبل بالثقة والأمل.. ونجدد العهد للقيام معا بالمهام التي تنتظرنا في سبيل بتاء مستقبل هذا البلد الحبيب.. وكل عام وأنت بخير..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،