الحمد لله الذي قدر فهدى.. والصلاة والسلام على نبيه المصطفى .. وعلى آله وصحبه ومن بهديهم اقتدى..
أيها المواطنون الأعزاء..
إنه ليوم مشرق بالسعادة ، باسم بالأمل، شامخ بالعزة، مكلل بالمجد والفخر، هذا اليوم الذي نلتقي فيه للاحتفال بمناسبة تاريخية خالدة تتوج عشرين عاما من الجهد الباذل، والعطاء المتجدد لمسيرتنا الظافرة الزاهرة، فالحمد لله على ما أولى وأنعم، وأعطى فأكرم، انه مستحق الحمد والشكر، الذي تنوكل عليه ونرفع أكفنا بالدعاء إليه، أن يمدنا بعون من عنده، وأن يرفقنا إلى مزيد من التقدم والرخاء والازدهار.
شعبنا العزيز..
لقد تعهدنا قبل عشرين عاما بالعمل معا للنهوض بعماننا الحبيبة، وبناء الدولة العصرية تشمل مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وغيرها، كما تشمل تطوير الجهاز الإداري للدولة، وذلك في ضوء التقييم
الموضوعي لتجاربنا في العقدين الماضيين، ووفقا لرؤية واقعية واضحة للامكانيات وا لتطلعات.. لتكون استراتيجية عمل للدولة وأساسا معتمدا لخططنا وبرامجنا الإنمائية على المدى القريب والبعيد نحدد به معالم الطريق إلى المستقبل.
أيها المواطنون الاعزاء..
لقد كان للجهود الكبيرة التي بذلت في تنفيذ الخطة الإنمائية على مدار السنوات الماضية أثرها الإيجابيفي إقامة وتدعيم البنية الأساسية لمختلف القطاعات واستمرار النمو الاقتصادي والاجتماعي بمعدلات مناسبة، واذ نعتزم في بمشيئة الله . البدء في تنفيذ الخطة الخمسية الرابعة في العام المقبل فإننا قد أمرنا بإعطاء الأولوية في هذه الخطة لتعزيز واستكمال برامج التنمية في مختلف المناطق، وخاصة المناطق التي لا تزال بحاجة ماسة الى مشارين جديدة للخدمات.
وفي ذات الوقت فإننا نؤكد على الأهمية القصوى للقيام بجهد مكثف في المرحلة القادمة لتطوير اقتصاديات البلاد وفقا لبرامج مدروسة بعناية تهدف إلى تحقيق معدلات أكبر للنمو الاقتصادي، كما نؤكد بصفة خاصة على ضرورة الاستمرار في التركيز على استغلال الموارد الزراعية والسمكية الاستغلال الأمثل، لما لهذه الموارد من أهمية متزايدة لتدعيم الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره.
وانطلاقا من عنايتنا المستمرة بتطوير مختلف القطاعات الإنتاجية، وفي ضوء ما حققه تخصيص عامين للزراعة من مردود طيب فإننا نعلن العام القادم ( 1991م) عاما للصناعة، وذلك وفقا لمفهوم خاص يأخذ بعين الاعتبار الصناعات التقليدية والحرفية إلى جانب الصناعات الحديثة.
إننا نهدف من وراء تخصيص عام للصناعة إلى إبراز دور هذا القطاع كقطاع إنتاجي مهم يساهم في بناء الاقتصاد الوطني، كما نهدف إلى توجيه اهتمام الحكومة والقطاع الخاص إلى ضرورة وضع أسس مدروسة للتنمية الصناعية ضمن إطار يعطي الأولوية للصناعات التي تعتمد على المنتجات الزراعية والسمكية إضافة إلى الصناعات الخفيفة والوسيطة التي تقوم على مواد خام محلية، وتلبي احتياجات أساسية للبلاد، وتوفر مزيدا من فرص العمل أمام المواطنين..
وانه لمن الضروري أن يواكب ذلك اهتمام مماثل بتنشيط وتجويد الصناعات التقليدية والحرفية وتوفير الحافز للمشتغلين بها تشجيعا للاقبال عليها، لما لها من جدوى اقتصادية واجتماعية كبيرة، فضلا عن أهميتها كتراث عماني أصيل يجب المحافظة عليه باستمرار.
شعبنا العزيز..
لقد كان إنشاء المجلس الاستشاري للدولة تجربة متميزة نابعة من صميم واقعنا العماني.. أتاحت للمواطن قدرا كبيرا من المشاركة في جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تقوم بها الحكومة، وأعطت أمثلة بارزة لما يمكن أن تقدمه هذه المشاركة من إسهام إيجابي وفعال في بناء وتنمية البلاد.
ومن هنا.. كان حرصنا على تدعيم هذه التجربة باستمرار وتمكين المجلس من أداء دوره في مسيرة النهضة الشاملة، كما أبدى المجلس في فتراته المتعاقبة تجاوبا كبيرا في اضطلاعه بهذا الدور على أكمل وجه.. سواء بتقديم الرأي والمشورة في الخطط والبرامج الإنمائية أو اقتراح الوسائل التي تساعد على تنفيذها، فضلا عن إسهامه مع الحكومة في القيام بجهود مشتركة من أجل تنمية أشمل وأفضل لجميع مناطق البلاد وتطوير مختلف قطاعات الإنتاج والخدمات..
ولقد كان لهذا كله أثره الواضح في نضج التجربة وفي تأكيد وتعميق روح التعاون والتفاعل بين الحكومة والمواطنين في إنجاز مهام التنمية ودفع عجلة التقدم خطوات واضحة وملموسة..
وتقديرا منا لهذا النجاح الذي أحرزته التجربة العمانية في مجال الشورى، وتحقيقا لوعدنا بالعمل على تطويرها بما يوفر مزيدا من الفرص أمام المواطنين لمشاركة أوسع في تحمل المسؤولية والإسهام في بناء الوطن فإننا قد قررنا إنشاء (مجلس للشورى) تمثل فيه جميع ولايات السلطنة، دون أن يكون للحكومة أعضاء في هذا المجلس، وانما تكون العضوية بالكامل لممثلي الولايات، وذلك في خطوة أخرى على طريق المشاركة تخدم تطلعات المواطنين وطموحاتهم حيثما كانوا في سائر أرجاء البلاد، وقد كلفنا جهات الاختصاص في الدولة باتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الشأن ليباشر المجلس مهامه – بمشيئة الله – مع احتفالاتنا بالعيد الوطني القادم..
إننا إذ نتخذ هذه الخطوة انطلاقا من مبادئ الشريعة الإسلامية الغراء، وتأكيدا للنهج الإسلامي الذي تترسمه البلاد فإنها تأتي كذلك وفقا لتقاليد راسخة في العمل برؤية وتدرج وبالمستوى الذي يلائم واقع الحياة في بلادنا، ويواكب تقدمها المستمر في مختلف المجالات، وذلك مع الانفتاح على تجارب الآخرين بما يثري التجربة العمانية دون تقليد لمجرد التقليد ، واننا لندعو الله أن يبارك هذه الخطوة لتؤتي ثمارها الطيبة لخير بلادنا في حاضرها ومستقبلها.
أيها المواطنون..
إن الإنسان.. في كل التجارب الناجحة للأمم والشعوب.. هو غاية التنمية يجني ثمارها ويسعد بمكاسبها، وهو أيضا وبنفس المستوى من الأهمية وسيلة التنمية وأدائها الفعالة لتجسيد خططها وبرامجها إلى واقع ملموس يحقق الخير للجميع، ومن هنا فإننا قد سعينا عبر الأعوام العشرين الماضية إلى تركيز أقصى الجهد لتحقيق مستوى الحياة الكريمة للمواطن، واعداده في ذات الوقت لدوره الأساسي في بناء الوطن. وقد أحرزت جهودنا في هذا المجال تقدما كبيرا وأعطت ثمارا طيبة والحمد لله..
وفضلا عن هذا .. وايمانا منا بضرورة تهيئة كل الظروف أمام المواطن للقيام بواجبه في جميع مجالات العمل فإننا قد أصدرنا توجيهات للحكومة بتوفير كافة الإمكانات اللازمة لتطوير برامج التأهيل والتدريب للقوى الوطنية العاملة، إلى جانب تقديم الدعم اللازم للشباب الذي يلتزم بالاعتماد التام على نفسه في عمل مستقل، كما يلتزم بتشغيل العمالة الوطنية، وذلك بطرح مشاريع صغيرة جادة ومدروسة أمام الشباب ليبدأ من خلالها حياته العملية في نشاط خاص به، معتمدا على قدراته ومهاراته في القيام بهذه المشاريع والاستفادة منها فيما يعود عليه وعلى مجتمعه بكل الخير..
إننا إذ نبدأ مرحلة جديدة في بناء الوطن يتعتم فيها أن نعتمد على قوانا البشرية إلى أبعد مدى في كافة قطاعات ومجالات العمل الأهلي والحكومي فإن كل عماني مطالب اليوم وأكثر من أي مرحلة مضت أن يشعر عن ساعد الجد ويبذل الجهد والعرق، وأن يكون له دور فعال يؤديه بكل الجد والمثابرة والحرص على المشاركةفي بناء وتنمية البلاد..
كما يتوجب علينا جميعا أن نضع نصب اهتمامنا باستمرار، وفي كل الأحوال أن الطموحات العظيمة للأمم والشعوب لا تتحقق صدفة أو بالاعتماد على الآخرين، وانما تتعتق بالاعتماد على النفس، والعمل الدؤوب، والجهد الخلاق والمبدع، والعطاء الصادق الاخلاص والمشاركة الواعية والمسؤولة.. وهذا هو ما ندعركم إليه اليوم لتحقيق ما تنطلع إليه من طموحات عظيمة لبناء عمان الحاضر والمستقبل.
أيها المواطنون..
إننا نولي دائما اهتماما خاصا لبناء قواتنا المسلحة على أسس حديثة، وقد بذلنا في ذلك جهدا كبيرا إلى أن وصلت والحمد لله إلى مستوى يعتز به كل عماني، وانه ليهمنا اليوم أن نؤكد عزمنا على القيام بجهود أكبر للارتفاع بهذا المستوى إلى مكانة رفيعة ومقدرة لا يستهان بها، وذلك بإعدادها وتسليحها وتطويرها كما وكيفا بكل ما يمكنها من أداء واجبها الوطني المقدس بكفاءة أكثر..
واننا لنغتنم مناسبة احتفالنا بالعيد الوطني المجيد لنتوجه بالتحية والتهنئة إلى قواتنا المسلحة الباسلة بجميع قطاعاتها وتشكيلاتها.. تعبيرا عن اعتزازنا وتقديرنا لاستعدادها المتميز، ويقظتها الكاملة للذود عن تراب الوطن، والسهر على أمنه بكل جدارة واخلاص، كما نتوجه بالتحية والتهنئة إلى مختلف أجهزة الأمن لتفانيها في أداء واجبها الوطني النبيل بكل الحرص على خدمة المجتمع وتأمين راحته في كافة أرجاء البلاد..
أيها المواطنون..
لقد كان للسياسة الموضوعية الواضحة التي ننتهجها منذ البداية على الصعيد الخارجي أثرها الفعال في بناء علاقات إيجابية متنامية مع مختلف الدول والشعوب، واذ نسعى بكل إخلاص للعمل على تطوير هذه العلاقات بما يخدم الأهداف والمصالح المشتركة، ويساهم في تحقيق السلم والاستقرار على كافة المستويات الإقليمية والدولية.. فإننا نؤكد اليوم من جديد على الاستمرار في سياستنا التي تقوم على الإيمان بمبادئ التعايش السلمي بين جميع الدول والشعوب، والاحترام المتبادل لحقوق السيادة الوطنية.. وحسن الجوار بين الدول المتجاورة.. وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير..
إننا نعمل دائما وفقا لهذه المبادئ، ونمد يد الصداقة والتعاون للجميع، كما نحرص على القيام بدور بناء على الساحة الدولية، وندعو باستمرار إلى حل جميع القضايا والمشكلات التي تنشأ بين الدول بالطرق السلمية.. ومن هذا المنطلق.. فإننا نؤكد على ضرورة التوصل إلى حل سلمي لأزمة الخليج يقوم على القرارات الدولية ويعيد إلى دولة الكويت سلطتها الشرعية..
واذ نواصل جهودنا ومشاوراتنا حول التطورات الراهنة مع قادة العديد من الدول الشقيقة والصديقة فإننا نعرب عن تقديرنا للدور الإيجابي الذي يقوم به الأخ خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز في هذا المجال، ونتطلع إلى أن تثمر كافة الجهود والمساعي المبذولة في التوصل الى تسوية سلمية للأزمة.. لتتهيأ أمام شعوب المنطقة الفرصة للعمل على تكريس طاقاتها للبناء والتنمية في ظل مناخ يسوده التآخي والوئام والثقة المتبادلة، بما يعيد إلى المنطقة مجددا نعمة الأمن والاستقرار ويجنبها اخطار الحرب والدمار..
أيها المواطنون..
إننا نود الإشادة بالجهود الجادة والمثمرة التي بذلها مجلس الوزراء والقائمون على أنشطته في ترجمة سياستنا وتوجيهاتنا من أجل رفعة هذا البلد وتقدمه، كما نشيد بالأجهزة الأخرى في الدولة على مساهمتها الفعالة في مسيرة البناء ونعبر في هذا المجال عن ارتياحنا لما يقوم به الإعلام العماني من إبراز للمواقف التي تتخذها البلاد تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وننوه على وجه الخصوص بالأسلوب الذي يتبعه في تناوله للأحداث بكل الصدق والموضوعية دون مبالغة أو تهويل.
وفي الوقت الذي تتزايد أهمية دور الإعلام في الحياة المعاصرة للمجتمعات والشعوب فإنه لمن الضروري العمل على تطوير الإعلام العماني ليؤدي رسالته في تنمية قدرات المواطن وتوعيته بدوره الأساسي في بناء وطنه، وليساهم كذلك في توطيد علاقات الصداقة والتعاون مع الأسرة الدولية.
أيها المواطنون الأعزاء..
إننا إذ ندعوكم للتطلع الى مستقبل يبشر بالخير فان علينا جميعا أن نواجه مسؤوليات المرحلة الجديدة بكل الإيمان والثقة، ومضاعفة الجهد بروح من التعاون والتكاتف.. لنحقق لعماننا الحبيبة ما نرجو لها من تقدم ورفعة.. ربنا عليك توكلنا، واليك أنبنا، فوفقنا إلى مزيد من التقدم والرقي، وأسبغ علينا فضل بركاتك التي لا تنقطع، وأيدنا بنصرك الذي وعدت للمؤمنين الصادقين، العاملين من أجل أمتهم وأوطانهم .. إنك نعم المولى ونعم النصير..
وكل عام وأنتم بخير..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..