وجه جلالة السلطان قابوس المعظم الكلمة السامية التالية إلى الشعب العماني الكريم بمناسبة حلول العام الهجري الجديد 1396 الموافق 6 يناير 1976
بسم الله الرحمن الرحيم
أحمدك يا من أجرى الأفلاك على نظام مستقيم، وتباركت من قائل (( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم))
تسبيحا .. وتقديسا لمن احكم نظام الكون تذكرة لأولي الألباب وضبط حركة الشمس والقمر لتعلموا عدد السنين والحساب
وأصلي وأسلم على أفضل من هاجر لنصر الإسلام سيدنا محمد رسول المحبة والسلام إذ هاجر صلى الله عليه وسلم من
دار مولده مكة إلى المدينة، أكرم الله به أهلها وجملهم على الوفاق والوئام، بعد التناحر والخصام.
أيها المواطنون إننا إذ نحتفل بالعام الهجري الجديد فإننا نحتفل له شأنه العظيم في تاريخ الأمم نحتفل بيوم منه بدأت إنطلاقة الاسلام
القوية بعد معاناة دامت ثلاثة عشر عاما، فمن دار الهجرة إنطلقت السرايا لتأديب المارقين، وحكم السيف على الجاحدين، ومن دار
الهجرة بعثت البعوث لهداية المسترشدين، ولتعليم المهتدين، حتى عم الإسلام وإنتشر معه السلام.
أيها المواطنون: إننا ندخل في عام ستة وتسعين وثلاثمائة بعد الألف والإسلام بحمد الله مرفوع الرأس قوي الساعد ثابت الأركان متأصل
في الإنسانية والمكانة موفور الكرامة صامد كل الصمود لكل المحاولات التي تبذل من الشيوعية الدولية لفتح ثغرة في جسم الإسلام المتلاحم
وذلك من فضل الله فإلى مزيد من التعاضد. وإلى الرشد والترشد من التناصر وإلى روابط أشد من الأخوة وإلى الإعتصام بحبل الله، بقوة أكثر.
أيها المواطنون: أود في هذا اليوم أن أتحدث إليكم عن المستقبل، مستقبل أرضنا الطيبة، وشعبنا العريق، فطةال السنوات التي كافحنا فيها بقوة وبسالة
من أجل تطهير بلادنا الحبيبة من عصابات الإرهاب الشيوعي الأثيم، كنت أتطلع بأمل ولهفة إلى اليوم الذي تتطهر فيه أرض هذا البلد الطيب، لكي تكرس حياتنا
وكل طاقاتنا للواجب الأسمى ألا وهو السير بهذا البلد عن طريق التقدم والإزدهار والرفاهية لشعبنا، وقد بزغ فجر ذلك اليوم بحمد الله ونصره، وشجاعو أبناء الشعب
العماني وصمودة ومع أن العدو الذي مني بهزيمة مريرة قد تجهر بالتهديد والوعيد، فإن بلادنا أصبحت أخيرا مطهرة طاهرة، لذلك أود اليوم أن أشاطركم بعضا من خططا
وآمالنا للمستقبل، وأن نذكر لكم شيئا ما عن المهام الكبرى التي تنتظرنا، وفي هذا السبيل فإننا نعتزم اعطاء الأولوية لتحسين مستوى المعيشة لكل واحد من أبناء شعبنا
في سائر أنحاء البلاد وتوفير الحياة الكريمة وكرفاهية للمزارع والطالب والكاتب والعامل وأهالي الريف والمدن، والذين يجلسون في الجبال والسهول وفوق هذا كله
فإننا عازمون على إتاحة الفرصة لأجيالنا الصاعدة الشبان والشابات لكي يعدوا أنفسهم ويتمكنوا من أن يقوموا بدورهم في مصير بلادنا الحبيبة انني سأوليهم رعاية خاصة
فهم أبناؤنا، وإليهم سيؤول كل ما ناضلنا وكافحنا من أجل تحقيقة، فهم لا يجب أن يتلقوا التعليم حسب قدراتهم فحسب، بل يجب أيضا أن تتاح لهم الفرصة للإفادة من هذا التعليم
ليتعودوا حياة كاملة مثمرة.
لقد أمرنا وزراءنا المسؤولين من تنفيذ سياستنا بالعمل على تنفيذها بدون تأخير وبالرغم من أنه تم تحقيق الكثير من الإنجازات في السنوات الخمس الماضية، فما زال هنا الكثير
الأعمال الواجب اتمامها فيجب علينا الآن أن نوسع آفاقنا وأن نبذل جهدا جديدا في كل ميدان من الميادين.
وبالنسبة للترفيه الإجتماعي يجب أن نقوم بمشاريع جديد لتحسين الحياة اليومية لأفراد شعبنا، وأن نقدم المساعدة للمحتاجين، وأن نوفر التسهيلات الترفيهية وغير ذلك من الخدمات
لتعليم الكبار وتطوير مشروعات التدريب المهني، وتشجيع الناس على الإهتمام بتراثنا الثقافي والأدبي، الذي يحفل به تاريخ بلادنا، ويجب أن نمضي قدما وبخطى حثيثة لتطوير
الخدمات الطبية، وبناء الطرق ومشاريع الري، والإسكان والصحة العامة والزراعة ولإستغلال جميع مواردنا ومصادر النعمة التي أنعم الله عزوجل بها علينا بطرق تعود بالفائدة
القصوى على أبناء شعبنا.
وفي هذا يجب أن نخطط بطرق واقعية فلا أحد يمكنه الإفتراض بأن كل هذه الأشياء يمكن تحقيقها بين عشية وضحاها، بل علينا أن نسير أعمالنا وننجزها وفقا لمصادرنا وقدراتنا.
هذه هي بإختصار الأهداف التي ننوي اتباعها بمعاونتكم التي هي ولا شك الأساس في تحقيق ما نصبو إليه، فإذا كرسنا جهودنا لهذه المهمات النبيلة بنفس العزم والإصرار والصمود
الذي أبديناه لتطهير بلادنا من الشيوعية الآثمة، فإن النجاح حليفنا بمشيئة الله ومنه نستمج العون والتوفيق.
أيها المواطنون إذ يسرني أن أهنئكم بهذا العام الجديد وأهنئ العالم الإسلامي قاطبة لارجو الله أن يعيده دواما علينا جميعا بكل خير وقدرة واستقرار، إنه على ما يشاء قدير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.