بسم الله الرحمن الرحيم
وبعون الله العلي القدير نفتتح اليوم المجلس الاستشاري للدولة.. تحقيقا لما وعدنا به.. واستمرارا لسياستنا الرامية إلى إتاحة قدر أكبر من المشاركة للمواطنين في الجهود التي تبذلها الحكومة تنفيذا لخططها الاقتصادية والاجتماعية.. على نحو يؤدي إلى إبراز وتضافر طاقات وقدرات أبناء بلدنا الحبيب.. ويساهم في تحقيق ما نصبو إليه من آمال كبار في مختلف ميادين التطور.
أعضاء المجلس الكرام:
إننا إذ نعهد إلى مجلسكم بمهمة إبداء الرأي والمشورة.. في السياسة العامة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. فإننا نريد بذلك أن يكون المجلس إطارا لجهد مشترك بين القطاعين الحكومي والأهلي.. يتناول بالدراسة أهداف وأبعاد خططنا الانمائية.. والأولويات المقررة لمشروعاتها والمعوقات التي قد تصادف تنفيذ هذه الخطط، والحلول المناسبة لها، ولهذا كان حرصنا على تمثيل القطاعين الحكومي والأهلي معا في هذا المجلس.. تمثيلا يحظى فيه القطاع الاهلي بالأغلبية في عدد الأعضاء الذين يمثلون مختلف المناطق، وذلك لكي يكون المجلس على مستوى الهدف النبيل الذي أنشئ من أجله، وهو أن تؤخذ رغبات وحاجات المواطنين بعين الاعتبار في رسم سياستنا الوطنية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، ولكي يكون المجلس ايضا مجالا حيويا للتفاعل والتكامل بين الآراء والتعاون التام بين الحكومة والمواطنين فيما نحن بصدده من مهام وواجبات المرحلة الراهنة من مراحل التنمية.
أعضاء المجلس الكرام:
لقد اتخذنا منذ البداية سياسة تقوم على الترابط الوثيق بين الحكومة والمواطن في الاضطلاع بمسؤولياتنا وواجباتنا تجاه وطننا الحبيب.. وها نحن اليوم.. نخطو خطوة أخرى .. تأكيدا لهذا الترابط.. وتجسيدا لحرصنا على توسيع القاعدة الاستشارية وفقا لمتطلبات مراحل التطور التي تعيشها البلاد.. ووفقا لمبدأ أساسي التزمنا به دائما، ولن نحيد عنه أبدا.. وهو أن تكون كل تجاربنا، وكل أعمالنا نابعة من صميم واقعتا العماني، ومتوائمة مع القيم والتقاليد السائدة في مجتمعنا الإسلامي، ذلك أن التجارب الانسانية قد أكدت ولا تزال تؤكد في كل زمان ومكان أن أسلوب التقليد المجرد، أسلوب عقيم.. وأن أسلوب الطفرة أو القفز فوق الواقع العملي والظروف الموضوعية لأي مجتمع يؤدي دائما إلى مخاطرة جسيمة، لهذا نرفض التقليد، ونرفض الأخذ بمذاهب وأنظمة الطفرة ونؤثر أسلوبنا الواقعي في التفكير والتطبيق بعد أن أثبتت مسيرتنا صحته وجدواه ونحن لا نخطو إلا بعد دراسة عميقة وقناعة تامة.. وحين نمارس العمل فإننا نراقب ونرى النتائج. رائدنا في ذلك الاستجابة لمنطق التطور.. والانفتاح على رحابه الواسعة والسير نحو أهدافنا بخطى واثقة.
والآن – وبعد أحد عشر عاما من الكفاح المتواصل – أبدى فيها شعبنا روحا عالية في التعاون والعمل بكل العزم والاقدام والبسالة، فإنه ليغمرنا جميعا شعور الفخر والاعتزاز بكل ما حققناه معا لبلدنا الحبيب من استقرار وإنجازات في مختلف المجالات، على الرغم مما واجهنا من تحديات وأخطار.. لقد وصلنا – بعون الله وتوفيقه – إلى مرحلة رسخنا فيها أقدامنا على الطريق .. وحققنا أهدافا كانت تبدو في الماضي القريب أمرا بعيد المنال.. وبدأنا هذا العام تنفيذ الخطة الخمسية الثانية.. منطلقين بها انطلاقة أكبر وأشمل في كل ميادين العمل والبناء.. ساعين إلى تركيز جهودنا.. وبأقصى ما نستطيع.. على تنمية واستثمار طاقاتنا ومواردنا البشرية والطبيعية.. وتكريس ثمار هذه الجهود لخير المواطن ورفاهيته. إن ذلك كله يبعث الرضا في نفوسنا لكنه يضعنا جميعا أمام مسؤوليات وواجبات أكبر للحفاظ على أمن واستقرار بلادنا.. وحماية ما أنجزناه من تطور وتقدم.. وتحقيق طموحاتنا في مستقبل أكثر رخاء، وازدهاراً، علينا أن نستمد من تجاربنا الماضية عزما جديدا وتصميما أكيدا على العمل متعاونين متكاتفين بكل ما لدينا من طاقات البذل والعطاء والتفاني في أداء الواجب، لنكون دائما في مستوى القدرة على تذليل الصعاب وقهر التحديات وبلوغ الأهداف التي رسمناها لأنفسنا من أجل خير بلادنا.. وخير أجيالنا الحاضرة والقادمة.. ولنكون قادرين كذلك على القيام بمسؤولياتنا تجاه منطقتنا .. وتجاه أمتنا العربية والاسلامية والبشرية جمعاء.
أعضاء المجلس الكرام:
إن مجلسكم إذ يبدأ الآن مباشرة مهمته في مختلف مجالات التنمية، فإننا نأمل أن تقوموا بحمل الأمانة، وأداء الواجب الذي يقتضي منكم أن تتلمسوا مصالح المواطنين الحقة، وتتدارسوا احتياجاتهم، وتضعوها نصب أعينكم حين تبدون الرأي والمشورة، وأن تتوخوا الواقعية والموضوعية في معالجة الأمور، وأن تتفانوا في خدمة الوطن والمواطن على نحو يتكافأ مع نبل وشرف المهمة الموكولة إلى مجلسكم.. والأهداف السامية لمسيرتنا على طريق البناء والتقدم والله أسأل أن يمدنا جميعا بعونه وتوفيقه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته